فوزي…(سهير)..!! بقلم الشيخ بهاء الدين سلام الحلقة (2)

حين يصبح الرجال صيصان- الحلقة 2 بقلم الشيخ بهاء الدين سلام

فوزي أيها السادة الكرام..(صوص) في الأربعينيات من العمر من مجموعة الصيصان المنتشرة في مجتمعاتنا، يقبع في منزل متواضع ورثته زوجته عن والدها في حي شعبي، وهمه الأول والأخير أن ينال رضا السيدة سهير المصونة التي هي زوجته وأم أولاده…؟!
وهذا الفاضل(..؟!) في سبيل هذه المكرمة يبذل الغالي والنفيس…
غسيل ممكن.. “جلي” ربما.. “تمسيح” يجوز.. طبيخ (ما فيها شي)..
بل وهو على استعداد تام لإرضاع الأطفال إن كان هذا ما سيجعل السيدة حرمه راضية عنه…
وللحقيقة أقول لكم أن كل هذه الأعمال لا شيء فيها بل هي في واقع الأمر من صلب الرجولة (إلا الإرضاع طبعا..!!)، فمعاونة الرجل لزوجته في تحمل أعباء الأعمال المنزلية لا تتنافى أبدا مع الرجولة فقط كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كما ثبت في السنة الشريفة يساعد أهل بيته في أعمالهم، ولكن ما يعارضها فعلا هو انقلاب الأدوار حتى يصبح هو هي وتصبح هي هووهذا ما وقع فيه الأستاذ فوزي (الله يرضى عنه) كما تقول السيدة سهير..!!
فهو من شدة اعتنائه بالمنزل وأعماله أصبح نسخة طبق الأصل من السيدة حرمه.. يستيقظ صباحا فيعدّ طعام الإفطار لأولاده ولزوجته ثم يبدأ بإيقاظهم كلّ حسب مواعيد دراسته أو عمله، وبعدها يجلس مع بعض الستات من الجيران في جلسة نميمة حميمية تختتم بقراءة الفنجان..
أما العمل والسعي خارج المنزل فلا يعرف عنه شيء لأنه وببساطة شديدة لا يحسن أي عمل سوى أعمال المنزل، وكلما تحدث معه أحد منتقدا حاله (الصوصاني) رد عليه بنظرة اشمئزاز يملؤها الغرور الكاذب : (أنا يا حبيبي أقل من ألفين وخمسماية دولار بالشهر ما بشتغل)..؟!!
طيب والمصروف يا فوزي أفندي…
(يا سيدي … الله يرحم حماي .. أبوها للحاجة سهير يللي ترك ورثة محترمة.. وماشي الحال)..!!
وهكذا يشكل فوزي نموذجاً للآلاف الذين يعيشون بيننا وفق هذا المنطق الأعوج…
منطق (فقر وعنطزة)…
منطق ( شحات ومشارط)..
منطق (البطالة ولا شغل بمعاش قليل)..
وأسوأ ما في هؤلاء الصيصان أنهم يفتقدون وقبل أي شيء لقيمة العمل في حياتهم..
فالمهم عندهم المال ثم المال ثم المال ولا شيء سوى المال…
والأنكى أنهم لا يبحثون عن المال بهدف الستر أو بهدف تأمين متطلبات الحياة الضرورية .. أبداً..
وإنما بهدف إشباع لذات فاسدة وتحقيق غايات سخيفة..
بهدف سيارة موديل جديد… سهرة في مطعم فخم.. شراء أحدث أنواع (اللابتوب).. اقتناء آخر صيحة في عالم الهواتف المحمولة..؟!
الحاج فوزي.. ليس فقط صوصا.. بل صوص بلا ريش يعني (منتوف).. أي صوص مقزز.. منفر.. سيء الشكل..
نعم .. فإن من يرضى أن يصبح عالة على إمرأة من المفترض أن يكون هو المتكفل برعايتها وصيانة كرامتها ليس رجلا.. ولا يجوز أن تطلق عليه أصلا صفة الرجولة، لأنه وبصراحة ذكرا يدّعي الرجولة…وآدميا يدّعي الإنسانية..ومن هنا نفهم لماذا قيل “من تبطل فقد نزل إلى مستوى البهيمية”..؟!
فمن يقنع أن يمر في الحياة دون أن يكون مؤثراً في مجتمعه وفي محيطه وفي أسرته لا يستحق أن يحيا إلا… كما تحيا الصيصان…!!

بطاقة
الشيخ بهاء الدين عبد الرحمن سلام…
باحث ومحاضر في مجال تنمية الفكر، حاصل على إجازة في اللغة العربية وماجستير في الدراسات الإسلامية ويتابع حاليا شهادة الدكتوراه في الإعلام الإسلامي.
عمل مديرا للمركز الإسلامي للإنماء والإعلام – بيروت، وكاتبا في عدد من الصحف العربية وهو حاليا رئيس القسم الإسلامي في جريدة اللواء اللبنانية.
له برامج إعلامية متعددة تصب كلها في مجال تنمية الفكر البشري من خلال التعاليم الإسلامية، منها برنامج خير الكلام على تلفزيون المستقبل وبك أصبحنا على إذاعة القرآن الكريم إضافة إلى برامج إذاعية متنوعة في مختلف الإذاعات اللبنانية.
كما له العديد من المؤلفات والمقالات والأبحاث والمحاضرات والندوات التي ألقاها في عدة مناسبات في لبنان وخارجه.

لمشاركة الرابط: