لأنه “خبيث” يُطاردُ البشر مثل خيالاتهم، ولأنه “لئيمٌ” يأتيهم بثوب نعاج قبل أن يضرب ضرباته القاسية محولا حياتهم الى جحيم، ولأن المواجهة ضرورية كان لا بُدّ من معركة، من تصدي ونزال وتحدي علمي، طبي، بحثي، ولأن “العلم نور” أتت النتيجة البحثية هذه المرة رائعة مُذيلة بعبارة: الثورة على الخبيث بالعلاج المناعي.
نحلم؟ نتمنى؟ نأمل؟
دعونا نتعرف على الثورة الطبية التي أعلن عنها الأطباء الذين التقوا في بيروت، من كل أنحاء العالم، في مؤتمر “أفضل أبحاث السرطان 2015” معلنين إقتراب إندثار السرطان عبر العلاج المناعي… فماذا في ثورة هذا العلاج على الخبيث؟ وهل صحيح أنه في زمن الثورة العلمية بتنا قادرين أن نحلم بالقضاء على بعض أنواع السرطان نهائيا؟
أفتحوا عيونكم وآذانكم جيدا واقرأوا. ثمة أمل كبير كبير. قولوا: الله…
+ + +
نتحدث دائما عن “طب وقائي” و”طب طبيعي” و”طب بديل” وفي كل مرة نتطرق فيها الى أي من هذه الجوانب يتقدم عنوان “المناعة” هدفا أول يُساهم في الوقاية من كل الأمراض الخبيثة والحميدة لكن أن تُصبح المناعة علاجا أول، أساسي، واعد، في علاج بعض أنواع السرطانات فهذا نذير خير… فماذا حصل في مؤتمر “أفضل أبحاث السرطان” في بيروت؟ وهل تعزيز المناعة بات مطلوبا منذ المهد الى المواجهة؟ هل بات علينا أن نثق أنه بتعزيز المناعة يُمكننا الإطاحة حتى بأكثر السرطانات شراسة ألا وهو سرطان الجلد؟
البروفسور في أمراض الدم والأورام والطب الداخلي في معهد “نايف باسيل للسرطان” في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور ناجي الصغير يتحدث بأملٍ كبير عن أهم الأبحاث السرطانية هذه السنة، التي ركزت على دور المناعة في علاج السرطان، حيث تمكن الأطباء من إدراك ذاك السرّ الرهيب بين الخلية السرطانية وخلية المناعة فعرفوا أن خلايا المناعة تسهر ليلا نهارا وتراقب أي أجسام وبروتينات غريبة أو خلايا منحرفة غير طبيعية قد تكون سرطانية وتقوم بإحاطتها وابتلاعها، وأن الخلايا السرطانية تملك قدرات وبروتينات ايضا تساعدها على الالتفاف على خلايا المناعة والهرب منها فتنمو وتكبر وتنتشر. خلية المناعة والخلية الخبيثة تلعبان إذن لعبة “توم أند جيري” في مطاردة بعضهما البعض والحلّ؟ مساعدة خلايا المناعة على قتل الخلايا السرطانية ليس بالإتكال فقط على أنواع الغذاء الذي يقوي نظام المناعة بل باستخدام علاجات مهدفة أيضا تساعد في إتمام هذه العملية. نجح الطب إذا في فهم حراك الخليتين أولا وهذه كانت البداية.
4 إختراقات في عالم السرطان
أربع أنواع من الأبحاث السرطانية شهدت تقدما وهي:
أولا، المناعة في علاج سرطان الجلد وهذا العلاج المناعي يؤشر الى بداية نهاية سرطان الجلد الذي كانت خياراته العلاجية نادرة ما يُشكل خرقا إيجابيا في عالم معالجة السرطان وثورة حقيقية.
ثانيا، سرطان الأطفال الذي كان يشهد دائما وجود علاجات أقوى وأفضل ومنظمة أكثر من سرطانات الكبار، وبينت كل الدراسات الحديثة إمكانية شفاء الأطفال بأقل مضاعفات واشتراكات. وهناك توجه لدى أطباء سرطان الأطفال من أجل توحيد بروتوكولات العلاج.
ثالثا، سرطان الفم الذي تتسبب به أولا السيكارة والكحول وقد تبين وجود علاقة وثيقة بين سرطان الفم والعقد اللمفاوية حيث بينت دراسة ان جراحة العقد اللمفاوية تفيد في بعض حالات سرطان الفم.
رابعا، الأشعة حيث تبين أنه إذا كان الورم منتشرا مثلا في الرأس فيفترض إجراء عمل جراحي أما إذا كان في موقع معين فيمكن بدل فتح الرأس بث أشعة كبيرة تقتل الخلايا الخبيثة ولها فعالية الجراحية.
إننا إذن أمام ثورة هائلة في عالم السرطان.
فلسفة العلاج المناعي
علاج السرطان مرّ كما تعلمون في مراحل ثلاث: العلاج الكيميائي والجراحة، الأدوية المهدفة، والعلاج المناعي. وهذا العلاج المناعي الأخير ليس حديثا جدا، ليس بكلام آخر وليد سنة 2016، لكن المفارقة أن الطب بات يعلم الآن كيفية تمكن الجسم من الدفاع عن نفسه أكثر من قبل. فسلفة العلاج المناعي ليست هي “الثورة” إذن بل الثورة هي في بداية فهم العلاقة بين جهاز المناعة والخلية السرطانية.
في كل مرة نتحدث فيها عن الجهاز المناعي تتكرر العبارة من دون أن يفهم سامعها ماذا يُقصد بها بالفعل؟ ماذا يُقصد بالجهاز المناعي بدقة وبالتفصيل… فماذا في تفسير هذه العبارة طبيا؟
جهاز المناعة هو، بحسب البروفسور ناجي الصغير، جهاز الجسد الطبيعي للدفاع عن نفسه وهو عبارة عن مجموعة أعضاء وخلايا وجزيئات خاصة تحمي من الالتهابات والسرطان ومن أمراض أخرى كثيرة. وفي التفاصيل أنه حين يدخل جسم غريب الجسد كالجرثومة مثلا يتعرف الجهاز المناعي عليه ويدمره ويمنعه من التسبب بأذى، وتسمى هذه العملية “الإستجابة المناعية” وبما أن الخلايا السرطانية تختلف كثيرا عن خلايا السد الطبيعية يقوم الجهاز المناعي بمهاجمتها حين يستطيع التعرف عليها، لكن، للأيف، غالبا ما تجد الخلايا السرطانية طرقا للتنكر بخلايا طبيعية كما أنها تستطيع ان تتحول، مثل الفيروسات، ما يُمكنها من الهروب من الإستجابة المناعية. لهذا يفترض أن تكون هذه الإستجابة قوية جدا كي تستطيع محاربة الخلايا السرطانية. ودور “علاجات الأورام السرطانية من خلال جهاز المناعة” تمكينها من التعرف على الخلايا السرطانية وتدميرها. وهذا ما نجحت به الأبحاث اليوم في ثورة تؤشر الى بداية علاجية جديدة.
فرص الحياة تكبر
ما هي الأنواع السرطانية التي يعمل عليها العلاج المناعي؟
وأي مرضى سرطان تصحّ في علاجاتهم هذا النوع؟
يعمل العلاج المناعي على عدد كبير من السرطانات لا سيما على سرطاني الجلد والرئة خصوصا لدى المرضى في المراحل المتقدمة. وفي هذا الإطار يقول البروفسور الصغير: كان مريض سرطان الجلد يصمد على الأكثر سنة بعد تشخيص المرض أما اليوم فالنتائج تُبشر بكثير من الخير. فرص الحياة إذا بدأت تكبر الى كثير من مرضى السرطان. في كل حال العلاج يُحدد وفق كل حالة على حدة وهناك من قد يحتاجون الى جرعات علاجية أربع أو ربما الى علاج يستغرق سنة على أن يخضع المريض باستمرار الى مراقبة دائمة. مراقبة مريض السرطان الدائمة واجبة في علم الأورام.
ثمة سؤال يبرز في كل مرة نسمع فيها عن “ثورة علاجية”… أليست هناك مضاعفات سلبية لثورة “العلاج المناعي”؟
كلنا يعلم أن المناعة حين تقوى جدا قد لا تعود قادرة على التمييز بين الخلية الجيدة والخلية الخبيثة فتدمر الإثنين معا وفي هذا الإطار يشرح البروفسور الصغير: نجحنا الى حد كبير في فصل الخلية الخبيثة عن الخلية المناعية ومنع الإلتقاء بينهما كي تنجح الخلية الثانية من التعرف عن بعد على الخلية الخبيثة والقضاء عليها. نجحنا الى حد كبير لكن هذا لا ينفي أنه في بعض الحالات التي ترتفع فيها المناعة تقوم بضرب الخلايا الطبيعية وقد وجدنا لها حلّ بأن نُبعد بين الجلسات العلاجية وباستخدام الكورتيزون في بعض الحالات في سبيل تخفيف المضاعفات.
العلم ينغل في اتجاه البحث عن العلاجات الحديثة في علم الأورام والدول تنشط من أجل الإسهام في حماية مواطنيها من الخبيث ودولة الإمارات العربية المتحدة هي خامس دولة في العالم سجلت أول دواء عالمي يعمل على تحفيز المناعة لمحاربة الخلايا السرطانية في الرئة. العلاج المناعي انطلق. الثورة في علم الأورام بدأت. ومرضى السرطان أمام أمل هائل… وتبقى الإستعانة بالله فاستعينوا به ولا تعجزوا فالزهرة التي تتبع الشمس تفعل هذا حتى ولو كان النهار مليئا بالغيوم!
المصدر-زهرة الخليج
شو بخبرك عن بيت من لبنان !
يقول الفنان وديع الصافي في رائعة من أجمل أغانيه ” بيتي ما برضى يسيب بيتي أنا سلاحو .. ما بتركو للديب ولا بعير مفتاحو” من المؤسف القول أن بيوت العديد من اللبنانيين اليوم “تركت للديب” وضاعت مفاتيحها … وما أدراك ماذا فعل بها ” الديب” ؟ يعرف البيت اللبناني الأصيل ليس من حجارته المقصوبة فحسب
Read More