كتب مجد بو مجاهد في جريدة النهار :
تتسارع المداولات السياسية الهادفة للبتّ في الترشيحات السنيّة المدعومة من رؤساء الحكومة السابقين لخوض استحقاق الانتخابات النيابية. وقد بدأت عمليّة فلفشة الصور وجوجلة الأسماء الممكنة للترشّح، مع الحرص على الاختيار ما بين إمّا “بورتفوليو” يجمع ما بين مؤهّلات علميّة وشخصيّة وإمّا “سيرة ذاتية” سياسية متّخذة خانة “الصقور” منذ مرحلة “انتفاضة الاستقلال”.
وتشير معطيات “النهار” إلى مشاورات جادّة تفعّلت قبل أيام من خلال عددٍ من الوجوه السنية البارزة سياسياً، بما ضمّ بعض الكوادر في تيار “المستقبل”، لجهة التأكيد على ضرورة عدم ترك الساحة السياسية خالية أمام المشروع “الممانع” نحو مزيد من التمدّد، بعدما اتّخذ الرئيس سعد الحريري قراره بالعزوف عن خوض الاستحقاق الانتخابي. وتتّجه المفاوضات التي يقودها الرئيسان فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي إلى جانب شخصيات محسوبة على المدرسة السياسية لتيار “المستقبل”، إلى بدء حسم الترشيحات انطلاقاً من مطلع الأسبوع المقبل، بعدما وصلت المداولات بين الأطراف المعنية إلى مراحل جديّة ومتقدّمة. وتقتنع بعض الوجوه القيادية “المستقبليّة” البارزة بالحراك الانتخابي القائم، وفي طليعتها نائب تيار “المستقبل” مصطفى علّوش الذي يردّد في مجالسه بأنّ ثمّة اقتناعاً يشمل “بعضنا” بأهمية تفعيل الحراك السياسي – الانتخابي الذي يواكبه السنيورة، مع الإشارة إلى أن غالبية النواب الحاليين في كتلة “المستقبل” لا يحتاجون القيام بأيّ إجراءات استباقية للترشّح طالما أنّهم غير منتمين إلى تيار “المستقبل”، بما يشمل عدداً من نواب المناطق في عكار وطرابلس والبقاع.
وتتجاوز الفكرة المؤيّدة للترشّح للإنتخابات الأسماء المقرّبة من “التيار الأزرق”، بما يضمّ بعض القياديين الذين يحاولون إقناع الرئيس سعد الحريري بفكرة خوضهم الاستحقاق من منطلق شخصي مع الحفاظ على دورهم الحزبي. ولا تزال تأتي الإجابة في سياق عدم قبول هكذا خيارات على صعيد القيادة. وهذا ما أكّده بيان “المستقبل” الأخير، معيداً التذكير بشروط ترشّح كوادره، والقائمة على ضرورة تقديم الاستقالة من “التيار الأزرق”.
ولا يلغي ذلك الاقتناع البارز لدى بعض القياديين المؤيّدين لخوض الانتخابات بأهمية الاستحقاق، بحيث تلفت المعطيات إلى محاولات مستمرّة يقودها علّوش للتشاور مع الحريري انتخابياً، مع تأكيده عدم الانطلاق من اعتبارات شخصيّة وضرورة الحصول على مباركة “حريريّة” قبل الإقدام على تقديم ترشّحه كخطوة في إطار تعاونيّ مع حراك سياديّ على الصعيد الوطني. ويفكّر علّوش بالترشّح انطلاقاً من اقتناعه بأهمية عدم ترك الساحة الانتخابية، باعتباره أنّ الفراغ سيترك مزيداً من الفراغ بما يضاعف سيطرة “حزب الله”. وإذ يرغب علوش بالترشّح انطلاقاً من اعتبارات وطنية، لا شخصية، يؤكد في مجالسه أنّ عائلته لا تريده أن يخوض الانتخابات أيضاً. لكنّ تأييده للخطوة يأتي من اعتبارات مسار توحيد الصفوف المعارضة على المستوى الوطني العام. وقد عُقدَت مشاورات هادفة إلى البحث في إمكان ترشّح علوش خلال الأيام الماضية، بما شمل محادثات على مستويات عالية تتولّى جوجلة الأسماء الممكنة لخوض الانتخابات. وهناك اتّصالات جارية في إطار تواصل شخصي بين السنيورة وعلوش والوزير السابق أحمد فتفت. ويدعم علّوش مقاربة السنيورة. وهذا ما أبلغه شخصيّاً لعدد من القيادات في تيار “المستقبل”.
ويتحفّز علوش للترشح انطلاقاً من معلومات واردة لديه عن توجّه نحو إعادة تقريب المسافات بين الأحزاب السيادية استعداداً للمرحلة المقبلة سياسياً، بما يشمل “القوات اللبنانية” والحزب التقدمي الاشتراكي وفعاليات سنيّة تشمل بيروت وصيدا والشمال اللبناني.
ويُنتَظر أن تتظهّر بوادر بداية الخطوة الأولى في مسار إعادة تنظيم القوى السيادية انتخابياً، انطلاقاً من الأسبوع المقبل مع دخول مرحلة الحسم في مسألة الترشيحات. وهناك تساؤلات تدور حول ما إذا كانت قيادة “المستقبل” ستعطي ضوءاً أخضر لنائب رئيسها بخوض الانتخابات، علماً أنّ التوجّه العام الذي سيتخذه علوش هو لعدم الترشّح في حال لم يوافق الحريري شخصياً. وسيتحوّل عندئذٍ إلى دعم الحراك الوطني الذي تقوده الشخصيات المحسوبة على المحور السيادي بهدف التحضير للمرحلة المقبلة. وإذا كان القرار العام الذي اتّخذته القيادة الزرقاء واضحاً لناحية عدم المشاركة في الانتخابات وطلب استقالة أي عضو منتسب يريد خوض الاستحقاق، فإنّ ثمّة من يستبعد أن يشهد القرار “المستقبليّ” تعديلات أو استثناءات خصوصاً بعد التأكيد عليه مرّة جديدة في الساعات القليلة الماضية. إلى ذلك، يلاحَظ أن عدداً كبيراً من نواب كتلة “المستقبل” النيابية غير المنتسبين حزبياً إلى “التيار الأزرق”، يعتزمون الترشح للانتخابات من جديد. وقد ارتفع عدد الأعضاء المنضوين في كتلة “المستقبل” الذين يتحضّرون لخوض الانتخابات، بما بات يشمل 4 نواب من عكار (محمد سليمان، طارق المرعبي، هادي حبيش ووليد البعريني)
ويتحضّر نجل النائب محمد كبارة (كريم) للترشّح في طرابلس. ويلقى النائب سامي فتفت دعماً مناطقياً وشعبياً لخوض الانتخابات مجدّداً.
ويعتزم النائب عاصم عراجي الترشّح عن دائرة زحلة. وهو يؤكّد في مجالسه أنّ ترشّحه يأتي نتيجة طلب من أبناء منطقته، علماً أنّه لم يحسم تحالفاته أو خياراته لجهة الانضمام إلى كتلة نيابية من عدمه، بانتظار ما يمكن أن تفرزه الانتخابات النيابية.
وتتمثل الهواجس التي يعبّر عنها عراجي بالخشية من تضعضع النواب السنّة في مجلس النواب المقبل، علماً أنه لا يمانع الانضمام إلى كتلة نيابية في حال تأكّد أنّ توجّهاتها قريبة من خياراته السياسية. وهناك عددٌ إضافيّ من نواب كتلة “المستقبل” على صعيد مناطق عدّة، الذين يفكّرون بدورهم في خوض الاستحقاق النيابي. ويرجّح مواكبون عودة ما يقارب نصف نواب كتلة “المستقبل” الحاليين إلى المجلس النيابي المقبل، أو أسماء مقرّبة منهم على صعيد عائليّ أو سياسيّ – مناطقيّ.
المصدر : النهار