افتتح “النادي الثقافي العربي” اليوم الأول لمؤتمر: “تحدّي تجديد العروبة”، الذي ينظمه لمناسبة الذكرى الخامسة والسبعون لتأسيسه، وذلك في فندق البريستول – بيروت.
شارك في حفل الافتتاح، حشد من الشخصيات، تقدمه الرئيس تمام سلام، الرئيس فؤاد السنيورة، مستشار رئيس الحكومة سعد الحريري عمار حوري، الوزراء السابقون خالد قباني طارق متري وحسن منيمنة وأحمد فتفت، رئيس “المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع” عبد الهادي محفوض، رئيس “النادي الثقافي العربي” فادي تميم وشخصيات ومفكرون وكتّاب لبنانيون وعرب.
افتتح المؤتمر بالنشيد الوطني اللبناني، ثم كلمة للدكتور خالد زيادة، رحّب فيها بالضيوف العرب خصوصًا، والمشاركين في هذا المؤتمر، الذي يهدف إلى تقديم أفكار جديدة حول سُبل تجديد العروبة.
وألقى الرئيس فؤاد السنيورة كلمة “النادي الثقافي العربي”. فشدد على “ضرورة إعادة الاعتبار إلى القضية العربية الأساس من خلال التركيز على ضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الأساس وهي القضية الفلسطينية”، وأكد السنيورة “أهمية الإنجاز الذي حققه لبنان مع نهايات القرن الماضي بإقرار اتفاق الطائف”، داعيا الى “تطوير موقف عربي واضح وثابت يستعيد التوازن الاستراتيجي في المنطقة العربية”، مشيرا الى “ان هناك دورًا عربيًا جامعًا وهامًا حيث ينبغي على جمهورية مصر العربية ان تستعيده وتقوم به بالتعاون والتنسيق الكاملين مع المملكة العربية السعودية”. ورأى “ضرورة تطوير موقف مبادر وواضح في آن من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وهو بنظري الموقف القائم على الإدراك بأن لا مصلحة للفريقين العربي والإيراني من زيادة حدة الخصومة والتخاصم بينهما والتي لا ينجم عنها إلا الدمار والخراب على الفريقين. فالمصلحة المشتركة تقضي أن يكون هناك سعي لإنشاء علاقات صحيحة وندية بين الدول العربية وبين الدولة الإيرانية، تكون مبنية على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة”.
وقال السنيورة: “أنا شديد الاعتزاز اليوم بمشاركة هذه النخبة الرائعة من المثقفين اللبنانيين والعرب، وبحضور هذا الجمع المميز من الأعزاء المهتمين بموضوع واعمال هذه المؤتمر الفكري الذي يُقام بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين على تأسيس النادي الثقافي العربي. انه اجتماع لفكرة كبيرة وسامية هي فكرة تجديد العروبة لتخرج من جمودها الى فضاء تجددها الحيوي النابض، ولتعود كما كانت إطارا جامعا ومشتركا للعرب جميعا، لمختلف الأجيال وفي شتى الاهتمامات، بما يقدرها على الاستيعاب والاستفادة من التنوع الاثني والقومي والديني ولما يثري مجتمعاتنا ودولنا العربية ويعزز حيويتها ونهوضها. فالاجتماع على مواجهة تحدي تجديد العروبة أمر كبير، ثم إن الجهة الداعية لهذا الاجتماع هي أمر كبير أيضا. فقد حمل النادي الثقافي العربي في بيروت منذ الأربعينات من القرن الماضي قضية الدعوة العربية، وناضل مثقفوه الكبار على مدى عدة أجيال في سبيل إحقاقها في جوانبها الثقافية والاستراتيجية والاقتصادية والإنسانية. ولقد مر النادي مثل الفكرة نفسها، ومثل لبنان بظروف صعود وخفوت واضطراب، لكن الثابت بقي ثابتا. ما قدمنا المحلي الانطوائي، ولا تنكرنا للوطني، ولا هربنا إلى الشمولي. وكانت لدينا الشجاعة دائما للاعتراف بأخطاء التحليل أو الممارسة. كما كانت لدينا الشجاعة دائما للاستئناف والبناء على ما سبق، وتجاوز الإخفاقات ومصاعب الطريق”.
اضاف: “لست بصدد تقويم الأوضاع الحالية بالنسبة لفكرة العروبة، باعتبار أن المؤتمر كله مخصص لذلك. لكن هذا لا يمنع من القول إننا اليوم في الحالة التي أعطاها ابن رشد لكتابه في مجادلة الغزالي: “نحن في حالة تهافت التهافت”.
وتابع: “التهافت الأول، جعلنا ننحدر من المستويات الوطنية والقومية الكبرى، وهي التي تمثل الجوامع الكبرى إلى وضع المحليات، بما تستبطنه وتثيره أحيانا من خيبات أو اختراقات او تضييق للآفاق والرؤى، فحولنا من عرب إلى مصريين وسوريين وسعوديين وخليجيين وعراقيين وأردنيين ولبنانيين وسودانيين وفلسطينيين وجزائريين وليبيين ومغاربة متناسين ما يجمعنا من روابط قومية وحضارية وثقافية وكذلك روابط مصلحية.
أما التهافت الثاني، فأسقطنا إلى سوريين علويين وسوريين سنة وسوريين مسيحيين ومصريين أقباط ومصريين مسلمين إلى آخر… والخوف أن يستمر الأمر وتتراكم التداعيات وندخل في حلقة تفتيت مستمرة ومدمرة. وهذه لا مخرج منها إلا بمشروع عربي جامع يستوعب ويحتضن كل المكونات ولا يقصي أيا منها، ويبني على تكاملها بين بعضها بعضا دون إغفال لحقيقة انتماءاتها القطرية ولكن مع الحرص على البناء على ثراء تنوعها الاثني والقومي والديني”.
واوضح ان “التهافت الأول ما كان يمكن أن يؤدي حكما إلا إلى التهافت الثاني: أي الانحدار إلى ما دون القومي، ثم الانحدار إلى ما دون الوطني. وهذا التهافت الثاني سيؤدي بدوره حكما، ما لم يجر تدارك تفاقم مشكلاته، إلى تهافت ثالث قد يقسم، المنطقة لا إلى طوائف فقط، بل إلى إثنيات وأعراق وعشائر وقبائل ويدخلنا في صراعات لا تنتهي ولا طائل من ورائها غير تضييع الجهود والطاقات وتبديد الموارد والإمكانات والفرص. فالتهافت يؤدي إلى مزيد من التهافت. فإما أن نستعيد الوطن ذا البعد القومي والوطني المستفيد من تنوعه الوطني ومما يجمعه مع شقيقه العربي من جوامع ثقافية وحضارية ومصلحية، أو نصير إلى درك لا يمكن استدراك عواقبه”.
وقال: “لا مناص من العودة إلى إنجاح المشروع الحضاري للعروبة المستنيرة والجامعة والمحتضنة لشتى المكونات العربية الإثنية والدينية، والثرية بتنوعها، بعيدا عن دعوات التهميش او الاجتثاث والتشفي والثأر، والمتمتعة بشجاعة المصالحة والمغتنية بالمشروع العربي المعترف بكيانات الدول العربية المختلفة القائمة على أساس الحكم المدني وعلى أساس احترام حرية الفرد، وحيث يتساوى الجميع أمام القانون مواطنين كراما. المشروع العربي الذي يجعل من المصالح العربية المشتركة الأساس في جمع العرب وتوحيد كلمتهم وتكاملهم وذلك في إطار نظام مصلحة عربي. إن هذه العودة هي السبيل الوحيد لأن نبقى ولأن نكون ولأن نعطي شعوبنا ما تستحق من كرامة وعدالة وعيش مشترك وكريم، ومشاركة حقيقية في عالم العصر وعصر العالم. لقد آن الأوان لإعادة الاعتبار للعمل على إنجاح هذا المشروع العربي فالوقت يدهمنا، والفشل اليوم يعني عقودا جديدة من التشتت والحروب والصراعات والتبديد للموارد والفرص والتي يخسر فيها الجميع ولا يربح فيها أحد”.
ورأى ان “عملية إعادة الاعتبار لهذا المشروع يكون من خلال العمل على ثمانية محاور:
أولا: إعادة الاعتبار إلى القضية العربية الأساس من خلال التركيز على ضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الأساس وهي القضية الفلسطينية. حل يعيد الحقوق والكرامة للفلسطينيين وللعرب ويزيل أحد أهم تداعيات الاستعمار الاستيطاني من منطقتنا العربية. ان هذا يقتضي موقفا عربيا جامعا ومثابرا ومصمما على التصدي لأي مشروع او تركيبة او تسوية تؤدي الى تصفية القضية الفلسطينية، او تأخذنا الى ما يطيح بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. ويكون ذلك استنادا إلى المبادرة العربية للسلام.
ثانيا: العمل على تطوير موقف عربي واضح وثابت يستعيد التوازن الاستراتيجي في المنطقة العربية وذلك من خلال تطوير وإيجاد إرادة عربية واحدة بشأن القضايا والمشكلات والتدخلات والفتن التي تتعرض لها المنطقة العربية وذلك بديلا عما هو سائد حاليا من تعدد الإرادات المتناثرة والمتشاكسة والمتعارضة بشأنها. وفي هذا المجال فإن هناك دورا عربيا جامعا وهاما حيث ينبغي على جمهورية مصر العربية ان تستعيده وتقوم به بالتعاون والتنسيق الكاملين مع المملكة العربية السعودية.
ثالثا: ضرورة تطوير موقف مبادر وواضح في آن من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وهو بنظري الموقف القائم على الإدراك بأن لا مصلحة للفريقين العربي والإيراني من زيادة حدة الخصومة والتخاصم بينهما والتي لا ينجم عنها إلا الدمار والخراب على الفريقين. فالمصلحة المشتركة تقضي أن يكون هناك سعي لإنشاء علاقات صحيحة وندية بين الدول العربية وبين الدولة الإيرانية، تكون مبنية على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة. ويكون ذلك استنادا إلى أنه بين العرب وإيران ثلاثة جوامع أساسية تجمعهما وهي: التاريخ الطويل في العلاقة بين إيران والمنطقة العربية في حلوها ومرها. وهناك الجغرافيا المتصلة بين الدول العربية وإيران، وهناك المصالح الحقيقية والكبيرة للفريقين والتي يجب أن تكون مستقرة ودائمة بين إيران والدول العربية وفق سياسة حسن الجوار. إذ إن التخاصم ومحاولات بسط النفوذ والهيمنة وإثارة الخلافات والفتن واعتماد مبدأ مدمر قائم على تصدير الثورة عبر التلاعب بالمكونات العربية في عدد من الأوطان العربية ولاسيما في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين والكويت. وهذا فضلا عن كونه يتعارض مع القانون والشرعية الدولية فإنه يعود بالضرر الكبير على الفريقين بكونه يدمر المنجزات ويبدد موارد الحاضر والمستقبل”.
وقال: “يعرض الإيرانيون اليوم، ومن خلال خطاب الرئيس روحاني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقا على التكافل والتكامل في أمن الخليج، واتفاقيات عدم اعتداء. وهذا كله بعد الاضطراب الذي نشرته إيران في الملاحة البحرية، والإغارة على المنشآت البترولية السعودية. فالعرب لم يتعرضوا لأمن الملاحة، ولا هاجموا المنشآت البترولية الإيرانية، ولا نشروا المليشيات مثل إيران في الدول العربية”.
واكد السنيورة ان “التوجه البناء بشأن العلاقات العربية ـ الإيرانية يفرض على الفريقين بالفعل تحقيق التغيير الذي يمكن أن يأتي نتيجة الإدراك بأن ليس هناك من مصلحة لاستمرار حال التخاصم، وبالتالي تبرز الحاجة هنا إلى البناء على قواعد العلاقات التاريخية والجوار الطيب والمصالح المشتركة، أي ان يتحقق التغير والتآلف والتلاؤم المشترك واللازم مع مقتضيات العصر. بما يعني ان يمد العرب أيديهم إلى إيران لاستعادة الثقة والتعاون وأن تبادر إيران، بالفعل وليس بالقول فقط، إلى إنهاء أحلام الهيمنة والسيطرة وبسط النفوذ، والعودة المفيدة إلى البناء على قواعد الاحترام المتبادل والعلاقات الندية في التعامل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من الدول العربية”.
وقال: “إن ما يصدق على إيران، يصدق بعضه اليوم على تركيا دولة الجوار العربي الكبرى الأخرى التي نتشارك معها التاريخ والجغرافيا والموارد المائية. تركيا تحتج بأسباب استراتيجية. إنما العامل الرئيس في توسع التدخل التركي، يبقى كما في حالة إيران، هو الضعف العربي، وخصوصا تهافت الدولة في سورية. فلقد عمدت تركيا الى بسط نفوذها على بعض المناطق في المشرق العربي. وهي قد استعانت من اجل البقاء السلطوي في المنطقة العربية بإيران وروسيا. وها هي الدول الثلاث تتقاسم النفوذ في المنطقة في ما بينها وتحاول التفرد بتحديد المصائر السورية المستقبلية وكل ذلك في غياب الدور العربي. ذلك مما استحث وشجع على ان تنهال التدخلات الأوروبية والأميركية الأخرى، على عالمنا العربي”.
وعن المحور الرابع، قال: “التركيز على أهمية البناء على العمل العربي المشترك واستخلاص العبر من أخطاء الماضي حيث لم يقم المشروعان للشريف حسين والملك فيصل الأول، وللرئيس عبد الناصر وبما فيه الكفاية على تطوير وتعميق المصالح العربية المشتركة المبنية على التكامل العربي بدءا بالمصالح الاقتصادية والاجتماعية وصولا إلى المصالح الأمنية والسياسية. فلقد عصفت بهما مشكلات إرادة التفرد، وانقسامات الحرب الباردة، وإهمال روحية التكامل وعقلانياته من جهة، وكذلك تعملق التفوق الإسرائيلي من جهة أخرى”، مؤكدا “ان تفعيل العمل العربي المشترك بشقيه السياسي، الأمني والاقتصادي يقتضي تطوير موقف عربي جماعي واضح وحازم يستعيد التوازن الاستراتيجي في المنطقة العربية مع تركيا ويتصدى للتمدد والتدخل الإيراني للدول والمجتمعات العربية”.
وأعلن ان “التحدي والخطر الأساس الذي ينبغي على العمل العربي المشترك التصدي له فيتمثل بالاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني ولاستمرار عدم وجود حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية على أساس المبادرة العربية للسلام”.
السنيورة متوسطاً سلام وحوري وقباني وتميم وفتفت ومتري
وتابع: “وفي هذا الصدد، علينا مرة ثانية أن نكون صادقين مع أنفسنا: إذ لا يمكن لأي بلد عربي ولا لأي اقتصاد عربي بمفرده أن يحل منفردا ويتصدى لهذا الكم الكبير من التحديات الحالية، والتي تتجاوز قدرة أي دولة من الدول العربية بمفردها. ومن ذلك قضايا التنمية المستدامة والتغيرات المناخية وعدم التلاؤم مع مقتضيات الثورة العلمية والتكنولوجية وكذلك تدفقات الهجرة والتحديات الأمنية والإرهاب والتطرف العنيف والاتجار بالبشر. فجميع هذه التحديات وغيرها تحتاج إلى عمل تشاركي في إطار مقاربات متعددة الأطراف. وبالتالي فقد حان الوقت، بل لقد تأخرنا كثيرا، من أجل التحرك وفق رؤية واضحة لتحقيق تعاون وتكامل اقتصادي وعلمي وتكنولوجي وأمني عربي يحقق استدامة الامن الإقليمي للدول العربية، ويسهم في تحقيق النمو المستدام والازدهار والرقي الحضاري والانساني والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والأمني والسياسي في دولنا العربية، هذا مع التأكيد على انه مع تحقق ذلك الهدف فسوف تستفيد دول الجوار وتحديدا ايران وتركيا وفي منطقة الجوار الافريقي من العدوى الإيجابية للازدهار في منطقتنا العربية”.
واعتبر “إن التحدي الكبير والمتزايد الذي يواجه دولنا العربية الآن يكمن في كيفية الانصات إلى مطالب شعوبنا ولا سيما إلى شبابنا الساعي والمتحفز للمشاركة في نهوض بلاده وفي صنع مستقبله”. وقال: “ان من اهم التحديات التي سوف تواجه مجتمعاتنا العربية في العقد القادم هي في إيجاد 50 مليون فرصة عمل جديدة لاستيعاب المنضمين الجدد إلى سوق العمل العربية خلال السنوات القليلة القادمة”.
وتابع: “السؤال الأساس هو كيف يمكن أن نعمل على تأهيل وتحسين قدرات جزء وافر من أولئك الشباب من أجل التلاؤم بعلمهم وتعلمهم المستمر وبمعارفهم ومهاراتهم مع طبيعة الحاجات القادمة لاقتصاداتنا العربية ومع الحاجات المستقبلية لمجتمعاتنا العربية الشابة التي تتطلع إلى المشاركة بحضارة العالم ورقيه وازدهاره، وأيضا ترغب وبشدة أن تعيش بكرامة في أوطانها”.
وقال: “كم هو صاعق ومؤلم ومحزن أيها الاخوة والاخوات ان تصبح نسبة المهجرين والمشردين العرب من ديارهم وخارج ديارهم أكثر من ستين بالمائة من مجموع المهجرين والمشردين في العالم. هذا مع العلم أن الأرض العربية تشكل 6% من مساحة الكرة الأرضية، وأن العرب يشكلون 6% من سكان المعمورة”.
خامسا: التقدم على مسار الإصلاح السياسي، وذلك بالعمل على إعادة تأسيس الحكم المدني المستوعب والمحتضن لكل المكونات، والبناء على مبادئ الدولة المدنية، دولة الحكم الصالح والرشيد. فأوهام الدولة الدينية قسم كبير منها سببه فشل الدولة الوطنية العربية في مرحلتها الثانية، وقيام أنظمة الطغيان والطائفيات. والتي هرب منها الناس إلى ما ظنوه نعيم الدولة الدينية. إن أنظمة الحكم الصالح هي الكفيلة بإسقاط أوهام الأصوليات القاتلة وإغراءات الدكتاتوريات التي عانت منها شعوبنا العربية على مدى عقود ماضية.
سادسا: العمل على صعيد السياسة والاجتماع والثقافة في التصدي لأسباب تفكك المجتمعات العربية من الداخل والذي تزداد حدته بفعل التدخلات الخارجية. علينا أن ندرك أنه لا يمكن تحقيق المعالجات المنشودة من دون التشديد وإعادة التأسيس على الهويات الجامعة بديلا عن طغيان الهويات ما دون المستوى الوطني. وبالتالي السعي لإعادة الاعتبار لمبادئ المواطنة والمساواة الكاملة وعلى ديمقراطية الجدارة من خلال أنظمة حكم تكون قائمة على هذه المبادئ.
سابعا: التقدم على مسار الإصلاح الديني وإنقاذ الإسلام واسترجاعه من خاطفيه وإنقاذ العالم العربي من الوقوع في تجارب ومحن صراع الأصوليات القاتلة وتجنب هدر عقود إضافية من السنين القادمة في حروب عبثية وتجارب فاشلة.
واكد السنيورة “ان التعاون يجب أن يكون مركزا وواضحا في التصدي للحركات الإرهابية المتطرفة وعلى ضرورة المبادرة الى القيام بجهود مصممة لخوض غمار الإصلاح الديني، وذلك بهدف إنقاذ الاسلام من هذه الآفات والجرائم والبدع التي ترتكب باسمه. وكذلك في العودة إلى إعادة الاعتبار لقيم العمل الجاد والتركيز على أهمية الاعتدال والحرص والحفاظ على احترام حقوق الإنسان وحرياته العامة والخاصة”.
وقال: “إن المسلمين من مفكرين وقياديين وقادة دينيين ومؤسسات دينية ومثقفين، لديهم عمل كثير ومسؤوليات كبيرة في إعداد البرامج الهادفة لإصلاح التعليم الديني لناشئتنا وكذلك لرجال الدين الذين ينبغي أن يكونوا روادا في الدعوة للانفتاح والتجديد. هناك حاجة ماسة لتشجيع التفكير النقدي في مجتمعاتنا، من أجل تغيير الرؤية للعالم لدى الأجيال القادمة، خاصة بعد عقود من استتباع الأنظمة العسكرية والأمنية للمؤسسات الدينية. لقد آن الأوان ليسهم المسلمون من كل الجنسيات في مهمة الإصلاح الديني الإسلامي بإثراء المنظور الديني وتعميقه عبر إعادة الاعتبار للعلم والمعرفة والتأكيد على توفير حقوق الإنسان، والانفتاح على العالم على قاعدة أخوة البشر وتعارفهم وتعاونهم في المشتركات والمصالح الكثيرة والكبيرة التي تجمعهم في الحاضر والمستقبل”.
اضاف: “إنني المح بعض البوادر الإيجابية لدى بعض مؤسساتنا الدينية التي بدأت السير في السنوات الأخيرة على مسارات التأهيل والإصلاح، وإن كانت ما تزال بحاجة إلى الكثير الكثير من الإرادة الثابتة والمثابرة على المضي قدما على تلك المسارات. والشاهد على البدء الجدي وثيقة الأخوة الإنسانية بين قداسة البابا وشيخ الجامع الأزهر في أبو ظبي، ووثيقة منتدى تعزيز السلم مع وزارة الأوقاف المغربية، ثم إعلان ملك المغرب مع قداسة البابا بالرباط. وكذلك وثيقة مكة المكرمة التي أصدرتها رابطة العالم الإسلامي، وهي جميعها خطوات ينبغي تشجيعها وتكثيفها”.
ثامنا: في ضوء هذا الواقع الصعب يتبين بما لا يقبل الشك أنه لا يمكن لدولنا ولمجتمعاتنا العربية أن تلقى الاهتمام والاحترام في محيطها وفي العالم في ظل غياب موقف عربي حازم وفكر عربي مبادر وخلاق. على العكس من ذلك، فإن حال التشرذم والانقسام والتشاطر على بعضنا بعضا والاستمرار في الانصياع إلى منطق الإرادات المتعارضة بدلا من التآلف بينها ضمن إطار المصلحة العربية الواحدة سوف يدفع بدول الجوار الإقليمي والمجتمع الدولي إلى تجاهلنا والاستخفاف بنا، أو محاولات الاستيلاء على دولنا وانتهاك سيادتنا.
واكد ان “هناك حاجة ماسة لتكوين موقف عربي يعيد للعرب احترامهم بداية لأنفسهم ولدى غيرهم ويستعيد بموجبه المواطنون العرب بعض الأمل في المستقبل، ويعيد إليهم احترام العالم لهم ولقضاياهم. وهذا ما يمكن أن يساعد عليه التقدم على مسار بناء قوة عربية مشتركة للحفاظ على الأمن القومي العربي على الأرض وفي الجو والبحر وهو ما يمكن أن يشكل الخطوة العملية الأولى في إنتاج موقف عربي يخرج الأمة من حال التقاعس والتواكل ويوقف حالة الانحدار العربية نحو الانقسام والتشرذم والتصادم”.
وقال: “لا بد لي هنا من التأكيد على اهمية الإنجاز الذي حققه لبنان مع نهايات القرن الماضي بإقرار اتفاق الطائف الذي أكد على ان لبنان هو وطن عربي الهوية والانتماء معيدا بذلك إبراز مفهوم الدولة الوطنية اللبنانية ونهائية الكيان اللبناني وتأكيد انتساب لبنان الى الهوية العربية. وهذا الاتفاق يؤكد وحدة اللبنانيين ومبدأ المواطنة ومفهوم الدولة اللبنانية المدنية المحتضنة لكل مكوناتها على قواعد العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمييز او تفضيل. لكنه وبسبب تصاعد حدة الخطاب السياسي والمناكفات السياسية فإن الحال التي وصلنا اليها تؤكد الحاجة الماسة للابتعاد عن اثارة النعرات الطائفية والمذهبية العنصرية والى وقف دعوات الكراهية واثارة الضغائن والاحقاد”.
واستشهد بقول الشاعر العربي:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وان افترقن تكسرت آحادا
وقال: “هناك قول لطالما رددته وهو في اللغة الإنجليزية ومن المفيد الاستشهاد به وهو يقول: “Stand up to be counted”، وهو يعني وجوب الوقوف أو اتخاذ الموقف الذي يتمكن الملتفون حول الطاولة أو المسرح ان يروا الموقف العربي، والمشارك العربي وبالتالي لكي يحسبوا له حسابا”، مؤكدا ان “الرد الحقيقي على المقولة المطروحة هو في عنوان هذا المؤتمر، “تحدي تجديد العروبة” ويستوجب العمل على استعادة الثقة بين السلطات في دولنا العربية واجيالنا العربية الشابة. وكذلك العمل على إحياء وتفعيل العمل العربي المشترك، لكي يصبح للفكرة العربية جدوى عملية”. نعم، الثقة بإشراك الأجيال الجديدة واستنهاضها، وتعزيز العمل العربي المشترك لاستعادة نظام المصلحة العربية. إنه وعبر هذين الأمرين، أرى أملا كبيرا في تجديد العروبة فكرا وواقعا”.
وختم: “إنها الذكرى الخامسة والسبعين للنادي الثقافي العربي. وهي ذكرى لها حق علينا نحن ابناء النادي. كما أن لها حقا ينبع من قوميتنا ومن امانتنا لهذه الفكرة ولتلك الرسالة. العروبة ما تزال المدخل الصحيح لما فيه صالح الأمة العربية والدول العربية وللعالم وللإنسانية. لقد كانت هذه هي رسالة النادي الثقافي العربي، وآمل أن تبقى قائمة في اصولها وإن اختلفت سياقاتها”.
الجلسة الأولى
وكانت الجلسة الأولى من جلسات المؤتمر بعنوان:” العروبة من الحاضر إلى المستقبل”، ترأسها الوزير السابق حسن منيمنة، الذي استعرض محطات من تاريخ المنطقة العربية والعثرات التي تعرضت لها فكرة العروبة من خلال آداء بعض الأنظمة إلى جانب دور بعض الأحزاب والتنظيمات. كما استعرض المشروع الإيراني في المنطقة طارحًا مجموعة من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة في زمن تتمزق فيه بعض الدول العربية، ونشهد ثورة لتكنولوجيا المعلومات. داعيًا إلى تقديم نموذج للعروبة المدنية الحديثة إعادة تجديد الخطاب الديني.
المداخلة الأولى كانت للدكتورة نيفين مسعد من مصر، التي تحدثت تحت عنوان “الوطن العربي في واقع متغيّر”، فركزت على تحدّي التفكيك الذي بدأ مع تفكك دول الكتلة الشرقية في تسعينات القرن الماضي، ثم تناولت تحليل العوامل الكامنة في البيئة العربية التي ساعدت على تفاقم التحدي. مؤكدة أن المواجهة تبدأ بإعادة بناء الدولة الوطنية على أساس المواطنة المتساوية، والتخلّي عن منطق الأقلية والأكثرية، والتنمية المتوازنة بين الأقاليم المختلفة المكوّنة للدولة، لأن الحفاظ على عروبة الحيّز الجغرافي الذي نعيش فيه، يبدأ بمنع انفراط وحداته إلى مذاهب وقبائل وعرقيات.
المداخلة الثانية كانت للدكتور سعيد بن سعيد العلوي من المغرب، تحت عنوان: “العروبة في زمن العولمة”، واستهل كلمته بالتحية والتهنئة للنادي الثقافي العربي، معتبرًا أن احتفال مؤسسة ثقافية عربية بذكرى خمسة وسبعين سنة على تأسيسها، هو إنجاز بحد ذاته، ثم استعرض ما أسماه “المرحلة الكلاسيكسة العربية” مرورًا بالحداثة وصولاص إلى مرحلة التجديد للعروبة والتحديات التي تواجهها، داعيًا إلى التخلص من وهم الدولة الدينية الغير موجودة أصلاً في الإسلام كما لدى الكنيسة في اوروبا، مشيرًأ إلى أن أسوا ما نعاني منه هو وجود ما يسمى “الإسلام السياسي”، ودعا إلى التجديد في اللغة العربية وافستفادة من العولمة من أجل قيام الدولة المدنية الحديثة والحقّة التي تحافظ على الحريات العامة وحقوق الإنسان، لأن الدولة في عالمنا العربي عمومًا هي دولة الإستبداد وإعادة إنتاج الإستبداد.
المداخلة الثالثة كانت للدكتور رضوان السيد من لبنان، بعنوان: “إشكالية العلاقة بين العروبة والإسلام: الزمن الجديد”، تحدث السيد عن أن المشكلة ليست في تجديد فكرة العروبة وإنما في التجارب القطرية والشمولية الإثنية التي دمّرت فكرة الدولة الوطنية، التي يجب أن تكون دولة مدنية ديمقراطية، فلا إسلام سياسي إلا وينتج التطرف والإرهاب والديكتاتورية، كما هو النموذج الإيراني، منتقدًا تجربة البعث وغيرها من التجارب التي دمّرت فكرة العروبة وربطتها بالأنظمة..
الجلسة الثانية
الجلسة الثانية كانت بعنوان: “الثقافة والهوية”، وترأسها الأستاذ عباس الحلبي، الذي نوّه بالدور المتميّز والنشاط الثقافي الحيوي للنادي الثقافي العربي، مشيرًا إلى أن الحديث عن تجديد العروبة كمّن ينفض الغبار عن شيئٍ مخزّن لكنه ليس باليًا، لأن العروبة هي الحل وليس الإسلام كما يدّعي البعض، طارحًا مجموعة من الأسئلة التي تحتاج إلى أجوبة لنتمكن من تجديد العروبة.
كانت المداخلة الأولى للدكتور وجيه قانصوه من لبنان، بعنوان: “اللغة والثقافة والهوية”، استعرض المفهوم المتغيّر الذي يتم استخلاصه من معطيات مختلفة، مستعينًا بنماذج ومدارس فكرية مختلفة في العالم لدراسة الهوية والثقافة، وهو ما ليس متوفرًا على المستوى العربي، مشيرًا إلى عدم إمكانية فصل هذا الأمر عن الواقع السياسي للمنطقة العربية، ثم تحدث عن ممارسات بناء الهوية وإنتاجها وأسلوب الخطاب الذي اعتُمد من قِبل المفكرين والقادة القوميين الذين عملوا على الإنتاج من القرن التاسع عشر حتى المرحلة الحالية، والأخذ من مفهوم الحداثة فقط الجوانب العسكرية والبوليسية، فكنّا اكثر تنظيرًا من إيجاد المفاهيم وبالتالي تعميم نموذج الأشخاص وليس الدولة.
اما المداخلة الثانية فكانت للدكتور رضوان بو جمعة من الجزائر، تحت عنوان: “الهوية واللغة وإشكاليات التعددية اللغوية في العالم العربي”، وتناولت العناوين الأساسية التي يجب التركيز عليها لحماية اللغة، ومنها توحيد المفاهيم والمصطلحات وإعادة النظر بدور مجمع اللغة العربية اليتيم، مستعرضًا المساحة الجغرافية التي تتشكل منها الأمّة والإنتقال من القومية إلى بناء الأمة، وإشكالية المفاهيم التي تتحكم بمسار الأمة “الإسلام- القطرية- القومية”، كما تحدث عن معاناة اللغة بسبب الصراعات السياسية، واستخدام الأحزاب المتصارعة للوصول إلى السلطة لغات محلية على حساب اللغة الأم،” الأمازيغية في الجزائر- الكردية في العراق”.
وكانت المداخلة الثالثة للدكتور عمرو الشوبكي من مصر، بعنوان: ماذا تعني العروبة في عصر جديد؟”، وتحدث عن ضرورة توفر منظومة جديدة مستذكرًا تجربة الرئيس جمال عبد الناصر في مصر، عند تأميم قناة السويس وتغيير قواعد اللعبة وتجربة الوحدة السورية المصرية، والثغرات التي شابتها، وتجربة العام 1967، واستدعاء الخطاب العام والخارجي على حساب الوضع الداخلي وعدم الإهتمام ببناء المؤسسة العسكرية، وخطوة عبد الناصر الغير مسبوقة عربيًا بالإستقالة، ومن ثم حديثه عن دولة المخابرات، معتبرًا أنه من الخطأ تقييم تجربة الخمسينيات على قياس معطيات العام 2019، ودخول التكنولوجيا والعولمة، وحتى تغيّر الوقع السياسي للمنطقة في العالم، ودعى إلى تفاعل الوطن العربي مع العالم نقديًا، مدافعًا عن بقاء وحماية الكيانات الوطنية لكل دولة عربية، بمعنى المؤسسات بمعزل عن الأنظمة.
الجلسة الثالثة، كانت بعنوان “التجديد اللغوي” برئاسة الدكتورة منى فياض، التي شكرت النادي الثقافي العربي على تنظيم هذا المؤتمر المتميز. وكانت الكلمة الاولى للدكتور انطوان سيف من لبنان، بعنوان: “النهضوي بطرس البستاني وتجديد اللغة العربية”، واستعرض مسيرة المعلم البستاني الذي عاش في بيروت من 1840 حتى 1883، وكيف تحولت بيروت إلى مدينة “درّة التاج العثماني”، وما شهدته من جامعات للتعليم العالي ومطابع ومدارس ومنها مدرسته “المدرسة الوطنية”، التي ضمّت طلابصا من كل الطوائف وكانت رائدة في العالمين العربي والإسلامي حيث جعلت من تعليم العربية وإتقانها في أساس نظامها الداخلي وتعليم كل العلوم الحديثة بالعربية. وقد لُقّب البستاني بأبو “التنوير العربي”، لأنه أول من وضع معجمًا للغة العربية اسمه “محيط المحيط”، وكان من اول الداعين لفصل الحريات الدينية عن السياسة وتعليم المرأة.
أما المداخلة الثانية فكانت للدكتور نادر سراج من لبنان، بعنوان: “اللغة والشباب والسلطة”، استعرض فيها التحركات التي شهدتها الساحات والشوارع العربية، والشعارات التي كانت ولا تزال تُرفع وكيفية ابتكار التورية في اللغة، وخصوصًا في لبنان مثلاً، ومنها شعارات “فل، يسقط حكم الأزعر، حكومة علي بابا والأربعة وعشرون حرامي،..”، إضافة إلى الشعارات التي تُرفع في البلدان العربية منها الجزائر وتونس والسودان، معتبرًا أن من أهمية ما سُمي بالربيع العربي انه أوجد لغته وشعاراته الخاصة.
المداخلة الثالثة والأخيرة في اليوم الأول، كانت للدكتور عماد عبد اللطيف من مصر، بعنوان: ” هل تتسبب حروب الكلام في إفشال مشاريع الوحدة؟”، بعدما شكر الرئيس السنيورة والنادي الثقافي العربي، على دعوته للمشاركة في هذا المؤتمر، طرح عبد اللطيف أسئلة حول عنوان المؤتمر واختيار التسمية، لجهة ان العروبة ليست كائنًا ميتًا لكي يثعاد إحياؤه، وإنما هي بمثابة منزلٍ قديمٍ يُمكن تجديده، لأن العروبة قائمة وموجودة ولا يمكن أن تموت، وتحدث عن العروبة بوصفها خطابًا، وبالتالي البحث في هذا الخطاب كمشروع لاستقطاب العرب، واقترح أن يكون هناك بحثٌ علميٌ يعالج كيفية تقديم خطاب العروبة ليكون أكثر قبولاً لدى الشرائح العربية وخاصة لدى الشباب. كما دعا إلى وضع أطر لأخلاقيات الخطاب تحول دون تحوّل الخلافات إلى حروب كلامية وإيجاد مؤسسات ترصد نص هذا الخطاب متمنيًا على النادي الثقافي العربي أن يحمل هذا الإقتراح بالتعاون مع مؤسسات معنية في جامعة الدول العربية.
ودارت مناقشات وحوارات بعد كل جلسة شارك فيها الحضور حول العناوين المطروحة وكيفية الولوج إلى تجديد العروبة.
ويتابع المؤتمر أعماله غدًا السبت بتاريخ 5 تشرين الأول 2019 عند الساعة العاشرة صباحًا، حيث تُعقد الجلسة الرابعة بعنوان: “العرب والعالم” ثم الجلسة الخامسة بعنوان :” العرب والاقتصاد” ليُختتم عند الرابعة عصرًا بطاولة مستديرة.