السفير الفرنسي في لبنان قلّد لمياء مبيّض بساط وسام جوقة الشرف

قلّد السفير الفرنسي إيمانويل بونّ رئيسة معهد باسل فليحان المالي في وزارة الماليّة السيدة لمياء المبيّض بساط، وسام جوقة الشرف من رتبة فارس، في احتفال أقيم في قصر الصنوبر، بعد أن كان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند منحها هذا الوسام الرفيع في 13 تموز 2015، تقديراً لجهودها في تعزيز التعاون بين لبنان وفرنسا وبناء الشراكات المستدامة مع المؤسسات الفرنسيّة والأوروبيّة.
وحضر احتفال التكريم النائب أحمد فتفت ممثلاُ رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، والوزراء السابقون نايلة معوض وليلى الصلح حمادة وريّا حفّار الحسن ووفاء الضيقة حمزة وجورج قرم وخالد قباني وموريس صحناوي وشربل نحاس وابراهيم شمس الدين وروني عريجي وميشال الخوري، والسيدة منى الهراوي، وممثلون للقيادات الأمنية والعسكرية والجمارك، إضافة إلى سفيرة اسبانيا ميلاغروس هرنندس والممثل المقيم للأمم المتحدة فيليب لازاريني والنائب الأول لحاكم مصرف لبنان الدكتور رائد شرف الدين، ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، ورئيسة مجلس الخدمة المدنيّة القاضية فاطمة الصايغ ورئيس ديوان المحاسبة القاضي أحمد حمدان ورئيس الهيئة العليا للتأديب القاضي مروان عبّود، ورئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطيّة وعدد من المديرين العامين وكبار المسؤولين في وزارة المال والقطاع العام، ورؤساء هيئات اقتصادية وفاعليات مصرفية ورؤساء بلديات وجمعيات أهلية، وقضاة وأكاديميون وديبلوماسيون وممثلون لمنظمات دولية، ومسؤولون في السفارة الفرنسية، إضافة إلى فريق معهد باسل فليحان وعائلة المحتفى بها وأصدقائها.
وقال بونّ في كلمة ألقاها خلال الاحتفال، إن منح بساط هذا الوسام “تقدير لمجمل مسيرتها الاستثنائيّة في خدمة بلدها، ولعملها في سبيل التقارب” بين لبنان وفرنسا، مثمّناً جهودها للمساهمة في “بناء دولة القانون والمؤسسات القوية”. وقال إنها “تعمل مع آخرين لخدمة لبنان الذي يتميز بتنوعه وتعدديته وانفتاحه وقدرته على الصمود والاستمرار.أمام كل المصاعب”. وإذ لاحظ أن “لدى اللبنانيين قدرات كبيرة ويبرعون في مجالات كثير”، شدد على أن “لبنان بحاجة إلى رجال ونساء متفانين وغير فاسدين يخدمون الدولة، وهو ما تجسده لمياء بساط”.
وأشاد بونّ بصفات بساط وبمسيرتها “الإستثنائية” والبارزة “في خدمة بلدها”، واصفاً إياهاً بأنها “امرأة صاحبة قناعات”. وأثنى على إنجازاتها كرئيسة لمعهد باسل فليحان المالي، ملاحظاً أنه “أصبح ركناً في تأهيل موظّفين الإدارة العامة في لبنان ومساهماً في تقوية المؤسّسات اللبنانيّة”.
وأشاد بونّ بالتزام بساط “العمل على بناء دولة قانون ومؤسّسات قويّة في لبنان”، وإسهامها، من خلال رئاستها معهد باسل فليحان، في قيام إدارة عامة “نزيهة” في لبنان، وفي توفير التدريب الجيّد للعاملين فيها. وذكّر بأن المعهد “وليد مشروع تعاون ثنائي بين لبنان وفرنسا، أصبح تحت إدارة بساط مؤسّسة عامة مستقلّة، تستحق الإعجاب والتقدير”. وأشار إلى أن بساط عملت من خلال المعهد على “تشجيع تدريب جميع موظّفي الإدارة العامة، بحيث تتاح لهم تنمية قدراتهم لخدمة كل اللبنانيّين”. وأضاف: “تحت إدارتها، أفاد أكثر من 52 ألف متدرّب من 90 ألف ساعة تدريب، وتبرز أهمية هذا التدريب اليوم من خلال استعادة المؤسّسات اللبنانيّة سير عملها الطبيعي”.
وحيّى بوّن كذلك دور بساط في مجال البحوث المتعلقة بالحكم الرشيد في لبنان من خلال المعهد ومجلته الدوريّة “السادسة” المخصّصة للدراسات المتعلقة بالماليّة العامة وتحديث الدولة، “مما أسهَمَ في إثراء النقاش وفي تحسين المرفق العام في لبنان لجهة السياسات العامة المستقبليّة”.
وتحدّث بونّ عن دور بساط في تعزيز الحوار والتعاون الإقليميين، من خلال مشاركتها في إطلاق شبكة معاهد ومراكز التدريب الحكومية في المنطقة (غيفت مينا) والتي يتولى معهد باسل فليحان أمانتها العامة. وقال: “من خلال السعي إلى تحقيق الحكم الرشيد، والتعاون مع دول المنطقة لهذا الغرض، شارك المعهد بإدارة بساط، عقب الربيع العربي، في تقوية المؤسسات في بعض الدول العربيّة، إذ شارك نحو 2200 موظّف من دول المنطقة في أنشطته”.
وأبرَزَ بونّ دور بساط في تعزيز التعاون بين لبنان وفرنسا، مشيراً إلى “التعاون الوثيق بين معهد باسل فليحان المالي وجِهات فرنسيّة عدّة، مما يعزّز العلاقات الثنائيّة بين البلدين”، ومن هذه الجهات، زارة الخارجيّة والتنمية الدولية، ووزارة الاقتصاد والمالية، ووزارة الخدمة المدنية، و”المعهد الوطني للإدارة” وديوان المحاسبة. ولاحظ أن الاتّفاق الموقّع عام 2014 بين البلدين، عزز التعاون في ميادين الإدارة الإلكترونيّة، والمساواة بين الجنسين في الإدارات العامة، وتأهيل المنتخبين والموظّفين في البلديّات،. وأضاف: :إنّ منحك عام 2006 وسام الاستحقاق الوطني الفرنسي من رتبة فارس يبيّن تقدير فرنسا لنشاطك في سبيل التقريب بين بلدينا”.
وتابع: “إنّ تطوير قدرات الإدارة العامة اللبنانيّة، من خلال هذا التعاون الوثيق، هو مهمة على المدى الطويل، ولذلك ينبغي العمل على تعميق هذا التعاون أكثر فأكثر، مما يؤكد وجوب بقاء فرنسا إلى جانب لبنان”. وتعهّد “مواصلة العمل معاً كي يتمكّن لبنان من أنْ يصبح مثالاً في المنطقة في مسألة الحكم الرشيد وأن يكون كذلك مركز تبادل وتدريب، نظراً إلى كونه صلة الوصل بين الشرق الأوسط ومنطقة البحر الأبيض المتوسّط”.
بساط
أما بساط، فرأت في تكريمها “تكريماً للعمل الرائع الذي يقوم به معهد باسل فليحان الماليّ منذ أكثر من عشرين عامًا”، و”تأكيداً على دعم فرنسا لرسالة المعهد وطموحه إلى أن يصبح من كبار المعاهد الحكوميّة المتخصصة في مواضيع الحوكمة وبناء الدولة في المنطقة”. وأبرزت أن “جوهر عمل فريق المعهد يرتكز على القناعات والقيم والطموحات المشتركة”.
وإذ استذكرت تخليها “طوعًا” قبل 16 عاماً عن مسيرتها االمهنية “المريحة” التي بدأتْها في الأمم المتّحدة، استجابةً “لنداء لا يقاوَم” هو تولّي مسؤوليّة المعهد الماليّ، قالت إن مهمتها كانت “تحويل ذلك المشروع الرائع للتعاون اللبنانيّ الفرنسيّ، إلى مؤسّسة عامّة راسخة في كنف الدولة اللبنانيّة تسعى لخدمة موظفيها ومواطنيها”.
وأكدت أن ثمّة “نساءً ورجالاً في مناصب عليا في الإدارة العامّة، مستعدّين لأن يكرّسوا لهذه الإدارة كلّ طاقاتهم، وأفضل سنوات حياتهم، وغالبًا حتّى حياتهم نفسها”، لكنها لاحظتُ “التناقض الكبير بين طبيعة الاتفاقات السياسيّة التي تسمح بحلّ النزاعات من جهة، وبين الاكتراث لبناء المؤسسات القادرة الفاعلة من جهة أخرى”. وأضافت: “ندرك اليوم جيّدًا، وبفضل ما تعلّمناه من وعود الربيع العربيّ التي تهاوت، أنّ التهاون في بناء مؤسسات الدولة من شأنه أن يعرّض للهشاشةـ القاتلة أحياناً، الاستقرار السياسيّ للبلاد”.
وأشارت إلى أن ” تحدّيات المحافظة على الدولة وقيم الخدمة العامّة تقع على عاتق معاهد التدريب الحكوميّة”. وأسفت لِكَون هذه المعاهد “لا تولى الأهمية التي تستحقّها في بلادنا، فيما لم يعد واردًا في الدول الأخرى تعيين موظّفين في منصب حكوميّ من أيّ نوع كان، إن لم يجرِ إعدادهم لتحمّل مسؤوليّاتهم المستقبليّة بشكل مهنيّ، ولم يلزموا لاحقًا بتلقي التدريب المستمرّ”. وشددت على أنّ “التعلّم المستمر المرتبط بالأداء ليس أمرًا ثانويًّا، بل هو مرتبط بمشروع دولة المستقبل، ورُكنٌ من أركانها”.
وأشارت إلى أن المعهد المالي ” استند في أوّل مساره على تعاون الشريك الفرنسي ومن ثم الشركاء الأوروبيّين والعربّ”. وقالت:”معًا، بنينا مؤسّسة عصريّة ومَرِنة، في قلب الدولة اللبنانيّة، وصَرحٍ تعلّميّ يحمل رسالة إقليميّة. فموظّفونا يتلقّون التدريب في أفضل المعاهد الفرنسيّة، كالمدرسة الوطنيّة للإدارة، ومدارس وزارة الماليّة الفرنسيّة، والمركز الوطني للخدمة العامة المناطقية، ومدرّبونا يصقلون مهاراتهم فيها. ومعًا، أقمنا تعاونًا متوازنًا ومتكاملاً (…) وباتت تجربة المعهد المالي نموذجًا يحتذى به في فلسطين، والأردن، والمغرب، وأيضًا في صربيا وساحل العاج، وحيثما تدعو الحاجة”.
وأَضافت: “بعد مضيّ عشرين عامًا، أراها، ثورةً سلميّةً في منهجيّات التعاون التقني، تبني شراكات مستدامة وتذلل الحواجز البيروقراطيّة من أمام المؤسّسات الجادّة في تحسين أدائها، وتساهم في تقريب المسافة بين ضفّتي البحر الأبيض المتوسّط”.
ولاحظت أنّ “الشبكة الوطنيّة للتدريب التي أنشئت في العام 2013 بالتعاون مع مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإداريّة ومجلس الخدمة المدنيّة”، وتضمّ حاليًّا 24 معهدًا ووحدةً للتدريب، ساهمت في قيام “ثقافة جديدة في التعلّم المستمر تزهر كلّ يوم، ومراكز جديدة للتدريب آخرها مركز في وزارة الاقتصاد والتجارة”. وأشارت إلى أن شبكة “غيفت مينا” الإقليميّة “أصبحت كذلك أداة للتعاون بين بلدان الجنوب، وتشجّع في الوقت عينه الانفتاح على جيراننا القريبين منّا في شمال البحر المتوسّط، كما باتت مصدر إلهام لمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء”.

وإذ عددت بعض الصعوبات، أكدت “العزم على المثابرة”، انطلاقاُ من “الإيمان بالدولة وبمؤسساتها” و”الفخر بالخدمة العامة”. ورأت أن “تحقيق السلام والتنمية متعذّر بدون وجود الدولة القادرة”، لكنّها أسفت لأن “الدولةً الرثيثة لن يستطيع جهازها أن يتولّى هذا الدور”. وشددت على أن أنّ “تحقيق إدارة عامّة قادرة ومتمكّنة، يَمُرّ من طريق بناء رأسمالها البشريّ. وهذا يعني حُكمًا إدارة عصريّة متكافئة للتوظيف على أساس الجدارة والمهارة، وتطويرٍاً مستمرٍّاً للكفايات”. وأضافت: “بمقدار ما تكون هذه العمليّة متطورة وبمنأى عن الفساد، تتحسّن نوعيّة الخدمات المقدَّمة للمواطن، ويعلو العقد الاجتماعيّ ليصبح عقد ثقة متبادلة بين الدولة ومواطنيها. وكلّ رفض لهذا المنطق يودي بالمؤسّسات إلى الفشل الذريع، وبالاقتصاد إلى الركود وهروب الاستثمارات، وتضخّم الأزمات الاجتماعية وصولً إلى توتّر قاتل. والخشية أن ينتهي تقاسم كعكة الحُكم…بحدّ السكّين”.
ورأت أن المواطنين “يريدون دولة على مثال سنغافورة، لا على مثال أثينا، وإدارات مرنة، ومبادِرة، ومنفتحة، على صورة اللبنانيّ، وقادرة على تحقيق خدمة أفضل بكلفة أقلّ “. وأضافت: “أمّا كبار الموظّفين فيقولون:الإدارة هي نحن، وعلى عاتقنا نحن تقع مهمّة تحقيق التماسك، وصون المؤسسات، واستشراف المستقبل. وممارستنا ضمانة للعيش المشترك. ساندونا كي نبني إدارة عامّة ترتكز على الكفايات، ثمّ حاسبونا على أخطائنا وأعمالنا. ساندونا لكي نتدارك خطر الاستخفاف والاعتباط في ممارسة القرار”.
وشددت بساط على أهمية بناء الدولة القادرة “في منطقة يمزّقها العنف وفقدان الثقة، وتتهاوى فيها المعاني والمبادئ، وتختلط صورة الأوطان بالقبائل والديانات”. وسألت: “هل نملك الشجاعة لكي نبني، بحكمة ودراية، مؤسسات فاعلة ومسؤولة ومنفتحة، كما فعل يوماً كبار هذا البلد؟ هل نملك جرأة بناء الدولة؟”. وختمت مؤكدة إيمانها “بأنّ “الدولة القادرة هي الطريق إلى المستقبل، وبأنّ الدولة القادرة هي مشروعنا وله مستقبل”.
نبذة

تجدر الإشارة إلى آن لمياء المبيّض بساط تشغل منصب رئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي منذ العام 2001، وقد جرى اختيارها من بين مرشحين عدة لتكون الشخصيّة اللبنانية التي تتسلم إدارته من الجانب الفرنسي. وتحت إدارتها تعزز حضور المعهد المحلي والدولي كمركز تميّز في بناء القدرات والتواصل في قضايا ادارة المال العام وتحديث الدولة. وساهمت في ارساء ثقافة التعلّم المستمر في إدارات الدولة ومؤسساتها لاسيما وسط القيادات والعناصر الشابة وفي تسليط الضوء على أهميّة الاستثمار في الرأسمال البشري وبناء علاقات التعاون والشراكة مع المؤسسات الاقليميّة والدوليّة. وحازت تقدير وتنويه جهات عدة من بينها وسام الاستحقاق الوطني الفرنسي برتبة فارس صيف العام 2006.
وبساط متخرجة من الجامعة الأمريكيّة في بيروت. عَمِلَت باحثة ومستشارة ومديرة برامج لدى مؤسسات استشارية خاصة ووكالات الامم المتحدة. تُدَرِّس مادة الحوكمة في جامعة القديس يوسف، وهي عضو مجلس إدارة المنظمة الدوليّة لمدارس ومعاهد الإدارة. ساهمت في عدد من اللجان الإستشارية والدراسات والمؤلفات.
المصدر_خاص

لمشاركة الرابط: