إكرام صعب
إحتفالية ثقافية أكدت بمضمونها وحضورها وأهدافها أهمية حقبة التواصل بين الحضارتين العربية والإسبانية في بلاد الأندلس جمعت الحضور حول جديد الإهتمام باللغة الأم تقرير حمل عنوان “بالعربية في شوارع بيروت” بنسخته متعددة اللغات ” من إعداد مرصد اللغات في جامعة القديس يوسف تم إعداده وترجمته على أيدي ضيوف الندوة
حدث أكد أن العربية بمضمونها العريق يمكنها أن تغزو العالم من خلال ترجمتها الى اللغات الحية .
الإحتفالية التي اقيمت في مقر السفارة الإسبانية لدى لبنان في قصر شهاب الأثري منطقة الحدث إنعقدت على شكل ندوة لمناسبة اليوم الدولي للغة الأم تحت عنوان “العربية في بيروت ”
ففي القاعة الأنيقة يرتاح في زاويتها البيانو الأسود لينقل الحضور الى عالم مبدع بالفن والثقافة . أما الحضور فمزيج من الطالبات والطلاب ومجموعة من المهتمين ومنظمو المناسبة “مؤسسة رفيق الحريري “و فريق بحث “مرصد اللغات/ العربية وأخواتها” في جامعة القديس يوسف ، والنادي الثقافي العربي، والسفارة الاسبانية ، وقد شاء السفير خوسيه ماريا فيريه، أن يتابع مسيرة أسلافه في تحيّة وذكرى هذا ما أكدت عليه المناسبة في المكان.
الحضور
وللمناسبة غصت قاعة القصر في مقر السفارة الاسبانية بالحضور تقدمهم ممثلة رئيسة “مؤسسة رفيق الحريري “السيدة نازك رفيق الحريري ،السيدة هدى بهيج طبارة ،الرئيس فؤاد السنيورة والنائب رولا الطبش جارودي ممثلة الرئيس سعد الحريري ، ورئيس النادي الثقافي العربي فادي تميم ، والسفير الإسباني في لبنان خوسي ماريا فرّيه وعقيلته السيدة جمانة طراد مديرة معهد ثرفانتس الاسباني الثقافي في لبنان ، يولندا سولير ، وممثل رئيس جامعة القديس يوسف الأب سليم دكاش ، البروفسور توفيق رزق ،وباحثون وملحقو ثقافة من مختلف السفارات العربية والأجنبية ، والمديرة العامة لمؤسسة رفيق الحريري سلوى السنيورة بعاصيري ومدراء المدارس التابعة ل مؤسسة رفيق الحريري ووجوه وشخصيات ثقافية واجتماعية وتربوية .
وبعد عزف مقطوعة إسبانية للطبيب الدكتور العازف سامي قواص قدّمت أستيل عقيقي من السفارة الإسبانية الحفل، ليستهله مدير المرصد رئيس الجلسة الأولى البروفسور هنري عويس في لمحة سريعة عن اكتمال البحث حول العربية في بيروت من 2014 إلى 2017 متوّجاً بالتقرير بلغات أربع، موزّع على المقدمة، مشدداً على أهمية تعدد اللغات الذي لا ينتقص من أهمية العربية ودورها الرائد .
عويس
بداية رحب مدير المرصد البروفيسور هنري عويس ، وأعرب عن سعادة مرصد اللغات لهذا النوع من الشراكة بين الجهات المنظمة (السفارة الاسبانية لدى لبنان، مؤسسة رفيق الحريري، جامعة القديس يوسف- مرصد اللغات ، النادي الثقافي العربي )
وقال : ” إن التقرير الذي نحن بصدده اليوم ، فهو الورشة التي اشتغلت فيها زهرة من الباحثين والباحثات الشباب وهو يتباهى بأن يوقّعه فريق خلاّق متجرّد، عمِل على ثِبتٍ يناهز المليون مفردة . ولكم تضمّن سؤالهم عن مشروع جديد حنيناً إلى فرصة العودة إلى البحث ومواصلته. فإلى كلّ الأسماء الواردة بالترتيب الأبجدي ألف سلام وشكر. ”
واوضح عويس فقال”أما المنتدون فهم بالتسلسل سفير إسبانيا السائر على خطى أسلافه، ميغال كاريادو، وميغال باريا، وخوان كارلوس كافو، مواكبةً ومشاركةً للعربية والإسبانية، والسيدة سلوى السنيورة بعاصيري وقد شرّعت جامعة رفيق الحريري والمؤسسة أمام التعاون الوثيق القائم بيننا. ولا أخفي سرّاً إن أشرت في هذا السياق إلى النادي الثقافي العربي بشخص رئيسه الأستاذ فادي تميم، ومواكبة مرجعيّة دولة الرئيس فؤاد السنيورة الذي عينه وقلبه وعقله دوماً إلى العربية،. فأسماؤكم جميعاً ممزوجة بهذا المشروع الذي أبصر النور.
فالمرصد إذن قصة شراكة من شأنها أن تملأ السلال وتأتي بالمواسم الخيّرة.”
السفير الإسباني
وفي كلمة له تحدث السفير الإسباني عن أهمية الحفاظ على اللغة الأم منوهاً بالتقريرالذي أعده” المرصد” بالعربية في شوارع بيروت وأشار الى أن العربية لا زالت من أكثر اللغات المحكية في العالم وبالرغم من كل الحروب والعربية أثرت في اللغة الاسبانية ، وشرح كيف تأثرت الإسبانية بالعربية ونوه بإستقبال بيروت للنشاطات الثقافية برغم من كل الصعاب .
وتحدث عن التعاون بين السفارة والمنظمين على أمل تحقيق العديد من المشاريع المستقبلية وإستمرار الإحتفالات المشابهة .
السنيورة بعاصيري
وللمناسبة قالت المديرة العامة لمؤسسة رفيق الحريري سلوى السنيورة بعاصيري : “نلتقي اليوم إحتفاءً باليوم الدولي للغة الأم والذي سبق أن أطلقته اليونسكو في 21 فبراير شباط 1999 بهدف حشد طاقات الدول الأعضاء لحماية التنوع الثقافي الذي يتجلى بأبهى صوره في التنوع اللغوي، وأيضاً بهدف الحض على منح اللغة الأم الرعاية التي تستحق لتبقى جسر امتداد بين المحلي والدولي وليسهل تطوير استخداماتها في إطار توليد المعارف” .
وأضافت ” نلتقي اليوم إحتفاءً بهذه المناسبة الثقافية والفكرية بإمتياز بإستضافة كريمة من السفارة الاسبانية في لبنان، بإعتبارها شريكة استراتيجية لجامعة القديس يوسف ولمؤسسة رفيق الحريري، في إطار جهود تعزيز سبل التجاور والتفاعل بين اللغات الأم، العربية والفرنسية والاسبانية، كما الترجمة لأمهات الكتب الصادرة في عدداها. الا ان هذه الشراكة لم تستمر وتزدهر فقط بل توسعت مؤخراً لتضم نشاطات أخرى ولتطال مجالات إضافية حيث كان للنادي الثقافي العربي في العام 2017، وبحكم مرجعيته الثقافية العريقة، اليد الطولى في دعم إطلاق مرصد اللغات- العربية وأخواتها الذي اتخذ مقراً له جامعة القديس يوسف. لقد وضع المرصد في قائمة أهدافه القيام بأبحاث ترصد مدى تأثر العربية ومفرداتها بالواقع المستجد من دون أن تكون منطلقات هذا الرصد الخوف على مكانة اللغة العربية أو تشكيك بقدراتها “.
وأضافت :” إسمحوا لي في هذا السياق أن أستعين بتوصيف للغة العربية جاء على لسان الدكتور جاك لانغ ، مدير معهد العالم العربي في باريس ، في قوله “أن للعربية طابعاً ثقافياً كونياً ، اذ لطالما كانت منفتحة على العالم وهو في توصيفه هذا يؤكد على أن العربية تستجيب للوظيفة الأساس للغة في كونها وسيلة للتواصل الانساني الذي يحمل في ثناياه البعد الثقافي والشخصية المعنوية للأفراد والجماعات، وما يستتبع ذلك من خلق ظروف مؤاتية للإثراء المتبادل وللتعايش السلمي بين الشعوب بعيداً عن الانغلاق على الذات الذي يؤدي حكماً، اذا ما تعاظم وتفاقم، ليس الى تراجع أوضاع الشعوب فقط ، بل إلى تردي لغاتها إن لم نقل اندثارها، في حين أن انفتاح لغة ما على اللغات الأخرى لا يحمل تهديداً لها، فلكل لغة ثراء في جانب ما، لا تسلبها إياه اللغات الاخرى ،
وقالت :”وإذا كان علينا الاعتراف بأن تداول لغة ما على شكل واسع يجعلها سهلة ومرنة فذلك ليس بالضرورة لطبيعة اللغة ذاتها بل لإبداعات مستخدميها في طرق تطويعها فقد انتشرت الانكليزية وهيمنت ليس لسهولة في بنيتها ولا من منطلق ثقافي صرف بل هي استقت قوتها من الجانب الاقتصادي السياسي ، لذا لا يمكننا النظر الى اللغة على أنها عنصر قائم بذاته ومنفصل عن التاريخ ومراحله المليئة بالمتغيرات ودورات الزمان المتعاقبة. بل هي في حقيقة الامر لسان يعبر عن هواجسنا ومشاعرنا وعقولنا، تعجز حين نعجز وتشمخ عاليا حين نقوى. فاللغة هي نحن في تخلفنا كما في تقدمنا.”
وتابعت : “وفي العودة الى لقاء اليوم فإن من مصادر اعتزازنا انه لا يقتصر على كونه احتفالاً بمناسبة اللغة الأم بل يشكل أيضاً مناسبة لنتشارك واياكم خلاصات البحث الذي قام به مرصد اللغات العربية واخواتها حول واقع التواصل في إطار مناسبات عاشتها مدينة بيروت تحديداً خلال الفترة الممتدة بين 2014 – 2017، ومدى ارتباط تلك المناسبات بسجلات اللغة في العامية والفصحى وفي استعارة مفردات لغات أخرى في أكثر من حقل وميدان. لقد جاء في خلاصات البحث تأكيد على أنه لا يمكن للغة، أية لغة، ان تتوقف عند مكان او زمان. بل هي في حيوية وحراك دائمين وعلى الناطقين بها العبور بها الى الفضاءات الأرحب “.
وختمت: “قد يأخذنا الكلام بعيداً في الحديث عن اللغة الام في التعميم والعربية في التخصيص، ولكن التزاماً مني بالوقت المحدد إسمحوا لي أن أختم بالتنويه بالجهود المثمرة للشركاء مجتمعين و بتقديم وافر الشكر والامتنان إلى عاشق الموسيقى الطبيب سامي قواس وإلى مدير المرصد الدكتور هنري عويس كما وكامل فريق العمل تقديراً لدقة رصدهم لإستخدامات العربية في مروحة واسعة من الميادين وفي مناسبات كانت حبلى بالأحداث وسبل التعبير عنها. وإننا لعلى يقين بأن أبحاث المرصد المستقبلية ستتوسع لتكون العين الراصدة لكل ما يجري من حولها من أحداث وتطورات غير مسبوقة الطبيعة والسرعة، لتبقى اللغة هي منبرها وهي الأقدر في التعبير عن مساراتها”.
تميم
ثم تحدث رئيس النادي الثقافي العربي فادي تميم منوهاً ومثنياً على كلام المتحدثين في الندوة فيما يخص اللغة الأم فنوّه بالتعاون القائم بين الشركاء في هذا المشروع الذي كان للنادي شرف دعمه ومدّه بالمساعدة اللازمة بمواكبة مرجعيّة دولة الرئيس فؤاد السنيورة الذي عينه وقلبه وعقله دوماً على العربية.
دكاش
وألقى ممثل الرئيس سليم دكاش اليسوعي رئيس الجامعة بالنيابة عنه ، البروفسور توفيق رزق مركّزاً على دور الآباء اليسوعيين في مجال العربية وتعليمها، والبحث فيها من مثل ” ميشال آلار اليسوعي”، و”لويس بوزيه اليسوعي” وغيرهما. وهنّأ المرصد بباكورة نتاجه وتمنّى له المضي في عمله الرصين.
الحلقة الثانية من اللقاء
بعد فاصل على البيانو أيضاً، ترأسها أيضاً مدير المرصد الذي توقّف عند مشاركة البروفسور جرجورة حردان كشاهد على ما تمّ من أعمال ونشاطات حول العربية في الجامعة في خلال الخمسين سنة الأخيرة مذكّراً ببدايات العمل بمشروع “العربية الأساسية” الذي يذكّر بالتقرير الصادر عن مرصد اللغات اليوم وشرحت الدكتورة لما الحسيني أقسام التقرير، وعرضت كلّ قسم من أقسامه مشدّدةً على الثبت الذي بلغ حوالي المليون مفردة. وقد عملت منسّقة لهذا الشروع، وأحسّت بغصّة عند انتهائه، وتمنّت قيام مشروع جديد لتبقى حركة البحث في ديناميّة متواصلة.
أما الباحثات ألسا يزبك شرباتي و نورا السيد رودريغيز و ماريلين فغالي فتوقّفنَ عند طرائف ترجمة التقرير من العربية إلى الفرنسية والإسبانية والإنكليزية، لا سيّما منها التلاعب على الكلام والإبتعاد عن الحرفيّة المملّة.
وانتقل الحضور بعد ذلك إلى قطع كعكة المناسبة التي زيّنتها صورة الإعلان عن هذا الحفل، وزوّد المشاركون في هذا اللقاء بنسخة عن التقرير لفتت بطباعته الأنيقة وإخراجه الجميل.
وللمناسبة قدمت جامعة القديس يوسف ميداليات يوبيل 145 سنة على تأسيس الجامعة لكل من السفير الإسباني ولمؤسسة رفيق الحريري وللنادي الثقافي العربي .
[email protected]