وهو الصوص الذي ينفعل (بالطالعة والنازلة) ويخترع المشاكل كيفما سار لأتفه الأسباب ودون مبررات..
إذا ما توقف في أزمة سير خانقة انفعل…
وإذا ما انتظم في الصف لدفع فاتورة انفعل..
إذا ما كان صحن (السلطة) ناقصا للملح انفعل..
وإذا ما كان القميص (ما مكوي منيح) انفعل…
وطبعا .. مع كل (انفعل) حرب ولا حرب داحس والغبراء ومعركة ولا معارك الهكسوس..؟!
وهذا الصوص لا يفهم من الرجولة سوى مفهوم (العضلات).. فهو كما يقول الكثيرون ممن عايشوه أو اصطدموا به (عضلات بلا مخ) أو (كبرو عضلاته وصغروا عقلاته)..!!
صوص لا يملك في حياته سوى سلاح العضلات وكلمة (باطل) .. فما أن تواجهه مشكلة معينة حتى يضرخ كالأسد (باطل…؟!!) ثم يطلق الحرية لعضلاته المفتولة أن تتحكم بالموضوع…
(هلق للصراحة.. وبيني وبينكم ..الواحد بيعمله ألف حساب) ..
ولكنه للأسف ليس رجلا لأن من يعتقد أن الرجولة ضرب وبطش و(بوكسات) وعضلات فهذا صوص يمكن أن نطلق عليه بأحسن الأحوال (صوص قباضاي) أما أنه رجل .. (لأ .. صعبة شوية)..
وهذا الصوص أعتقد والله أعلم أن مشكلته سهلة إن كانت (صوصنته) في المرحلة الأولى، لأنه بالإمكان إرشاده وتوجيهه التوجيه الصحيح ليصبح رجلا فعليا سواء من خلال النصيحة أو من خلال التوبيخ أو حتى من خلال (قرصة دينة) والنتيجة مضمونة إن شاء الله..
ولكن المشكلة عند هذا الصوص أنه بعد مرحلة متأخرة من الصوصنة تتأصل فيه طريق إثبات رجولته المزعومة من خلال مبدأ (العضلات)…
فيعيش في هذه الدنيا معتمداً على (بالوناته المنفوخة) فوق كلتا يديه، ولا يستطيع التصرف في أي أمر من أمور حياته إلا عبر طريق العضلات..
وهذا الصوص قد يحقق مكاسب في الأمد القريب، ولكنه بلا أدنى شك في الأمدر البعيد خاسر وخاسر وخاسر ، لأن طريقه في نهاية الأمر على رأي نزار أفندي قباني .. مسدود مسدود مسدود..!!
فحبيبة قلبك يا (صوص) سترميك خلف الباب الموصود..
وأصدقاؤك سيستغنون عن خدماتك في الوقت الموعود..
ومجتمعك سينقلب عليك ولن تجد فيهم القلب الودود…
ونهايتك ستكون حتما السقوط ثم السقوط ثم السقوط من عل…كجلمود الباشا امرئ القيس..
وخطورة هذا الصوص أنه سيعيش حالة من الانطوائية والاكتئاب والعزلة بعد فترة من العمر بسبب غياب مقومات “الجذب العضلاتية” عنده.. فهي سوف تترهل وتضمر و(تشطشط) حتى يخجل من إبرازها…
وحينئذ سيشعر فعلا بالصوصنة التي كانت ينكرها طوال عمره….
فيا أيها (العضلاتي المتصوصن) الرجولة كل الرجولة .. في رجاحة العقل وحسن التصرف ومداراة الأمور وعلاجها بالطريقة الصحيحة والواعية والعاقلة..
الرجولة في استيعاب الآخرين وفي امتلاك النفس عند الغضب كما قال رسولنا الكريم…
الرجولة في الحكمة وعدم التسرع..
في الشجاعة وعدم التهور..
في العفو عند المقدرة وعدم الظلم…
في كظم الغيظ والإحسان إلى الناس…
فارحمنا من عضلاتك… و(بلا (باطل) بلا من يحزنون)..؟!؟
الشيخ بهاء الدين سلام
باحث ومحاضر في مجال تنمية الفكر، حاصل على إجازة في اللغة العربية وماجستير في الدراسات الإسلامية ويتابع حاليا شهادة الدكتوراه في الإعلام الإسلامي.
عمل مديرا للمركز الإسلامي للإنماء والإعلام – بيروت، وكاتبا في عدد من الصحف العربية وهو حاليا رئيس القسم الإسلامي في جريدة اللواء اللبنانية.
له برامج إعلامية متعددة تصب كلها في مجال تنمية الفكر البشري من خلال التعاليم الإسلامية، منها برنامج خير الكلام على تلفزيون المستقبل وبك أصبحنا على إذاعة القرآن الكريم إضافة إلى برامج إذاعية متنوعة في مختلف الإذاعات اللبنانية.
كما له العديد من المؤلفات والمقالات والأبحاث والمحاضرات والندوات التي ألقاها في عدة مناسبات في لبنان وخارجه.