ست عالمات من المشرق العربي إثنتان منهن لبنانيات، إعتلين منصة التكريم ونلن جوائز تقديرية على تفوقهن العلمي في مجال الأبحاث العلمية المختلفة ، ست عالمات قدمن في بيروت صورة مشرقة عن المرأة العربية – الأم والباحثة ، ودورها الفعال في الإكتشافات العلمية والأبحاث المتقدمة في مجالات الطب والهندسة والبيئة والرياضيات في أمسية قل نظيرها في زمن التركيز على الجمال الخارجي للمرأة .
أمسية علمية ثقافية توجت بتكريم برنامج “لوريال- اليونسكو” تحت عنوان “من أجل المرأة في العلم”، ضمن حفل التكريم السنوي للجوائز، كوكبة من المبدعات العربيات في الإختصاصات العلمية برعاية وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال مروان حمادة، ممثلا بالمدير العام للوزارة فادي يرق، ووزير شؤون المرأة جان أوغاسابيان ، بدعوة من المدير العام ل”لوريال المشرق العربي” فيليب باتساليديس، والأمين العام ل “المجلس الوطني للبحوث العلمية” الدكتور معين حمزة في المعهد العالي للأعمال “ESA”- كليمنصو- بيروت.
حضر الحفل في دورته الخامسة أكثر من 200 شخصية سياسية وديبلوماسية، وممثلون عن هيئات علمية ومؤسسات أكاديمية، ومنظمات غير حكومية وإعلاميون.
يرق
بعد النشيد الوطني، ألقى يرق كلمة وزير التربية وجاء فيها “يرتدي هذا الحفل التكريمي أهمية بالغة، لأنه يحمل دلالات ورموزا ورسائل قيمة لجهة الزمان والمكان والظروف المحيطة بلبنان والمنطقة، إذ أن إقدام مؤسسة عالمية على مستوى لوريال على التعبير عن مسؤوليتها الإجتماعية باختيار باحثات عربيات في ميادين العلوم لكي تكرمهن في لبنان، يعني أن المرأة في هذه المنطقة الممزقة بالصراعات الدموية والمستقبل غير الواضح حتى الآن، والظروف التي تدفع ثمنها النساء يوميا، هي إمرأة تحظى باهتمام لوريال واليونيسكو والمجلس الوطني للبحوث العلمية وجامعة ، ESA، نظرا للطاقات التي تتمتع بها، ولإقدامها على خوض غمار البحث العلمي وإنجاز أفضل النتائج.
كما أن هذا التكريم هو بمثابة رسالة للعالم إلى أن مستقبل المرأة في المشرق العربي سوف يسير نحو الأفضل، عن طريق العلم ومحاربة الجهل، والدعوة إلى فتح الآفاق الفكرية ونبذ الظلام المتحكم بحضارة هذا المشرق العربي.
وإن وزير التربية والتعليم العالي مروان حماده راعي هذا الإحتفال، يقدر عاليا هذه المبادرة بكل عناصرها والمؤسسات المشاركة فيها، وقد كلفني تمثيله كما كلفني أن أنقل إليكم وإلى الباحثات المكرمات التهنئة والتقدير لكل المنجزات العلمية والثقافية التي أنجزتها كل عالمة منكن . وهو يؤكد أن بيروت سوف تبقى منطلقا ومنصة للقاء المبدعين علميا وفكريا وثقافيا وإجتماعيا، وأنها سوف تكون المنطلق لإعادة بناء الإنسان في المنطقة المثخنة بالحروب والصراعات في مشرقنا العربي، لكي تعود هذه المنطقة إلى صفائها ويعود أهلها إليها وينعموا بالإستقرار والأمن والطمأنينة، ويسهموا نساء ورجالا في النهضة العامة على أساس الموارد البشرية المتعلمة.
وأضاف “أيها العالمات والباحثات المكرمات ، أنتن باقة متنوعة من لبنان والأردن وفلسطين والعراق ، أتقنت كل واحدة منكن التخصص وبرعت في البحوث الهندسية والطب والرياضيات والفيزياء والكيمياء ، فشكلتن نماذج في الريادة والإنجاز والإبداع، وإننا نأمل من خلال هذه التظاهرة العلمية التي اجتمعت لتكريمكن ، أن تشكلوا قدوة لنساء المنطقة، من أجل المضي قدما في سبيل العلم، وتحقيق التقدم، وإضافة منجزات إلى سجل البشرية.
وتابع قائلا “إنكن موضع فخر واعتزاز، خصوصا في هذه الظروف التي تعانيها المنطقة والتي تنعكس حكما على لبنان، ومهما بلغت قساوة الظروف فإن المرأة المشرقية صامدة وخلاقة، وهي قادرة عل بث روح التحدي وإعادة الحياة وتحقيق الإبداعات.
وإننا في وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان، وضمن المؤسسات التابعة لنا، قد اعتمدنا نهج تشجيع الإبداع والمبدعين وفتح مجالات التعمق البحثي والعلمي أمامهم بالتعاون مع المؤسسات والدول الصديقة في العالم.
وختم يرق بالقول “مبروك لكل باحثة عربية التكريم والتقدير، وإلى المزيد من الإنجازات والإبداعات إن شاء الله في ميادين أخرى تسهم في نهوض المنطقة وأهلها.”
باتساليدس
وفي كلمته قال الدكتور باتساليدس” حقق برنامج لوريال-اليونسكو “من أجل المرأة في العلم” خطوات كبيرة في مساعدة النساء على اكتساب الإعتراف بإنجازاتهن وتقديرها في المجتمع العلمي، إلا أن تمكين العالمات لا يعد تحديا فقط للسيدات المبدعات والمجتمعات والمنظمات التقدمية بل إن تغيير العقليات والأنظمة يصب في مصلحة الجميع إذا أردنا خلق عالم شامل ومتضامن ومستدام لنا جميعا النساء والرجال على السواء لهم دور في تحقيق هذا الأمر.”
حمزة
من جهته ، قال البروفسور معين حمزة، رئيس لجنة التحكيم: “أود أن أشيد بمكرمات العام 2018 مرة أخرى هذا العام، السيدات أدهشن وفاجأن جميع أعضاء لجنة التحكيم. وقد تم تمييز كل زميلة لإبداعها في مجال خبرتها – من الفيزياء إلى الهندسة البيئية، إلى البيولوجيا الجزيئية – وهن بالتأكيد مصدر إلهام للأجيال المقبلة من العلماء.”
عويط
وفي كلمة له علق رئيس اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو البروفيسور هنري عويط،، قائلا “يظهر تقرير اليونسكو للعلوم أن التباين بين الجنسين لا يزال واضحا جدا، لا سيما في العلوم الطبيعية. ونرى أن مزيدا من المساواة والتكافؤ في العلوم يعني المزيد من الفرص لتحقيق التفوق العلمي، وتحقيق هذا الأمر هو من شأن اليونسكو.”
المكرمات الست
واعتبرت مؤسسة لوريال أن مكرمات العام 2018 من سيدات متفوقات في مجال العلوم تم اختيارهن كست نساء واعدات من بين أكثر من 100 مرشحة هذا العام ، هن مستقبل العلوم، والإعتراف بتميزهن سيضمن وصولهن إلى كامل إمكاناتهن وهن : الدكتورة أسيل إبراهيم محمود من العراق وتشغل منصب معاون رئيس فيزيائيين في مركز بحوث الليزر والكهروبصريات- دائرة بحوث المواد – وزارة العلوم والتكنولوجيا- بغداد – العراق.
الدكتورة حنان خليل من الأردن أستاذ مشارك في التأهيل العصبي وعلوم الأعصاب، قسم علوم التأهيل، كلية العلوم الطبية التطبيقية، جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية الإختصاص إعادة التأهيل العصبية.
الدكتورة مايا عطية من لبنان، محاضر / باحث في الجامعة اللبنانية الأميركية، هندسة الموارد المائية ، الاختصاص : هندسة الموارد المائية.
الآنسة ليلى الموسوي من لبنان، مرشحة لنيل شهادة الدكتوراة في برنامج البيولوجيا الخلوية والجزيئية في الجامعة الأميركية في بيروت ، الإختصاص:علم الأحياء.
السيدة شدى العبد من الأردن، طالبة دكتوراه في العلوم الصيدلانية/ الكيمياء الدوائية – كلية الصيدلة، الجامعة الأردنية الإختصاص: العلوم الصيدلانية/الكيمياء الدوائية.
الدكتورة فاتن أبو شوقة من فلسطين ، أستاذ مساعد في قسم الرياضيات في الجامعة الإسلامية في قطاع غزة ، ونائب رئيس قسم الرياضيات الإختصاص الرياضيات – حسابات الهندسة المعقدة.
مبادرة طموحة من لوريال
ومنذ إطلاقه في العام 1998، يهدف برنامج لوريال- اليونسكو من أجل المرأة في العلم” إلى التأكيد على أن البحث العلمي، بغض النظر عن المجال، هو أيضا نتيجة لذكاء وإبداع وشغف النساء حول العالم.
وأطلقت مؤسسة لوريال واليونسكو مبادرة جديدة طموحة بمناسبة الذكرى العشرين لبرنامجها لتشجيع التعاون بين الرجال والنساء بعنوان “رجال لدعم المرأة في العلوم” وستشرك الأخيرة القادة الذكور من خلال ميثاق إلتزامات واضحة وملموسة لتحقيق أهداف تعزيز وصول النساء إلى تمويل البحوث ، وتوفير فرص التوظيف على قدم المساواة، والسعي إلى تحقيق توازن أفضل في المنشورات وحقوق التأليف والنشر.
وحتى اليوم، دعم البرنامج 3124 باحثة، وكرم 102عالمة، وقدم 3022 منحة لسيدات من 117 دولة لمتابعة دراستهن العليا والحصول على درجة الدكتوراه وما بعد الدكتوراه. وقد وفر البرنامج للفائزات فرصة البروز بشكل أوسع، واستقطاب فرص وظيفية، ومكّنهن من تعزيز ثقتهن بنفسهن في مجالات تخصصهن . وقد فازت ثلاث عالمات مكرمات بجائزة نوبل للعلوم هن: Ada Yonath و Elizabeth H. Blackburn و Christiane Nüsslein-Volhard.
من قطاع غزة الى بيروت
وعلى هامش حفل التكريم ، قالت الدكتورة فاتن أبو شوقة من قطاع غزة ل nextlb أن مقاومة العدو الصهيوني تكون أيضا بالعلم والمعرفة والأبحاث . الدكتورة المتخصصة في الرياضيات ، وتشغل منصب أستاذ مساعد ونائب رئيس قسم الرياضيات في الجامعة الإسلامية في قطاع غزة ، عانت من مشقة السفر خلال 12 يوما بين قطاع غزة ومعبر رفح وصولا الى مصر ثم الى لبنان ، وأضافت أبو شوقة التي نالت شهادة الدكتوراه في الرياضيات من ألمانيا ، بأنها تقاوم المحتل الإسرائيلي على طريقتها ، بالرغم من التضييق وحال الحرب التي يعلنها المحتل الإسرائيلي على قطاع غزة والتنكيل بأهله . وتتلقى الدعم الكبير من عائلتها وذويها لمتابعة نشاطها في حقل التعليم العالي .
إكرام صعب
[email protected]