حين تحدثت المروحة ..

في أحد مصانع الصابون الكبيرة، بدأت الشكاوى تنهال من الزبائن:
علب صابون فارغة تصل إلى السوق، وتؤثر على ثقة الناس بالمصنع، بل تهدد سمعته التي بُنيت على مدار سنوات.
أُعلنت حالة الطوارئ.
اجتمع المدير مع فريق من الخبراء، وقاموا بدراسة خطوط الإنتاج، وتحديد موضع الخلل.
الخلاصة؟
ماكينة التعبئة سريعة لدرجة أن بعض العلب تمر دون أن تُملأ بالصابون، دون أن يلاحظ أحد.
اقترح الخبراء حلًّا تقنيًا:
تركيب جهاز كشف بالليزر يعمل بتقنية عالية، مهمته فحص كل علبة تمر على السير، والتأكد إن كانت مملوءة أم لا.
الجهاز متطور، لكنه مكلف جدًا: 100 ألف دولار.
المدير تردد، لكنه لم يجد مفرًّا. سمعة المصنع ليست محل مساومة.
وافق على البدء في إجراءات الشراء.
وفي خضم هذا الانشغال، دخل عليه عامل بسيط من قسم التعبئة، لا يحمل شهادة عليا، ولا يعرف مصطلحات التكنولوجيا الحديثة، لكنه يحمل شيئًا آخر:
نظرة قريبة من الواقع، وتجربة يومية حقيقية.
قال العامل: “سمعت إن في مشكلة، وأنا عندي فكرة. بس بدي منك 100 دولار.”
تعجب المدير، لكنه استمع له. أعطاه المال.
ذهب العامل واشترى مروحة قوية، ووضعها جنب خط الإنتاج.
النتيجة؟
العلب الفارغة تطير بسبب خفّتها، بينما العلب الممتلئة تستمر في طريقها الطبيعي.
تكلفة الحل؟ 100 دولار فقط.
فعاليته؟ 100%.
الموضوع ليس في المروحة… بل في طريقة التفكير.
القضية لم تكن فقط مشكلة إنتاج، بل كانت مشكلة اتصال وثقة داخلية.
الخبراء رأوا من زاوية واحدة: التكنولوجيا.
أما العامل، فرأى من زاوية مختلفة: الواقع والبساطة.
لم يكن الحل مجرد صدفة، بل نتيجة طبيعية لأن شخصًا “بسيطًا” أُعطي الفرصة ليتحدث، ولُقي احترامًا لكلمته
في المؤسسات الناجحة:
• كل فرد يُعامل على أنه “صاحب فكرة محتملة”.
• المدير الناجح هو من يعرف كيف يصغي، لا كيف فقط يُصدر الأوامر.
• القيادة ليست في عدد القرارات التي تتخذها، بل في عدد العقول التي تحفزها على التفكير معك.
• الثقة تولّد الانتماء، والانتماء يولّد الإبداع.
قد يكون الحل لمشكلة معقدة، بسيطًا إلى درجة أنك لا تراه…
إلا إذا سألت الشخص المناسب، أو الأصدق، أو الأقرب للمشكلة.
وأحيانًا… يكون ذلك العامل البسيط.
العقل الجماعي دائمًا أغنى من الفكر الفردي، والمساهمة الحقيقية تأتي أحيانًا من أبسط الناس، لو أُتيحت لهم الفرصة للتعبير
تحياتي
نزيه عبدو حمد

لمشاركة الرابط: