قبل فترة وجيزة، أعلن رئيس نقابة مكاتب الزواج والطلاق في إيران علي مظفري بدء تطبيق تعميم صادر عن رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي ويفرض سقفاً لنسب الطلاق المسموحة في كل محافظة، ويمنع بالتالي تسجيل حالات طلاق تزيد عن الحصص المحددة مسبقاً.
تتوزع هذه الحصص على أساس متوسط نسب الطلاق في كل محافظة خلال السنوات الماضية. ففي كل من المحافظات الإيرانية عدد من مكاتب الزواج والطلاق وأعطيت لكل مكتب منها حصة محددة بصرامة لا ينبغي تجاوزها، فعلى سبيل المثال لمكاتب محافظة هرمزغان 329 حالة ولمكاتب محافظة كرمانشاه 315 ولمكاتب العاصمة طهران 182 حالة…
قرار عجيب
القرار الذي أصدره إبراهيم رئيسي الملقّب بـ”رجل الإعدامات”، لتورطه في إعدامات جماعية جرت عام 1988، خارج عن الأعراف وعن القوانين المدنية وحتى عن الشريعة الإسلامية ويصنَّف من بين طرائف ونوادر الأخبار حول العالم.
صحيح أن المجتمع الإيراني يعاني من أزمة بسبب زيادة حالات الطلاق، لكن منع الطلاق أو تقنينه عبر فرض حصص محددة مسبقاً هو أمر شديد الغرابة.
ويرى الخبير في الشأن الاجتماعي مجيد محمدي أن هذا القرار مبني على السياسيات الاجتماعية لنظام الجمهورية الإسلامية القائم على هندسة المجتمع والثقافة وفق قيم السلطة الحاكمة المستبدة.
يبرر النظام القرار بالرغبة في الحد من نسب الطلاق في البلاد، ولكن بدل أن يعالج المشاكل الاجتماعية وأسبابها يعمل على خلق مشاكل أخرى، فتحديد نسب الطلاق في المكاتب الرسمية لا يخدم سوى دائرة الإحصاء في إيران والتي ستوفر عناء تجميع إحصاءات الطلاق عبر التزامها بالحصص المحددة فقط.
تشكّل نسب الطلاق في إيران أزمة جدية جداً والإحصاءات تؤكد ارتفاعها كل سنة، ولا سيما في المدن الكبرى، وذلك لأسباب عديدة تتصدرها الأزمات الاقتصادية وما ينتج عنها من معضلات يومية، بحسب الخبير الإيراني في الشأن الاجتماعي أمير محمود حريرتشي، وقوانين الطلاق صارمة أساساً لكن التحايل على القانون أمرٌ سهل، وبسيط، وهو الطلاق التوافقي الذي بدأ ينتشر مؤخراً في إيران، وهو انفصال بعيداً عن أروقة المحاكم والجلسات التشاورية التي يفرضها القاضي.
يقدم النظام الإيراني حلولاً مؤقتة وسطحية لأغلب مشاكل البلاد. لحل أزمة الطلاق قرر مؤخراً إلزام مكاتب تسجيل الحالات بكوتا محددة مسبقاً. وهذا النوع من الحلول المستعجلة المفروضة من الأعلى باتت جزءاً من آلية عمل هذا النظام
ويرى حريرتشي أن هذا القرار سيفرز أنواعاً جديدة من الفساد القضائي لتسهيل عملية الطلاق إلى جانب ما سيتسبب به من ارتفاع في نسب الأمراض النفسية ومعاناة الأطفال والعنف المنزلي، فيما سيشهد المجتمع تزايد الطلاق العاطفي من جهة وتراجع نسب الزواج.
وضعية الإنذار الأحمر
عام 2009، كانت نسب الطلاق حالة واحدة مقابل كل ثماني حالات زواج، لكنها ارتفعت خلال العقد الأخير لتصل سنة 2018 إلى 175 ألف حالة طلاق، بواقع 318 حالة طلاق لكل ألف حالة زواج، أي تقريباً طلاق مقابل كل ثلاثة زواجات. هذه النسب المرتفعة مقلقة، وجداول توزعها وفق السن والجنس تعكس انتشار حالات الطلاق بين كل شرائح المجتمع.
على الرغم من انتشار أنواع مختلفة من الزواج والمساكنة في العاصمة طهران وبعض المدن الكبرى إلا إن أغلب المدن الإيرانية لا تزال تعيش ضمن أطر تقليدية تدعم الزواج الكلاسيكي، لكنها لا تستطيع أن تمنع الطلاق الذي أصبح أمراً روتينياً محتملاً غير مستبعد لكل العلاقات الزوجية في مختلف العائلات بغض النظر عن التزامها بالدين والأعراف.
تعزو عيادات المشاورة النفسية تزايد حالات الطلاق في إيران إلى ثلاثة أسباب رئيسية هي الخيانة وعدم امتلاك مهارات الحياة والمشاكل الاقتصادية، لكنها تعتبر المشاكل الجنسية السبب الخفي وراء الكثير منها
سبب الطلاق الخفي
ارتفاع نسب الطلاق هو نتيجة منطقية للمشاكل الاجتماعية الأخرى كالفقر وتعاطي المخدرات. من جهة أخرى، فإن تشجيع الشباب على الزواج عبر قروض وتسهيلات عديدة يجعل من الزواج السهل سبباً للطلاق السهل.
لكن الأسباب الجنسية للطلاق تتربع على رأس هذه الأزمات. ففي دراسة علمية للباحثة ماهرو غديري تبيّن أن الإحصاءات أظهرت أن عدم الرضا الجنسي للزوجين يؤدي إلى اضطرابات نفسية وبالتالي إلى خلافات تنتهي بالطلاق. واعتبرت الباحثة أن عدم الرضا الجنسي هو السبب الخفي للطلاق في الكثير من الحالات في إيران.
ويؤكد الباحث النفسي بهروز رجبي أن عيادات المشاورة النفسية تعزو الطلاق في إيران إلى ثلاثة أسباب رئيسية هي الخيانة وعدم امتلاك مهارات الحياة والمشاكل الاقتصادية، لكنها تعتبر المشاكل الجنسية السبب الخفي وراء الكثير منها.
يقدم النظام الإيراني حلولاً مؤقتة وسطحية لأغلب مشاكل البلاد، وكأن أزمة الطلاق تنتهي عندما تلتزم مكاتب تسجيل الحالات بكوتا محددة مسبقاً. هذا النوع من الحلول المستعجلة المفروضة من الأعلى باتت جزءاً من آلية عمل هذا النظام الذي يبدو أنه يفقد تدريجياً جدوى وجوده أمام شعبه.
موقع رصيف 22
شو بخبرك عن بيت من لبنان !
يقول الفنان وديع الصافي في رائعة من أجمل أغانيه ” بيتي ما برضى يسيب بيتي أنا سلاحو .. ما بتركو للديب ولا بعير مفتاحو” من المؤسف القول أن بيوت العديد من اللبنانيين اليوم “تركت للديب” وضاعت مفاتيحها … وما أدراك ماذا فعل بها ” الديب” ؟ يعرف البيت اللبناني الأصيل ليس من حجارته المقصوبة فحسب
Read More