طبيب القلب عمر زهيري” شبابنا يدفعون ثمن الإهمال الطبي… والموت المفاجئ يزداد”

حاورته إكرام صعب
*من التدخين إلى الضغوط الاقتصادية… طبيب قلب لبناني فرنسي يشرح خريطة المخاطر
* الطبيب الشاب عمر زهيري “ثلاثة فحوصات تنقذ الحياة: يحذّر من ثقافة “انتظار الأعراض” في لبنان
* يربط زهيري الأزمات اللبنانية بازدياد أمراض القلب والموت المفاجئ
* ويدعو إلى ثورة صحية في ثقافة اللبنانيين القلبية
*أمراض القلب لم تعد “غربية”: يشرح لماذا يتهدد الخطر الشرق الأوسط
*الموت المفاجئ عند الشباب… ويشدد على إجراء: “الصورة الصوتية، الجهد، والتخطيط هي خط الدفاع الأول”
*الضغط النفسي عامل قاتل صامت… : “الوقاية المبكرة هي السبيل الوحيد


لم يعد الخطر القلبي محصورًا بعوامل وراثية أو بسلوكيات معروفة مثل التدخين وارتفاع الضغط والسكري، بل بات الضغط النفسي الذي يعيشه اللبنانيون يوميًا يحتل مكانة مساوية لها في الدراسات الطبية الحديثة. هذا ما يؤكده الطبيب الشاب المتخصص بأمراض القلب في مستشفيات باريس عمر زهيري في حوار خاص مع موقع nextlb محذرًا من أن “الأزمات الإقتصادية والإجتماعية المتراكمة تُترجم مباشرة بأمراض قلبية وعائية، بعضها قد يكون مميتًا، خصوصًا عند فئة الشباب الذين تزايدت بينهم حالات الإغماء والموت المفاجئ.”
وبوضح زهيري انه “وفي السنوات الأخيرة، تزايدت حالات الإغماء المفاجئ وفقدان الوعي، وصولًا إلى الموت القلبي المفاجئ عند فئة الشباب، لا سيما الرجال. هذا الواقع المقلق يرتبط في كثير من الأحيان باستهلاك مواد غير قانونية أو مشروبات ومنشّطات الطاقة ، الأمر الذي يضع الصحة القلبية للشباب في دائرة الخطر المباشر.”
ويضيف” نرى عددًا متزايدًا من الشباب الذين يتعرضون لنوبات فقدان وعي أو حتى موت مفاجئ نتيجة استهلاك مواد غير قانونية أو مشروبات ومنشّطات الطاقة”،

وأضاف: “هؤلاء المرضى تحديدًا يجب أن يخضعوا لثلاثة فحوصات أساسية بشكل منهجي، خصوصًا إذا كان لديهم تاريخ عائلي لحالات إغماء أو موت مفاجئ”.
ويشير زهيري إلى “أن هذه الفحوصات الثلاثة هي:
1. تخطيط القلب الكهربائي (ECG): للكشف عن اضطرابات في نظم القلب أو مشاكل في التوصيل الكهربائي القلبي، والتي قد تكون ذات طابع وراثي.
2. اختبار الجهد (Stress Test): لتقييم وظيفة الشرايين التاجية ومعرفة مدى قابلية البطينين أو الأذينين لتحمّل الجهد.
3. تصوير القلب بالموجات فوق الصوتية (Echographie cardiaque): للتأكد من عدم وجود أمراض قلبية أو مشكلات في صمامات القلب.
ويلفت الطبيب إلى أنّ “في أوروبا، وعمومًا في الدول الغربية، يُعطى اهتمام متزايد للوقاية الأولية في مجال الصحة القلبية الوعائية، خصوصًا لدى المرضى المعرّضين للخطر، مثل المدخنين، والمصابين باضطرابات في الدهون، ومرضى السكري، وذوي التاريخ العائلي لأمراض القلب، ومرضى ارتفاع ضغط الدم”. وأضاف: “جميع هذه الأمراض المشتركة وعوامل الخطر منتشرة بكثرة في المجتمعات العربية والشرق أوسطية، ولهذا السبب يجب التحرك مبكرًا قبل وقوع الحدث القلبي الوعائي، سواء كان نوبة قلبية أو جلطة دماغية”.

في اوروبا 
يتابع زهيري: “يجب التركيز أولًا على إدارة عوامل الخطر من خلال: الحد من التدخين، وضبط ضغط الدم بشكل أفضل، والكشف المبكر عن اضطرابات الدهون الوراثية، والبدء بالعلاج في وقت مبكر، إضافة إلى توجيه المرضى نحو الفحوصات غير الغازية عندما تكون احتمالية إصابتهم بأمراض القلب مرتفعة”.
ويقول “في أوروبا يتم التركيز على استخدام تقنيات التصوير الطبي مثل التصوير المقطعي التاجي (coroscanner)، الذي يُستخدم لتقييم حالة شرايين القلب بطريقة غير غازية، مما يُغني عن إجراء القسطرة القلبية (coronarographie)، التي تُعد أكثر توغّلًا، وتستغرق وقتًا أطول، وتُعرّض المريض للإشعاع، في حال كان التصوير المقطعي طبيعيًا”.

في لبنان 
ينتقل زهيري إلى الوضع اللبناني، حيث اعتبر أنّ “الضغط النفسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يواجهه الشعب اللبناني له عدة انعكاسات على الحالة الصحية العامة للسكان”. وقال: “هذا الضغط يُعد عامل خطر لا يُستهان به، وقد أصبح يُوصَف بشكل متزايد في الأدبيات العلمية على قدم المساواة مع عوامل الخطر التقليدية. فالضغط النفسي الحاد أو المزمن يزيد بشكل كبير من احتمال حدوث أمراض قلبية وعائية خطيرة لدى المرضى”.
يضيف “من جهة أخرى، فإن الضغط النفسي والاجتماعي يُعتبر عاملًا رئيسيًا في ضعف التزام المرضى بالعلاج. فالكثير منهم لا يملكون القدرة على شراء الأدوية اللازمة، مما يدفعهم إلى إهمال حالتهم الصحية عن غير قصد، خوفًا من التسبب في تكاليف إضافية لا يستطيعون تحمّلها”مشيراً إلى أنّ “السكان اللبنانيين لا يُقبلون كثيرًا على إجراء الفحوصات المبكرة عندما يكونون غير مصابين بأعراض. أي أن المرضى ينتظرون ظهور الأعراض، والتي عادة ما تظهر في مراحل متقدمة وخطيرة من المرض، في حين أنه كان من الممكن، عبر الوقاية الأولية، إجراء فحوصات غير جراحية بسيطة”.
وأردف شارحًا: “هذه الفحوصات يمكن أن تشمل تصوير الشرايين التاجية بالتصوير المقطعي (Coroscanner)، أو الرنين المغناطيسي مع الجهد (IRM de stress)، أو التصوير النووي (scintigraphie)، أو حتى تخطيط صدى القلب (echographie) أو تخطيط القلب الكهربائي (ECG) كبداية”.
لكن زهيري أكد أنّ “هذه الممارسات ليست بعد جزءًا من الثقافة العامة، إما بسبب الخوف، أو الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، أو نقص الثقافة الطبية حول أهمية الوقاية الأولية”.
وختم د. زهيري حديثه بالقول: “المطلوب اليوم ليس فقط التوعية الطبية، بل تغيير الثقافة الصحية. يجب أن ننتقل من عقلية انتظار المرض إلى عقلية الوقاية والكشف المبكر. هذه هي الخطوة الأولى لحماية قلوب شبابنا ومستقبلهم”

[email protected]

لمشاركة الرابط: