لوحظ أنّ المواقف الأخيرة لرئيس مجلس النوب نبيه بري ما زالت تصب في خانة “استدعاء” رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري من “الاحتياط” بعدما أطلق بري صافرات الإنذار المبكر من عين التينة ليُسمع صداها في تلة الخياط التي هي على تماس مع مقر الرئاسة الثانية، وصولاً إلى باريس مربط خيلنا حيث ما زال الحريري في العاصمة الفرنسية ربطاً بمعلومات وثيقة عن قيامه في الأيام الأخيرة بسلسلة اتصالات بالغة الأهمية تناولت الوضع في لبنان والمنطقة ولا سيما مع كبار المسؤولين الفرنسيين، ما يؤكد أنّ رائحة العودة وإن لتصريف الأعمال ما زالت تفوح بقوة، ذلك أنّ الرئيس بري “حرّيف” في إطلاق المواقف التي تحمل بمعظمها رسائل مشفرة، وهو من البداية كما قال “قدم لبن العصفور للحريري”، ما يعني أنّه ما زال متمسكاً بمزيد من تقديم الوجبات، والمهم أن يقبل ويعود إلى السرايا وفقاً لمقتضيات المرحلة السياسية المحلية والإقليمية، خصوصاً أنّ العامل الرئيسي الذي يدفع بري الى التمسك برئيس “تيار المستقبل” إنّما يتمحور على المسائل الاقتصادية والمالية الآخذة بالتدهور، ويعتبر أنّ في مقدور الحريري المساعدة في الحد من الخسائر بفعل علاقاته الدولية بعدما وصلت الأمور بين الجارين، أي عين التينة وتلة الخياط، إلى مرحلة المناكفات السياسية، إذ يُنقل عن زوار رئيس المجلس أنّه غير مرتاح الى تشكيلة الرئيس المكلف حسان دياب ولا يراها تنقذ البلد أو أنّها قادرة على التقليع، خصوصاً بعد مقتل قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني.
وتوازياً، تشير أوساط سياسية عليمة لـ”النهار” إلى أنّ معظم الطبقة السياسية في البلد مصابة بهلع بدأ يتفاعل ويتعاظم مع تردّي الحال المعيشية والاجتماعية والتدني المستمر لليرة اللبنانية، حتى أنّ مرجعاً سياسياً جمع أركان حزبه وسائر القيادات الوسطية في كل المناطق وأعلن حال طوارئ شاملة اقتصادية ومعيشية واجتماعية وصحية ووُزّعت المهمات على الجميع كلّ في مجال اختصاصه، إذ يرى المرجع المذكور أنّ الأزمة طويلة وخطيرة في آن، وتستدعي التفرغ الكامل لمواكبة قضايا الناس والشروع في اتخاذ إجراءات تقتضيها المرحلة مثل الزراعة والتموين من الحاجات الضرورية نظراً الى فقدان السيولة والغلاء المستشري وإمكان تطور الأوضاع نحو الأسوأ. ويقول في مجالسه “إنّنا في هذا العهد ذاهبون إلى مجاعة وأكثر من ذلك، ولا تتفاجأوا مما قد يحصل في وقت ليس ببعيد لأنّنا أمام فريق سياسي أخذ البلد إلى الهاوية ومدعوم بفائض القوة ويتعاطى مع من ساهم في إعمار لبنان ووقف إلى جانبه وتحديداً دول الخليج والسعودية في طليعتهم، بكثير من السوء وقلة الخبرة، والأحقاد تحكم سياساته، لذا سنتجه إلى صدام سياسي معه. وعلينا أن نحصّن وضعنا لمواجهة هذه التطورات، وما حالة الكهرباء إلا دليل على هذه الخفة التي يعالج بها هؤلاء هذا القطاع ولا يريدون أن يسمعوا أو يقبلوا النصائح بل هم يعيشون في كوكب آخر”، ويردد أكثر من مرة “أنّ الآتي أعظم”.
وعلى خط آخر، يبدي سفير لبناني سابق في إحدى عواصم القرار لـ”النهار” مخاوفه وهواجسه مما آلت إليه السياسة الخارجية للبنان، “وخصوصاً ارتماء العهد في الحضن الإيراني، والأمر عينه لوزارة الخارجية التي باتت أوراقها في طهران، ولم يقتصر الأمر على تفاهم “مار مخايل” الذي قد يكون مشروعا بين طرفين سياسيين لبنانيين، وإنّما أن يصبح لبنان ضمن المحور الإيراني فذلك سيرتّب عليه خسائر جسيمة لا تقتصر على العلاقات السياسية والاجتماعية والديبلوماسية، إنّما الطامة الكبرى تتمثل في غياب الدعم الخليجي للبنان”، كاشفاً أنّ سفراء دول كبرى في بيروت أعربوا خلال مناسبات اجتماعية عن هذا الواقع الذي يقلق أيضاً الولايات المتحدة وفرنسا وسائر دول أوروبا، “لأنّهم تفاجأوا بما آلت إليه الأوضاع في لبنان، إذ للمرة الأولى تسوء علاقة لبنان بدول صديقة وشقيقة مثل السعودية ودول الخليج عموما”، لافتاً إلى أنّ “نصائح أسديت الى كبار المسؤولين اللبنانيين خلال زيارات لموفدين أميركيين ودوليين بهذا الشأن، إنّما ذهبت سدى”.
ويختم مؤكداً أنّ “ما يجري في العراق شبيه إلى حد كبير بالمعطى اللبناني السياسي، مع فارق أنّ ما يحصل في بغداد يأخذ الطابع الدموي، والمخاوف من أن تتخذ إيران من الساحة اللبنانية منصةً في سياق مواجهتها للولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي وربما عبر رسائل ميدانية من خلال عمليات عسكرية ولو في إطار محدود، وذلك قد يظهر من خلال خطاب الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله غداً في ذكرى اسبوع مقتل سليماني. ولا بد من الإشارة إلى أنّ مرشد الجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي تحدث قبل يومين عن قدرات الحزب ودوره وموقعه، وبمعنى أوضح إنّ طهران ستلجأ إلى مثلث الحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق و”حزب الله” في لبنان، وهؤلاء هم ذراعها العسكرية وجاهزون لأي فتوى للقيام بما يُطلب منهم.
وجدي العريضي – النهار
شو بخبرك عن بيت من لبنان !
يقول الفنان وديع الصافي في رائعة من أجمل أغانيه ” بيتي ما برضى يسيب بيتي أنا سلاحو .. ما بتركو للديب ولا بعير مفتاحو” من المؤسف القول أن بيوت العديد من اللبنانيين اليوم “تركت للديب” وضاعت مفاتيحها … وما أدراك ماذا فعل بها ” الديب” ؟ يعرف البيت اللبناني الأصيل ليس من حجارته المقصوبة فحسب
Read More