لم يكن البلجيكي كيني بيلاي يدرك عندما زار بيروت سابقاً، أنّ رغبته في استكشاف لبنان، أحد أقرب البلدان إلى قلبه، ستنتهي برحلةٍ من جنوبه إلى شماله هي الأولى من نوعها على درّاجته الهوائية، خلَّدها بالصوت والصورة. بيلاي، وهو رياضي ريد بُل منذ العام 2001، نقل إلى العالم لمحةً عن سحر لبنان بطبيعته وتراثه ومناخه ومطبخه وأهله، محتفظاً لنفسه بذكرياتٍ لا تنسى.
بطل العالم مرات عدة عن فئة ركوب الدرّاجات الهوائية في المسالك الوعرة أو ما يعرف بـ”ترايل بايكينغ”، كان يتطلّع بشغفٍ إلى خوضِ تحدٍ آخر على مسار طبيعي جديد، بعد مغامراتٍ كثيرة له أضيفت إلى سجلّه الحافل بالألقاب في منافساتٍ دولية متنوعة. وبعدما جال في مناطق مختلفة حول العالم مع ريد بُل .
الرحلة التي قام بها بيلاي خلال زيارته الأخيرة للبنان، امتدّت لمسافة 470 كيلومتراً بين مرجعيون جنوباً وعندقت شمالاً، عبر خلالها 76 قرية وبلدة يتراوح ارتفاعها بين 570 متراً و2073 متراً فوق سطح البحر. وهو سلك مسار “درب الجبل اللبناني”، المخصص عادة لمحترفي وهواة المشي في الطبيعة، في جولة شبه شاملة على روائع بلاد الأرز مروراً بمحميات طبيعية ومواقع تراثية وتاريخية، وفي إنجاز عبَّرَ عنه بالقول: “يشرّفني أن أكون أول شخص يعبر على الدراجة الجبلية مسار المشي في الطبيعة الصعب والمتطلّب هذا”.
الرحلة لم تكن رياضية واستكشافية فحسب، فقد لَعِب كيني طاولة النرد مع القرويين، وتذوّق أطايب المطبخ اللبناني، وأكل السمك النهري المشوي، وباتَ في منازل الضيافة. وهو تعرّف كذلك على الصناعات الحرفية واليدوية، واستعرضَ مهاراته على السلالم والممرات الضيّقة صعوداً ونزولاً، تاركاً الأهالي وسكان البلدات في حالة من الدهشة والإعجاب، وحاصداً على دربه صوراً ولوحاتٍ طبيعية ستخلّدها ذاكرته.
وكانت له استراحة مميزة في عين زحلتا، حيث تناول وجبة شوفيّة، ثم أخذ قيلولة وسط الطبيعة الأخاذة، قبلَ أن ينهضَ ليرافقَ على دراجته الخيّالة في جولة بين الأشجار. ومن الليالي السحرية التي أمضاها، تلك التي بات خلالها في خيمة تحت ضوء النجوم في القموعة.
ومن المواقع والأماكن التي تفقدها ابن الـ37 عاماً أيضاً خلال رحلته الطويلة، محمية أرز الشوف، جزين عروس الجنوب وشلالها، قلعة نيحا، حاصبيا، المتين، أفقا، قهمز في قضاء جبيل، تنورين الفوقا، ومحمية أرز تنورين حيث تنقَّلَ بمهارةٍ على تكويناتٍ صخرية شاهقة، وأمتع عينَيه بمناظر طبيعية خلابة. ومن أبرز محطاته كذلك: قمامين، بشري، وادي قاديشا، سيدة القرن وبحيرات العاقورة، وغابة أرز الرب.
وأصبح الرياضي المحترف البالغ من العمر 37 عاماً بحكم خبرته الواسعة سفيراً عالمياً لرياضة الـ”ترايل بايكينغ”، وهو ما يراهن عليه المرشد على درب الجبل اللبناني أحمد عيسى طالب الذي قال: “هو بطل عالمي، وهذا يعني أنه سيلتقي بكثير من الناس في كل مكان، وسيخبرهم عن لبنان وعن جماله وسحر طبيعته، والأهم… عن طيبة ناسه”.
وبالفعل، فإنّ بيلاي في خلاصة الأمر يختصر تجربته بالقول: “أحببتها!” ويستطرد موضحاً: “أحببت بشكل خاص الناس الذين التقيتهم على الدرب وحسن الضيافة التي غمروني بها…”
المصدر : خاص