صوصنا اليوم .. شاب في مقتبل العمر.. جميل الوجه.. ثاقب النظر.. مليء بالمواهب.. ولكنه ضيّع كل شبابه وطاقته ومواهبه في سبيل تحقيق المنظرة و(شوفة الحال)..!!
همّه الوحيد لفت الأنظار إليه خاصة أنظار الجنس اللطيف، وهو في سبيل تحقيق هدفه على استعداد أن يجلس في مطعم ما لساعات طويلة حتى .. (يركب الفيلم) كما يقال..؟!؟
ولهذا الصوص الناشئ صفات وتصرفات معروفة للجميع، أولها الاهتمام الزائد بالمظهر الخارجي من حيث اللباس و(جلجلة) الشعر (أي وضع مادة الجل عليه)، وإبراز الساعة (الماركة)، ووضع الهاتف المحمول على الطاولة أمامه حتى لو لم يكن فيه رصيد، وقبل كل هذا أسلوب خاص في الجلوس لإظهار كل المغريات الكاذبة التي ستوقع الفريسة المقصودة…
والمضحك أن هذا الصوص يعيش وفق هذا الأساس منذ سنوات وهو في كل مرة يرتاد فيها تلك الأماكن ينتظر لساعات على قدح واحد من القهوة داعيا الله تعالى أن يدخل عليه صديق ليدفع الثمن عنه لأنه وبكل بساطة.. مفلس..!!
وهذا الصوص خطورته أن يذهب طاقاته ومواهبه هباء بلا عائد إيجابي، فهو يترك عمله ودراسته وتنمية ذاته في سبيل الحصول على موعد من شقراء أو سمراء…
وهو لا يمانع في قطع عشرات الكيلومترات بهدف الحصول على رقم هاتف..!!
ولتحقيق هذا نراه يدخل في مشاكل ويسهر الليالي خارج المنزل ويرتاد الأماكن التي لا يجوز لرجل (فيه كل صفات الرجولة) أن يرتادها سعيا وراء الحصول على مبتغاه الخبيث..!؟
ومن سلبيات هذا الصوص المغرور أنه يمتلك كمية إعجاب بنفسه لا يضاهيها شيء، فهو يعتقد أنه الرجل الوحيد، وأنه الوسيم الوحيد، وأنه قاهر قلوب العذارى، ومحطم إحاسيس الجميلات… ونسي بل تناسى أنه (لمَّا يجدّ الجد) لن تلتفت إليه فتاة وإن كانت (اللهم احفظ أعراضنا)…؟!
فهذا الصوص.. يعيش على وهم الذكورة لا الرجولة.. ويؤمن أن الرجل وظيفته مشاكسة النساء والفتيات أيا كان الثمن وكيفما كانت الطريقة…
وهذا الصوص (السفيه) لا يكتشف خطأه إلا بعد فوات الأوان.. وغالبا بعد الزواج.. إذ يجد حياته مأساوية لا مجال فيها للاستمرار.. والسبب طبعا (سبحان الله).. من زرع حصد.. كيفما تدين تدان.. والعقاب من جنس العمل..
وهذا المسترجل يرتكب جريمة لا تغتفر بحق المجتمع إذ يفوت عليه فرصة الاعتماد على الشباب الذي من المفترض أن يكونوا هم قادة المستقبل وبناة الغد..
فأي قادة هؤلاء الذين لا هم لهم سوى (ماركة البنطلون) و(الساعة السينيه)..!!
وأي بناة سيكونون وهم أصلا لا يصلحون لحمل رفش ولا لتحمل نقطة عرق تتساقط منهم..؟!!
صحيح أن ارتفاع نسبة البطالة قد تكون سببا في عدم توفر فرص العمل لهم.. ولكن هذا ليس مبررا (للصوصنة) التي يعيشون فيها.. وليس عامل جذب لحالة الضياع التي يتفاخرون بها…
إن الواجب على هؤلاء الصيصان أن يعلموا أن الفرصة ما زالت أمامهم للعودة إلى ميدان الرجولة مرة أخرى، ولكن عليهم أولا أن يفهموا أن الرجل ليس بملابسه ولا بماركاته وإلا كان (المانيكان) أرجل منهم..!؟
الرجل بعمله.. وبرجاحة فكره.. وبعقله الواعي القادر على استيعاب تحديات الحياة والصابر على مشاكلها..
وليس أبدا الرجل هذا (المتصوصن) الذي تشقلب أحواله ضحكة من هدى أو ابتسامة من نانسي أو غمزة من تاتيانا..؟!
الرجل الحقيقي هو الذي يحول شبابه إلى (دفتر توفير) ينمي الحساب فيه حتى إذا ما جاءت الشيخوخة كان (كشف حسابه) كبيرا يقيه ذل السؤال والصوصنة على كِبَر..
وبيني وبينكم .. “يا ساتر شو صعبة يكون ختيار .. وكمان صوص”؟!
الشيخ بهاء الدين سلام*
باحث ومحاضر في مجال تنمية الفكر، حاصل على إجازة في اللغة العربية وماجستير في الدراسات الإسلامية ويتابع حاليا شهادة الدكتوراه في الإعلام الإسلامي.