بشيرة الشاب معلمة من عرسال تعيد إحياء “مونة ستي”

في بلدة عرسال الحدودية، حيث تعبق رائحة الزعتر البري والهواء الجبلي، تعيش بشيرة الشاب، سيدة لبنانية حملت في قلبها حب الأرض، وفي يديها حرفة الأجداد. هي أم لستة أولاد ومعلمة في مدرسة البلدة، لكن شغفها الحقيقي يتجلّى في مشروعها الخاص الذي أطلقت عليه اسم “نملية ستي”، تيمّنًا بذلك الصندوق الخشبي الذي كانت الجدات يخبئن فيه مؤونة البيت.

تقول بشيرة لموقع nextlb: “يجب أن نعود كما كان أجدادنا، نعتمد على مونة البيت بما فيها من فوائد صحية وبيئية، خالية من المواد الحافظة، ومليئة بالحب والصبر.”
بين المدرسة والمطبخ
يوم بشيرة مزدحم. صباحًا تقف أمام طلابها، تُعلّمهم مبادئ القراءة والحساب، وبعد الظهر تتحول إلى “معلمة” من نوع آخر؛ تضع المريول وتدخل مطبخها الصغير لتبدأ رحلة إعداد المونة. من المكدوس والمربيات إلى المخللات، اللبنة المكبوسة، الزعتر، ودبس الرمان… كل صنف يحمل معه ذاكرة طعم ورائحة من زمن الطفولة.
تصف الأمر بابتسامة: “عندما أضع الفليفلة الحمراء في الزيت، أشعر أنني أكتب قصيدة… المونة بالنسبة لي ليست طعامًا فقط، إنها حكاية عائلية، وهوية لبنانية مهددة بالاندثار.”
“نملية ستي”: محترف من القلب
في ركن بيتها، خصصت بشيرة مساحة صغيرة حوّلتها إلى محترف بديع، تزيّنه القناديل القديمة والرفوف الخشبية المليئة بالمرطبانات الزجاجية المصفوفة بعناية. أطلقت عليه اسم “نملية ستي”، ليكون أشبه بمتحف حيّ للتراث الغذائي اللبناني. كل برطمان هناك يحمل بطاقة صغيرة مكتوب عليها اسم الصنف، ومكان صنعه: عرسال.
هذا المكان أصبح بالنسبة إليها مساحة للراحة والابتكار، وأيضًا مصدر دخل إضافي يساعدها على إعالة عائلتها. تقول: “أردت أن أعلم أولادي أن كل تعب يثمر، وأن ما نصنعه بأيدينا يبقى الأجمل.”
بين التراث والصحة
في زمن يسيطر فيه الطعام السريع والمواد المصنعة على موائد الناس، تحاول بشيرة أن تعيد إحياء ثقافة “المونة”. تؤكد أن منتجاتها لا تحتوي على أي مواد حافظة، وأنها تعتمد على الخضار والفواكه المزروعة محليًا، لتبقى النكهة طبيعية وصحية.
وتضيف: “المونة ليست فقط طعامًا صحيًا، بل هي أيضًا احترام للبيئة. حين نُحضّر الزعتر أو المربى في البيت، نُقلّل من النفايات ونحافظ على مواردنا.”
نحو الأسواق
حلم بشيرة أن تتوسع “نملية ستي” لتصل إلى كل بيت لبناني، بل وخارج الحدود أيضًا. فهي تؤمن أن المونة اللبنانية يمكن أن تكون سفيرة للمطبخ اللبناني بقدر ما هي سفيرة للذاكرة. اليوم، تبيع منتجاتها عبر المعارف وصفحات التواصل الاجتماعي، لكنها تطمح إلى منصة أوسع تعرّف الناس أكثر على عملها.
تختم بابتسامة يملؤها أمل: “كل برطمان أعدّه، أضع فيه جزءًا من قلبي… أتمنى أن يصل طعمه لكل من يفتقد طعام الجدات.”
هكذا تمضي بشيرة الشاب بين قاعة الصف ورفوف “نملية ستي”، تنسج حكاية امرأة لبنانية من عرسال تؤمن أن العودة إلى الجذور ليست مجرد حنين للماضي، بل استثمار لمستقبل صحي ومستدام.
“ولمن يرغب بالتعرّف أكثر على منتجات بشيرة أو التواصل معها، يمكنه متابعة صفحة نملية ستي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
+961 71 600 893
71600 893

[email protected]

لمشاركة الرابط: