كلمات في وداع كبير من حرفيي بلدتنا غاب عنا !

عندما نفقد كبيراً ومعمراً من بلدتنا المنارة البقاعية نشعر بأن سنديانة عتيقة من جبلها كُسرت … يغادرنا اليوم الى رحمة رب العالمين العم أبو حسن أحمد أبو شاهين وفي قلبنا غصة على فراقه ، فنحن لم نُوفه حقه في حياته كما يجب ويبدو أننا تأخرنا … ونحاول أن نعوض بعض ما فاتنا من تقصير !
لم يغادر هذا الرجل الكبير بلدته إلا نادراً ، بقي محافظاً على زيها التقليدي بكوفيته البقاعية الشهيرة وعقاله وشرواله الأسود ، وعلى عاداته وأريحيته وحبه لفعل الخير منذ بداية عهده بمهنة الحدادة ، هذا الزي الذي يعني لنا الطيبة والألفة ، يغادرنا الى غير رجعة فتتبدل العادات وتتغير … ونحن الخاسرون حتما .
” المعلم أحمد أبو نجيب” هكذا عرفناه منذ أن فتحنا أعيننا على هذه الدنيا ، ومنذ أكثر من خمسين عاماً ، لم يتغير كثيراً من ذلك الحين الى اليوم ، لا شكلاً ولا مضموناً ، فقط طور مهنته من الحدادة العربية في غرفة تابعة لمنزله وأدخل عليها بعض الآلات التي كان لا بد من استخدامها لتسهيل عمله ومهنته ، وأورث بعض أولاده شيئاً من حرفيته لاحقاً فطوروها بإمتياز.
لم تكن تعوزه لا الهمة ولا التقنية حتى صارت تقنيته مثالاً يحتذى .. تجري على اللسان كما الأمثال ، وعندما كانت تتعطل آلة أو أداة في منزل من منازل بلدتنا المتواضعة حينها ، كان الحل المطروح تلقائياً : ” خذها لعند أحمد ابو نجيب” !!
ما من فلاح وصاحب مهنة في الضيعة إلا وزاره لإصلاح سكة محراثه ومنجله وفأسه ومعوله ومجرفته ومطرقته وسن إزميله وقدُومه ومنشار الحطب ، حينما كانت الزراعة والحرفة مورد رزق أهل الضيعة ، وكانت عملية الصيانة والتصليح تُقضى بما تيسر … وغالباً ما كانت تُقضى مجاناً و ” نحنا بخاطرك ، وشكراً يا بو حسن” .
رحم الله العم أبو حسن وأحسن اليه وعوضه الجنة بما صنعت يداه وتعبت على مر الزمن ، وعزاؤنا لجيراننا آل أبو شاهين الكرام ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .
عاطف البعلبكي – المنارة في 16-2-2022

لمشاركة الرابط: