قطار ”حزب الله” يخسر حلفاء… فماذا عن ”أكثريته” النيابية؟

يتحول شعار الأكثرية النيابية التي لطالما تغنّى “حزب الله” وخلفه ايران بحيازتها بعد استحقاق 2018 الانتخابي، إلى عامل ارباك يشي بحال من التباعد والتباين بين “الحزب” وحلفائه، بدأت ملامحها تتظهر علانية بُعيد تكليف الرئيس حسان دياب تشكيل الحكومة، اذ امتنع أربعة نواب، يحسبهم العدَّاد الإيراني من ضمن “أكثرية الحزب”، عن تسمية دياب، علما ان حسابات من هذا النوع لا تلزم النواب الملحقين بالتسمية ولا تطبع شخصهم وسيرتهم بها ولا محل لها من الصحة من منطلق علمي وفي ظل نظام لبناني ديموقراطي لا يمت بصلة إلى حسابات النظام الإيراني.
في طليعة مغادري قطار حسابات “أكثرية” من هذا النوع، برز النائب أسامة سعد الذي نال نصيبه من انتقادات جمهور “الحزب”، فضلا عن النواب نعمة افرام وشامل روكز وميشال معوض الذين لم يسمّوا دياب. وما لبث أن تعمق التباعد بين رؤية “الحزب” الحكومية وحلفائه الرئيسيين، حتى اخذ الاول مهمة ولادة الحكومة على عاتقه بعد ملاحظات جوهرية أبدتها الرئاستان الأولى والثانية على أداء دياب الذي لم يكن يسير على “طريق صحيح”.
رحلة القطار الحكومي عكست ارباكا أكبر يعيشه “حزب الله” مع خروج أربعة نواب جدد عن السكة (نواب الحزب السوري القومي الاجتماعي والنائب جهاد الصمد)، الذين تأكد عدم منحهم حكومة دياب الثقة.
وفي معلومات لـ”النهار”، يتبين أن الخلاف في الرؤى بين النائب الصمد و”اللقاء التشاوري” ترك أثرا كبيرا، اذ ثمة تساؤلات جوهرية لا أجوبة عنها لدى أوساط “التشاوري” عن خطوات الصمد المرتقبة وما اذا كان سيخرج من اللقاء بعد نيل الحكومة الثقة أو سيعلق عضويته فيه أو يعمد إلى إطلاق لقاء جديد، علما أن قرار أعضاء “التشاوري” هو الاستمرار في اللقاء في شتى الأحوال. وتشير المعلومات الى ان “التشاوري” فضَّل التمثل بوزيرين في الحكومة، لكن التمثيل استقر على وزير واحد (طلال حواط)، وهذا هو أحد الأسباب التي شكلت امتعاضا لدى الصمد، إضافة إلى الانتقادات التي وجهها الى الحكومة وطريقة تأليفها واصفا اياها بحكومة “المستشارين المقنّعة”.
ولا يغيب عن المشهد أن التباينات داخل “التشاوري” بدأت بُعيد انتفاضة 17 تشرين، اذ طلب النائب فيصل كرامي من الوزير حسن مراد وقتذاك، أن يستقيل ليلة اندلاع الانتفاضة، وما لبث كرامي أن علق مشاركته في “اللقاء التشاوري” بعد مضي يومين على عدم استقالته، لكنه عاد الى المشاركة في اجتماعات اللقاء بعد استقالة الحكومة. ويضاف إلى المشهد المثير للتساؤلات اللاحق” بـ”التشاوري” أن أعضاءه كانوا ألغوا التزاماتهم السياسية مع الكتل الأخرى، لكن النائب قاسم هاشم حافظ على عضويته في “التنمية والتحرير”، والنائب الوليد سكرية يحضر اجتماعات كتلة “الوفاء للمقاومة”، علما ان “التشاوري” ينظر إلى تباينات فريقه على أنها عادية في كونه لقاء وليس كتلة نيابية.
إلى ذلك، شكل قرار الحزب القومي بعد اجتماع كوادره وقيادته، ارباكا جديدا للحكومة بعدم إعطائها الثقة مع إصداره بيانا لاذع اللهجة.
وعليه، تخسر الحكومة التي وُصفت بحكومة “حزب الله” دعم من لا بد لهم أن يعتبروا وفق الرؤية الإيرانية، من ضمن “أكثرية الحزب” النيابية، وباتت الحكومة تحتاج إلى جهود أكبر لتأمين حضور النواب للحصول على ثقة “على الحفّة”.
يقول أحد المقربين من “الحزب” في مجالسه إن “ما يحصل يظهر أن فريق 8 آذار يلتقي على عناوين استراتيجية كبرى، لكن في السياسة الداخلية كل مكون يتخذ القرار الذي يناسبه. فجهاد الصمد اتخذ قرارا مشى فيه ولم يتصل به أحد من الحزب لتهنئته أو منعه. والحزب مطمئن الى جلسة الثقة والنصاب مؤمن، وهو ليس وحده معنيا بالحكومة وهي ليست حكومته، لكن ما فعله انه هدد الحلفاء بالانسحاب اذا لم يتفقوا حتى أجبرهم على مد اليد. فتشكلت الحكومة مع حلفاء للحزب منهم الحليف القريب والحليف العادي والحليف البعيد. وينظر الحزب إلى الحكومة تحت عناوين ثلاثة: جزء من معالجة خطة تهدف إلى الفراغ، وعلى أنها تجربة جديدة للبنان لم تحصل منذ ثلاثين سنة، وعلى انها حكومة لا تملك حتى اللحظة قاعدة شعبية، وهي تحتاج إلى قوى سياسية تجيّر لها قاعدة شعبية”.
الاتفاق على عناوين استراتيجية بين الحزب وحلفائه مسألة باتت تطرح علامات استفهام في رؤية مراقبين، خصوصا بعد مقتل قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني الذي اظهر تباينا مع الحلفاء الذين منهم عبّروا عن موقف قائم على الحياد والانفتاح على الغرب والولايات المتحدة الأميركية.
وتطرح هذه المشهدية تساؤلات عما إذا كان “الحزب” يشكل عبئا على حلفائه. الاهم ان عصف انتفاضة 17 تشرين تلته كل هذه التطورات. فهل من الدقة المناداة بشعار “أكثرية الحزب النيابية”… وماذا تخبئ التطورات المقبلة من مفاجآت؟
مجد بو مجاهد – النهار

لمشاركة الرابط: