من كان يتصور أن نرى جرحى وجثثاً ودماءً في كل زاوية من غرفة المستشفى وسط كارثة لم نشهد لها مثيلاً. نعم، هذه الصورة حقيقية وقد إلتُقطت في مستشفى اوتيل ديو بعد وقوع الانفجار. نعم، هذه الدماء المنتشرة على الأرض والطاولة وفي كل مكان، نزفتها أجساد الناس في ذلك النهار المشؤوم. نعم، هذه حالتنا وهذه أوجاعنا وصرختنا التي رميناها في هذه الغرفة بعد أن قذفتنا المأساة إليها عنوةً.
وبين الجدران الأربعة الشاهدة على مآسي الجرحى والموتى، حارب الجنود البيض بكل ما أُوتوا من قوة هول الفاجعة. وسط الدمار والفوضى وقف الطاقم الطبي والتمريضي يُبلسم جروحات نتيجة هذه الجريمة. ما رأيناه وعايشناه في تلك الساعات لا يُشبه بقساوته ما عشناه واختبرناه طيلة السنين الماضية.
تختصر هذه الغرفة ما واجهناه بعد لحظات من الانفجار، وبينما كنا نلملم أشلاءنا ودماءنا ونطلب النجدة، كانت مستشفياتنا تنزف عاجزة عن استيعاب هذه الكارثة.
يصف الاختصاصي في الطب الداخلي في مستشفى اوتيل ديو الدكتور فادي حداد المشهد في تلك الليلة قائلاً: ما رأيناه في تلك الليلة لم نرَ مثله من قبل، حتى أيام الحرب وزمن الانفجارات، عدد الوفيات والجرحى التي كانت تصل بأعداد كبيرة في الوقت نفسه وفي الغزارة نفسها لا يوصف، حتى إن بعض المستشفيات التي تلقت ضربة نتيجة الانفجار وجدت نفسها تتأرجح بين مداواة جروحها وانقاذ مرضاها المصابين وإنقاذ الجرحى الذين تهافتوا عليها طلباً للنجدة.
النهار
حكايةُ قبر أُمّي..
كانت والدتي رحمها الله تقولُ لنا في سهراتنا الطويلة : ” إدفنوني بين أهلي لأنني آنَسُ بهم .. فَلَكَمْ أبصرتُ مقبرةَ قريتنا في شبعا بعدَ ذوبان ثلج حرمون تنقلبُ حديقةً غنّاءَ ، تَنْبُتُ في ثناياها أشجارُ الجوز والحور والبيلسان .. وزهر الياسمين . أوصتني أمي وأنا بعد صغيرة فقالت :” لا تدفنوني بعيداً عن أهلي
Read More