وجهت السيدة نازك رفيق الحريري كلمة مسجلة بصوتها في مناسبة الذكرى الثانية عشر لاستشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري وقالت فيها :
“أيّها الأحبّة،
في العام الثاني عشر لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، تعود الذكرى محملةً بالشوق والحنين لــرفيق العمر ورفيق الوطن. ولكم نحن بحاجةٍ إليك اليوم، إلى رجل الدولة الإستثنائي، والإنسان المقدام، الـمبادر، الـمثابر، والـملتزم في جميع مسؤوليّاته الوطنيّة والإنسانية، ليشهد معنا قيام العهد الجديد، ويضيف رؤيته الـمستشرفة ويكتب بيده البيضاء على صفحةٍ متجددةٍ من تاريخ لبنان، عنوانها الأمل بغدٍ أفضل.
رفيق العمر والوطن،
في ذكرى استشهادك نهديك الوفاق الوطني الذي ودّعنا به عامًا واستقبلنا معه عامًا جديدًا، نستبشر به خيرًا ونأمل بأن يعيد لبناننا إلى بر الأمان، بمشيئة الله.
هكذا يخطو لبنان اليوم، مع جميع أبنائه، خطوةً مهمةً نحو الـمستقبل الجديد الذي نرجو أن يكون أكثر أمنًا واستقرارًا وازدهارًا، بإذن الله سبحانه وتعالى، وبتضامن جميع أبنائه. ونسأل الله عز وجل أن نكون يداً واحدةً، تحت لواء الوحدة الوطنية، في زمن الإعتدال والإستقرار والإزدهار، الذي كنت، يا شهيد الوطن، قد بنيته بالتسامح والمـحبة، وبجهودك الوطنية الإستثنائية، والذي تعزز باستشهادك الكبير مع كل الذين رافقوك على درب الحق والسيادة والحرية.
وإن شاء الله سوف نكمل درب التحديات ونتخطاها بالحكمة والصبر، مثلما كنت تريده وتردده باستمرار. وسوف نواصل بناء لبنان، الوطن الرسالة وأرض الإبداع والتميز، كما حلمت به وعملت من أجله، يا شهيدنا الغالي. وسوف يبقى الإعتدال، بإذن الله، مع سائر القيم الإنسانية النبيلة التي أرسيتها طول سنوات الحكم والمـسؤولية مدماكًا أساسيًا في صرح هذا الوطن الرسالة ودرعًا لحماية صيغة العيش المـشترك والشراكة الوطنية، بعيدًا عن التجاذبات والإصطفافات السياسية.
ولا يكتمل بناء لبنان المـستقبل إلا بتفعيل دور مكونٍ أساسيٍ في مجتمعنا. هي المــرأة ركن الأسرة وأساس المـجتمع. وقد خصّص لها الرئيس الشهيد رفيق الحريري حيّزًا مهمًّا من أولوياته ووضعها في قلب القضايا الوطنية والحقوقية التي دافع عنها بكل عزمٍ وإصرارٍ، واعتبرها تحديًا.
(اقتباس للرئيس الشهيد رفيق الحريري: “إن التحدي الأكبر الذي يواجهنا اليوم هو تحدي الإصلاح في إدارة الشأن العام وهذا الإصلاح لا يمكن أن يتم بمعزل عن إصلاح وضع المرأة وإسهامها في عملية الإصلاح هذه وفي تقدم مجتمعها وبلادها. إن التحدي اليوم هو تحدي إقامة حياة سياسية ديمقراطية ومنفتحة وواسعة بمشاركة جميع اللبنانيين.”)
ودعا الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في مناسباتٍ عدّة كلّ من يدعم دور المـرأة، ولا سيما من رجال السياسة، إلى الإنتقال من الدعم الكلامي إلى الدعم الفعلي. ولكنّه كان يشدّد على أنّ مسؤولية المـرأة في تحقيق هذا التحدّي كبيرةٌ جدًا.
(اقتباس للرئيس الشهيد رفيق الحريري: “في بلدان ديمقراطية من هذا النوع، يمكن أن تحتل المرأة المركز الذي تستحق بدون تمييز. وهنا تقع على المرأة مسؤولية إنجاح هذا المسعى عبر التوحّد والعمل معاً لدعم بعضهن البعض وفتح الأبواب أمام الجيل الجديد من النساء ليصبحن جزءاً لا يتجزأ من حركة صنع مستقبلهن. إن مسؤولية المرأة هنا هي بمقدار مسؤولية الرجل. إننا سنكون معاً في تحويل حلم المرأة هذا إلى واقع. فإذا كان الهمّ مشتركاً، فالمسؤوليات مشتركة.
عاشت بيروت
عشتم وعاش لبنان.”)
أيّها الأحبّة،
في الختام، يبقى الدعاء والرجاء أن يتغمد الله سبحانه وتعالى الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر شهداء الوطن الأبرار بواسع الرحمة والمـغفرة، وأن يكتب لهم مسكنًا في الجنة، وأن يظهر حقيقة من اغتال شهيدنا العظيم وشهداءنا الابرار ، وأن يحفظ بلدنا الحبيب لبنان وشعبنا الطيب بموفور الخير ودائم السلام، وإلى المـلتقى القريب بإذن الله العلي القدير.”
المصدر:
خاص