تحقيق حلا ماضي
وطنية – شكلت انطلاقة المرحلة السياسية الجديدة في لبنان منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية اللبنانية دفعا إيجابيا لأكثر من مؤسسة في لبنان على تماس مباشر مع المواطن اللبناني، من بين تلك المؤسسات: المؤسسة العامة للاسكان ومصرف الإسكان اللذان بادرا لإطلاق مبادرة من شأنها تعزيز تمسك المواطن اللبناني بأرضه سواء كان مقيما أم مغتربا.
فمع بداية العام الجديد 2017، بدأ مصرف الإسكان في لبنان وهو شركة مساهمة يملك القطاع الخاص فيها ما يقارب 80 بالمئة فيما تملك الدولة اللبنانية ما نسبته 20 بالمئة ويخضع الى قانون خاص يفرض عليه إقراض المواطن اللبناني قروضا سكنية بفوائد مخفضة تصل الى حدود 3 بالمئة.
ساسين
وشرح مدير مصرف الإسكان جوزيف ساسين ل”الوكالة الوطنية للالام” أهمية الخطوة التي قام بها المصرف، فأشار الى ان قطاع البناء عانى طوال أربع سنوات من ركود في عمليات البيع نتيجة للجمود السياسي الذي كان سائدا في لبنان، وانقطاع الزبون الخليجي عن التوظيف المالي في لبنان إضافة الى انعكاسات الحرب الدائرة في سوريا، لذلك أطلق المصرف المركزي برئاسة حاكم مصرف لبنان رياض سلامه مبادرة لتحريك الدورة الإقتصادية في قطاع البناء الذي يعد قاطرة للعديد من الأنشطة الإقتصادية، وخلق فرص عمل لليد العاملة الماهرة والمكاتب الهندسية، فكان تخفيض الفائدة هي الوسيلة الوحيدة لتحريك القطاع وخلق طلب في السوق. وأمن المصرف المركزي خط تمويل مخفض الكلفة وزدنا عليه هوامش تغطي كلفتنا التشغيلية والمخاطر، مع تحقيق هامش ربح بسيط، وتوصلنا الى نتيجة تقضي بإعطاء المواطن قروضا بفائدة 3 بالمئة فقط.
وعلى الرغم من العمر القصير لتلك المبادرة، إلا ان حركة الإقبال للحصول على قروض سكنية زادت بنسبة تتراوح بين عشرة الى إثني عشر بالمئة خلال شهري كانون الثاني وشباط مقاربة مع الأعوام السابقة”.
وإذ أوضح ساسين “ان الإتصالات التي تجري مع المصرف تبشر بأن السوق العقارية تحركت فعليا”، لفت الى ان “البرنامج مستمر حتى نهاية عام 2017 على أمل أن يمدده حاكم مصرف لبنان، نظرا للنتائج الإيجابية المرجوة من تلك الخطوة”.
وشرح أنواع القروض التي يمولها مصرف الإسكان كالآتي: “تمويل وحدة سكنية منجزة ومفرزة، تمويل شراء شقة سكنية في مبنى قيد الإنجاز، بناء شقة على أرض يملكها المقترض، وفي حال يملك المقترض شقة ويريد أن يعيد تأهيلها فإن المصرف يعطيه قرضا لهذا الغرض”.
ويشير ساسين الى ان “كل تلك القروض تتحرك ضمن سقف 800 مليون ليرة أو ما يقارب 530 ألف دولار اميركي، ومتوسط قيمة القروض تتراوح بين 300 و400 مليون ليرة لبنانية. وعلى الرغم من التفاوت الهائل بين “سلعة” المسكن والطاقة الشرائية لأغلبية اللبنانيين فإن مصرف الإسكان ومن أجل التسهيل على المواطنين وضع إمكانية دمج الراتب للمقترض مع أحد من ذويه (الأخ، الأخت)”.
ولكن ماذا عن المغترب اللبناني وإمكانية شراء شقة سكنية على الأراضي اللبنانية؟ يشير ساسين في هذا الإطار، الى ان “مصرف الإسكان هو المؤسسة الوحيدة الذي يتوجه الى المغتربين خارج لبنان”، لافتا الى ان “طلبات اللبنانيين المغتربين تشكل حتى الآن ما يقارب 48 بالمئة من إجمالي الطلبات المقدمة الى المصرف”.
وقال: “في حين ان التخفيضات على فوائد القروض السكنية من خلال مصرف الإسكان لا تشمل القروض القديمة، فإن المؤسسة العامة للاسكان تلحظ ذلك إذ انه يوجد مرحلتين للقرض، مرحلة الفوائد ومرحلة المصرف، وإذا كان المواطن لا يزال يدفع ضمن مرحلة المصرف والمؤسسة لا زالت تدفع عنه تلحقه عندها الفائدة المخفضة. أما إذا كان في المرحلة الثانية ورد المال الى المؤسسة فلا تلحقه التخفيضات لأن كل الفوائد تكون قد دفعت”.
لحود
أما رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للاسكان المهندس روني لحود فاعتبر ان “المبادرة التي تقوم بها المؤسسة بدءا من الأسبوع المقبل، تهدف الى تشجيع المواطن للحصول على قرض ليرده بعد 30 عاما بالمبلغ الأساسي مع قليل من الإضافات، على أن تحدد الأرقام تباعا”.
ويشرح لحود: “إذا اقترض المواطن مبلغا من المؤسسة قيمته 270 مليون ليرة فيرده بعد 30 عاما بعد التخفيضات بنفس المبلغ تقريبا، على عكس ما كان يحدث سابقا، إذ ان المبلغ ذاته كان سيرده بما يوازي 370 مليون ليرة لبنانية. وذلك من شأنه إحداث نوع من الراحة السياسية على الرغم من ان المؤسسة لم تتوقف خلال المرحلة السابقة عن إعطاء القروض لأنها تعطيها لشراء الشقق التي لا تزيد مساحتها عن 200 متر مربع، وعلى ألا يتجاوز المدخول الشهري للزوج والزوجة ستة ملايين وسبعمئة وخمسين الف ليرة لبنانية”.
ويلفت لحود الى ان المؤسسة “ضخت خلال عامي 2015-2016 ما يقارب 5000 طلب في السوق العقاري أي ما قيمته ألف مليار ليرة لبنانية”، متوقعا أن “هذه الأرقام ستزيد خلال عام 2017 بعد تطبيق التخفيضات على فوائد القروض السكنية والتي ستكون بحدود 30 بالمئة وهي الفائدة المقترحة مع المصارف”.
ولكن ماذا عن الركود الذي أصاب قطاع السوق العقاري في لبنان؟ يشير لحود الى ان “عملية الركود أصابت الشقق الكبيرة الفارغة التي لا تعطي المؤسسة العامة للاسكان قروضا لشرائها، لذلك فإن السوق العقارية للشقق الصغيرة والمتوسطة ستشهد إقبالا لافتا خلال المرحلة المقبلة، إنطلاقا من ان ما ستقوم به المؤسسة سيشكل عامل توفير للمواطن أكثر مما هو عامل إقتصادي، إضافة الى ان من إيجابيات هذه المبادرة انها ستعمل على تخفيف الإكتظاظ في العاصمة وستساهم في تنمية الأرياف من خلال تشجيع المواطن على شراء الشقق الصغيرة والمتوسطة في المناطق البعيدة عن المدينة. وقد بدأت تلك الحركة تتبلور في منطقة جبل لبنان بدءا من الدامور، الرميلة، دوحة عرمون، بشامون وصولا الى منطقة المتن وجبيل وقضاء زحلة، إذ ان المؤسسة تعطي قروضا تغطي كامل الأراضي اللبنانية لإنشاء مسكن أو توسيع مسكن، وترميم وشراء منزل.
وإذا كان مصرف الإسكان يسهل على المغتربين اللبنانيين إمكانية الحصول على قرض سكني فإن المؤسسة العامة للاسكان لم تضم حتى الآن هذه الإمكانية ولكنها لا تستبعدها مستقبلا”.
صوما
المبادرتان اللتان قام بهما مصرف الإسكان والمؤسسة العامة للاسكان، أضفت جوا من الإيجابية في السوق العقارية وقطاع البناء، كما قال نقيب أصحاب قطاع البناء ايلي صوما. ورأى ان ذلك “من شأنه بالطبع تشجيع المواطن على شراء مسكن له في وطنه إضافة الى تنشيط قطاع البناء الذي شهد ركودا مخيفا خلال الأربع سنوات السابقة، إذ وصلت الشقق الفارغة الى 25 ألف شقة”.
ولفت صوما الى ان “الوضع الإقتصادي لا سيما قطاع البناء، يترافق مع استقرار الوضع السياسي، ولذلك فإن ذلك القطاع بدأ فعلا يشهد حركة إيجابية منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، وتسلم سعد الحريري رئاسة مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة”.
المصدر_ الوكالة الوطنية