مأساة اللبنانيين تتواصل.. سقوط منزل على ولدين والأب يروي

يطارد الموت اللبنانيين أينما حلّوا، ولو بسيناريوهات مختلفة، لكن العنوان واحد: غياب الدولة الراعية لأبسط حقوقهم. فقد استفاقت مدينة الميناء في طرابلس، شمال لبنان، على مأساة وفاة الشاب عبد الرحمن الكاخية (21 عاماً) وشقيقته ريما (19 عاماً) جرّاء انهيار سقف المبنى الذي يقطناه في حي في المدينة، بسبب الأمطار الغزيرة التي هطلت ليلاً.
وأدّت الحادثة إلى حال من الغضب من قبل الأهالي إثر اتّهام البلدية والسلطات المختصة بالإهمال، إذ عمد عدد من المواطنين على الاحتجاج أمام مبنى البلدية، وأشعلوا النيران في حاويات النفايات وحطّموا زجاج الباب الخارجي، ومن ثم اقتحموا المكتبة والقاعة الرئيسية وعبثوا بمحتوياتهما وسط انتشار الجيش.
وروى الأب مصطفى الكاخية لـ”العربية.نت” ما حصل مع عائلته “كنت نائماً إلى جانب بناتي الثلاثة في الغرفة، وكان عبد الرحمن وريما يشاهدان التلفاز في الغرفة المقابلة، فاستفقت على دوي صوت لأكتشف أن نصف بيتي أصبح رماداً وأن السقف الذي كان يأوي عبد الرحمن وريما هبط فوق رأسهما بسبب هطول الأمطار بغزارة، ولولا رحمة ربنا لكان المنزل سقط بأكمله فوق رأسي ورأس أولادي جميعاً”.
ولم يبقَ من عائلة الأب المفجوع المؤلّفة من ستة أولاد، سوى ثلاث بنات بعد أن فقد ابنه البكر منذ عامين بحادث سير، لينضمّ إليه اليوم عبد الرحمن وريما. وقال بغصّة: “أشكر الله أن والدتهم متوفية منذ سنوات وإلا لكانت ماتت بحسرتهما”.
البلدية تتحمّل المسؤولية
ومصطفى الذي يعمل بصيد السمك، حمّل البلدية مسؤولية ما حصل مع عائلته، لأنه كما يقول “راجعها منذ فترة لترميم المنزل لكنها لم تتجاوب، و”رئيس البلدية رفض مساعدتنا على رغم طلب عدة أعضاء في بلدية الميناء بمساعدتي لإصلاح منزلي المُصنّف كموقع أثري”.
كان يتحضّر للخطوبة
وكان عبد الرحمن، كما يروي والده يتحضّر لخطوبته في الثالث عشر من الجاري، “إلا أن الموت كان أسرع منه فخطفه هو وشقيقته ليلتحقا بوالدتهما المتوفّية منذ سنوات بسبب المرض”.
وتُصنّف مدينة طرابلس كأكثر المدن فقراً على البحر الأبيض المتوسط، حيث لا يتعدى مدخول الفرد فيها الدولارين في اليوم الواحد.
تركا المدرسة باكراً
ونتيجة للأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تُخيّم على المدينة، اضطر عبد الرحمن وشقيقته ريما إلى ترك المدرسة باكراً، كما يقول والدهما، من أجل مساعدته في تأمين مصروف البيت.
والتحقت المدينة ذات الغالبة السنّية بالحراك الشعبي، الذي انطلق في 17 أكتوبر/تشرين مطالبةً بتشكيل حكومة مستقلّة ومحاربة الفساد. ولُقّبت بـ”عروس الثورة” لأن ساحتها لم تهدأ منذ اليوم الأوّل.
وشكر الأب مصطفى أبناء طرابلس الذين تعاطفوا معه، مؤكداً أنه لن يخرج “من الساحة قبل تحقيق مطالب الحراك”. ويبيت مصطفى وبناته الثلاث في حديقة المنزل المُهدد بالسقوط بشكل كامل.
استقالة
وعلى أثر الحادثة، تقدّم عدد من أعضاء مجلس بلدية الميناء باستقالتهم. وقالوا في بيان: “بعد الحادث الأليم الذي أدى إلى استشهاد شاب وصبية من أبناء الميناء، نضع ‏استقالتنا بين أيدي أهلنا في الميناء، وبعد أن تقدمنا بعدة دعاوى على فساد رئيس بلدية الميناء ‏وإهماله في عمله وتم تغطيته عدة مرّات، جئنا بكتابنا هذا نطالب رئيس بلدية الميناء عبد القادر ‏علم الدين بالاستقالة فوراً من البلدية، وترك المجال لأحد الأعضاء باستلام البلدية منعاً لإحداث ‏فراغ واستلامها من قِبل محافظ الشمال”.‎

(العربية)

لمشاركة الرابط: