إكرام صعب – nextlb
في بلد قضت الأزمات الإقتصادية على معظم مكوناته ومقوماته ويتنافس فيه على المراتب الأولى عالمياً في الفقر والفساد والتضخم والدين العام والغضب، بات من الطبيعي أن تخرج الشتائم من الأفواه على عدد الشهيق والزفير.
ولا تقتصر ظاهرة الشتائم على المارة في الشوارع أو عند سماعك بإشكال وقع بين شخصين في الشارع او بين مجموعة من المارة في الشارع ، بل صارت تنتقل بصورة لافتة الى شاشات التلفزة تارة في برامج “التوك شو” وتارة أخرى في المسلسلات الرمضانية بين الممثلين وعلى مدى زمن عرض العمل الفني على الشاشة .
إلى أي مدى تهدىء الشتيمة من روع اللبناني الغاضب؟ وخصوصاً في هذه الأيام المأزومة لأنها قد تحدث إشكالات في بعض الأحيان تؤدي إلى إطلاق نار، نتيجة وجود السلاح المتفلت وقد تؤدي الى قتلى وجرحى. ويقال ان المدمن عليها كالمدمن على السجائر! فهل نستطيع ردعه؟ وكيف؟
تورطوا بها
يقول أبو جميل وهو صاحب مقهى على شاطىء بيروت في حديث ل nextlb” عندما تكون غاضباً، عد للعشرة وعندما تكون غاضباً جدا، أشتم فاليد التي لا تقدر عليها أشتم صاحبها ونفس غضبك ولكن تفادى تعاركاً وتضارباً بالأيدي أو بالسلاح “.
ويضيف ضاحكاً “هذا ما أنصح به الزبائن الذين يقصدون المقهى عندي ليمارسوا هوايتهم اليومية في لعب الورق ، وتراني أراقبهم وأهدىء من غضبهم بنكتة عابرة كلما وصلت شتيمة الى مسامعي”.
وتتعدد المواضيع التي تدور حولها الشتائم ، من ألفاظ الكفر اللفظي الى التشبيه بالحيوانات والتعصب والعنصرية ، والأسوأ هو شتم الأم والأخت والعرض .
وتحدث الشاب سامي لموقع سكاي نيوز عربية عن “الغضب والإنفعال الداخلي والحاجة الملحة لترجمة هذه المشاعر بشكل ينفس الإحتقان والعصبية “، وأضاف ” الشتيمة التي تخرج من الإنسان الغاضب تكون كالمياه التي تطفئ النار “.
ماذا يقول علم النفس؟
يقول رئيس قسم علم النفس في الجامعة اللبنانية سابقاً أحمد العلمي في حديث ل nextlb” الشتيمة هي رد فعل فطري على الأمور المزعجة تساعد على تخفيف الضغط على الأشخاص، والتعبيرعن غضبهم والكبت الإجتماعي الذي يعيشونه. ”
ويضيف” كلما ارتفعت درجات الغضب والضغوطات النفسية تعددت مهارات السباب والشتائم بين الناس لا سيما في الدول التي تعاني من أنظمة استبدادية ، وتأتي الشتائم كفعل مقاومة وكسر لقيود تلك الأنظمة وترتبط بثقافة الشخص ووعيه وتربيته ودفاعاته الفكرية “.
ويتابع “غالباً ما يدمن الأشخاص على التلفظ بالشتائم خصوصاً اذا كانوا يخضعون للتعبئة اليومية بها ، ويعتبرون الشتيمة سلاحهم”
ويرجح العلمي السبب الى “التربية والعلاقة بين الأب والأم في الأسرة الواحدة وأسلوب الآحترام والتعامل بينهما “.
ويصنف العلمي الشتيمة الى أنواع منها ” العابرة الناتجة عن الجماعات الحزبية او الطائفية ،وهناك الشتيمة السياسية التي صارت سلاحاً في لبنان “.
ويضيف “الشتيمة ظاهرة عالمية لكون الغريزة العدوانية تطغى على الإنسان، أما المواجهة فيجب أن تكون المحاسبة خاصة في الشتيمة السياسية”
وعن الوضع النفسي للشعب اللبناني في هذه المرحلة، يوضح العلمي أن “الضغوط النفسية التي نعيشها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا ومرد ذلك الى الأزمات التي أصابت مجتمعنا خلال فترة قصيرة، وهذه الضغوط النفسية بدأت تظهر بطرق متعددة”.
ويتابع ” استخدام عبارات الجنس في الشتائم ، وتعتبر من المحرمات في مجتمعاتنا الشرقية ، تكون أقسى في حال طالت الأم أوالأخت لجعل الشتيمة من العيار الثقيل ، وهنا تعتبر قمة الشتائم”.
ويكشف العلمي أن “هناك أشخاصاً يتلذذون بلفظ الشتائم نتيجة شعور بالحرمان والدونية ففي ظل الأزمات الوجودية المتعاقبة ، ويعتبر العنف اللفظي أكثر أذى وتدميراً من أي عنف آخر.”
ويوضح أن “المجتمع المادي يعيش تناقضات تؤدي الى الحقد وفك الارتباط العاطفي بين الناس وتضعف الروابط والقيم الأخلاقية التي تدفع الى احترام الآخر”
وينصح العلمي ب ” تعزيز الثقافة النفسية وبالرياضة والمطالعة ومحاربة الشعور بالإحباط الذي يؤدي الى فك الروابط الإجتماعية بسبب الأزمات التي تعيشها البلاد. ”
ويختم بالقول “الشتيمة رغم قساوتها تبقى أسهل أنواع العنف ، ويبقى الأخطر من ذلك ظاهرة الإنتحارالتي يولدها الاحباط كما شهدنا ولا زلنا نشهد في لبنان”.