خاص – nextlb
إستعدت العديد من المطاعم الشعبية التراثية في المناطق اللبنانية لإستقبال شهر رمضان ، بالرغم من الأوضاع الإقتصادية الصعبة ، وظروف وباء كورونا التي تلقي بظلالها على أجواء المطاعم في لبنان ، فلجأ اللبنانيون خلال شهر الصوم الى المنازل خوفاً من الفايروس العنيد .
وبالمقابل نشطت خدمة التوصيل (الديليفري) حتى من المطاعم الشعبية التي واكبت التطور وتأقلمت بشكل سريع مع الوضع ، بدءاً من مدينة طرابلس في شمالي لبنان وصولاً الى جنوبه في مدينة صيدا ومروراً بالعاصمة بيروت التي لا تزال تضم أعرق المطاعم الشعبية منذ خمسينيات القرن الماضي .
وتشكل الأكلات والوجبات التي تعدها المطاعم الشعبية ، الذاكرة التاريخية للمواطن العربي كما في معظم مدن وعواصم العالم العربي مع تسجيل تشابه قوي في نوعية مصدرها وهويتها وطريقة طهيها ، وكذلك والمواد الأولية المستخدمة في إعدادها ، وهي جزء لا يتجزأ من تاريخ كل مدينة بشكل خاص ، بالرغم من أن بعض المدن تشتهر بأكلات وأطعمة معينة وتقصد من زبائنها بشكل دوري ، وفي الوضع العادي فإن رواد المطاعم الشعبية هم زوار المدينة من المناطق البعيدة لأداء بعض الحوائج والمعاملات بالإضافة الى سكان المدينة وأهلها .
منافسة مطاعم الوجبات السريعة
صحيح أن العديد من مطاعم الأكلات الشعبية تراجعت في العقود الأخيرة بشكل كبير أمام “طغيان” مطاعم الوجبات السريعة الأجنبية ووجبات الهمبرغر التي تختصر الوقت والمال ، ولكنها لا تزال تحظى بإهتمام لا بأس به وبخاصة في الشهر الفضيل ، وهي لهذه الغاية قامت بتعديل توقيت عملها ليتناسب مع شهر الصوم ، وصارت تجهز الوجبات بدءاً من فترة بعد الظهر حتى تكون وجباتها جاهزة وساخنة قبل الغروب و عند إطلاق مدفع الإفطار .
وتقدم المطاعم الشعبية الصحن اليومي التي يشكل الطبخ اليومي في المنازل ، ولكن في طليعة الوجبات الدسمة فتة المقادم ( فتة الكوارع عند الأخوة المصريين ) بالإضافة الى “الفوارغ والمحاشي” وطبق ال ” نيفا” (لحمة الراس)
nextlb زارت أحد أعرق المطاعم في العاصمة بيروت منذ الستينيات ، ومن أوائل المطاعم التي تمددت الى خارج مدينة بيروت القديمة الى الأطراف ، الى منطقة البربير التي صارت بعدها بسنوات نقطة مهمة تشكل انطلاق وسائل النقل العام والخاص من بيروت بإتجاه معظم المناطق اللبنانية .
مطعم “منصور وعلما” أحد هذه المطاعم ويستقبل زبائنه دون انقطاع منذ عام 1967 ، ويعتمد أساساً في وجباته “الدسمة” على مشتقات الخاروف البلدي الذي يعد منه أحد أهم الوجبات الرمضانية الشهيرة : “فتة المقادم بالسمن العربي” وهي كناية عن أطراف الخاروف المطهو مع مرق اللحم يضاف اليه الخبز المحمص ، ويقدم أيضا طبق “الفوارغ” المحشية بالأرز واللحم مع البهارات ، وكذلك ” راس النيفا” ( لحمة الراس عند إخواننا المصريين).
ويقول مدير المطعم ل “سكاي نيوز عربية” وهو منهمك في إعداد الوجبات :” نستعد بشكل خاص في شهر مضان للإفطارات ، ونزيد مع أطباقنا ، طبق الفتوش الغني بالخضار والذي لا غنى عنه في شهر رمضان ، وتكون أطباقنا جاهزة قبيل الغروب بقليل ، صحيح أن وباء كورونا أثر على الخدمة داخل المطعم ولكننا نقوم بالتوصيل بشكل متواصل وبخاصة قبيل الإفطار”.
كبار القوم والأكلات الشعبية !
وعن الذكريات الرمضانية التي يتذكرها مدير المطعم خلال أكثر من 50 عاماً من العمل في خدمة زبائن المدينة يقول :”كان كبار القوم يزورننا في وقت الغداء ، وفي رمضان عند الإفطار وأهم الشخصيات من السياسيين والعامة ، من أهل بيروت ومن خارجها ، وحالياً نتابع نشاطنا ونقدم مع “فتة المقادم” و”المحاشي” ، خدمة “الصحن اليومي” تماماً مثل الطبخ اليومي المنزلي ، من الأرز والفاصوليا والبازيلا والملوخية بالدجاج واللحم والبطاطا “.
ويضيف بأسى :”طبعاً لقد أثر الوضع الإقتصادي وارتفاع أسعار اللحوم والمواد الأولية والحبوب سلباً على عملنا ، ولكن الحمد لله نتابع خدمة زبائننا الذين يكملون معناً الطريق منذ سنوات عديدة ، ونحافظ على هذا الإسم الذي هو جزء من تراثنا وتاريخنا ، وقد نورثه لأولادنا إذا أرادوا ذلك “.
عدسة nextlb