بشرَّنا اخيراً، الامين العام لحزب الله نعيم قاسم، بأن الحزب معني بتسهيل انتخاب رئيس الجمهورية ضمن الاطر الدستورية، بعد اتفاق وقف اطلاق النار الذي يتم التفاوض بشانه، بين لبنان وإسرائيل، وبوساطة اميركية، متجاهلا كل الشروط والأسباب التعجيزية،التي تذرع بها الحزب لتعطيل الانتخابات الرئاسية عمدا منذ مايقارب السنتين، بالرغم من التداعيات السلبية الناجمة لهذا التعطيل المتعمد، على الواقع السياسي وانتظام عمل المؤسسات والمصلحة الوطنية العليا.
هكذا دفعة واحدة، لم يعد شرط الحوار المسبق بين كل الاطراف السياسيين الذي كان الحزب وحلفاؤه، يتلطون وراءه لفرض انتخاب رئيس للجمهورية، موالٍ للحزب اومتحالف معه، قائما او يحوول دون انتخاب الرئيس، ولا التمسك بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية مطلبا مفروضا، او انتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، شرطا للذهاب لانتخاب رئيس الجمهورية، ولا انشغال الحزب بالحرب مع إسرائيل، يقف حائلا دون اجراء الانتخابات الرئاسية، وحتى شعار ترشيح رئيس «لا يطعن» المقاومة في ظهرها اختفى من الخطاب السياسي للحزب ومواقفه ايضا، واصبح الامتثال للدستور واجبا يتطلب الاقتضاء به.
لم يعلن حزب لله الاسباب التي اوجبت عليه، اسقاط شروطه السابقة، هكذا دفعة واحدة، وانتهاج سياسة جديدة، تتجاوب مع مطالب اكثرية اللبنانيين، والدول العربية الشقيقة والصديقة، لاجراء الانتخابات الرئاسية في اقرب وقت ممكن، استنادا للدستور .
تجاهل الشيخ نعيم قاسم، ان حرب المشاغلة اوالمساندة التي اشعلها حزب لله ضد إسرائيل، وبمعزل عن الدولة والشعب اللبناني باكثريته، انقلبت نتائج كارثية على الحزب نفسه وعلى الشعب اللبناني، برغم كل محاولات الإنكار الهشّة، وتسببت بضرب هالة الحزب واساليب ترهيب معارضيه وخصومه السياسيين،وتسلطه على الواقع السياسي، واضعفت سطوته على التحكم بالاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، كما فعل خلال الانتخابات الرئاسية السابقة والحالية.
اكثر من ذلك بكثير، لم يعترف قاسم، بأن الواقع السياسي الذي كان قائما في لبنان، قبل اشعال حرب المشاغلة مع إسرائيل، تبدل هذه الأيام، بعد الارتدادات السلبية والخطيرة، لهذه المغامرة غير المحسوبة للحزب، ونتائجها التدميرية على الوطن كله، وتبدل موازين القوى السياسية، بعددخول الولايات المتحدة الأمريكية بقوة الى حلبة الصراع الدائر بالمنطقة، وامساكها بمعظم خيوط الصراع، ومن خلال الوساطة التي يتولاها المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين، للتوصل إلى انهاء الحرب الدائرة بين حزب لله وإسرائيل، مع انحسار واضح للتدخل الايراني بفعل معارضة اكثرية اللبنانيين علانية وبدون قفازات لهذا التدخل المرفوض.
هذه الاسباب والمتغيرات، هي التي دفعت الشيخ نعيم قاسم، لاسقاط كل الشروط والمطالب التعجيزية التي تلطى وراءها حزب الله، لتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، واشارته إلى تسهيل الحزب لاجراء الانتخابات بعد التوصل إلى اتفاق لوقف اطلاق النار، وليس بسبب تحسس الحزب، بضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية تلقائيا، وغيرته على مصلحة لبنان العليا.
اللواء – معروف الداعوق