مطران الثورة: بوركتم وبوركت انتفاضتكم

من يعرف المطران الياس عوده من قرب، يدرك انه لا يستكين، لكنه يجانب الاثارة الاعلامية، واثارة المشكلات مع أهل البيت أولاً، ومع المحيط ثانياً، خصوصا لمن هو في موقعه، راعيا لاناس من مختلف التوجهات السياسية، ولابناء ابرشية الابرشيات في ظل نزوح ابناء الارياف والقرى الى العاصمة، وتحولهم من نسيجها، وفي قلب ابرشيتها. لكن المطران عوده لا يجانب الحقيقة، ولا يجانب حرية الضمير خصوصاً في قلب الازمة التي حذر منها مراراً وتكراراً. وقد تعرض لحملات سياسية من المعترضين على مواقفه، وقسم كبير منهم كان يلجأ اليه في زمن الوصاية، لكن هؤلاء انقلبوا على تاريخهم، فانقلبوا على كل ما ومن يذكرهم بهذا الماضي.
اليوم يستعيد المطران الياس مواقفه الوطنية المعهودة، فيتبنى انتفاضة الناس الموجوعين والمتألمين والمستائين من طريقة ادارة الحكم، واستشراء الفساد، وسارقي المال العام، وعملاء الخارج، والمرتبطين بسياسات اقليمية، والخارجين على سلاح الدولة الشرعي.
قبل أيام من اجتماع رؤساء الكنائس المسيحية في بكركي، قال المطران عوده في عظة الاحد للشباب: “بوركتم وبوركت انتفاضتكم”، وشدّد على “ضرورة إعلان الحرب على الفساد والمفسدين”، داعياً القيّمين على القرار أن “أوكلوا أمور الوطن لأصحاب الاختصاص، شكّلوا حكومة إنقاذ مصغرة، أعيدوا الأموال المسروقة، فهكذا تكون الجديّة”.
وأضاف: “ما حصل في الأيام الماضية أحرق طرقات لبنان بعد غاباته وأحرق قلوب اللبنانيّين، وعساه يحرق بعضَ الضمائر النائمة التي لا تأبه لا للمصلحة العامّة ولا للعطيّة الإلهيّة التي نحن مؤتمنون عليها”.
تكلم المطران عوده باسم ناسه، وشعبه، ورعيته، والمؤمنين الذين لا يزالون يتطلعون الى الكنيسة خشبة خلاص، فرأى ان “الإمعان في قهر الشعب ظلم، والظلم يولد الثورة. الشعب ما عاد يحتاج إلى سلطان يملي عليه ولا إلى زعيم يقرر عنه. شعبنا الحبيب تحمل كثيراً وصمت طويلاً لكنه ما عاد يحتمل أن تهضم حقوقه ويصادر قراره ويريد أن يقرر مصيره بنفسه دون إملاءات”.
المطران عوده الذي “فضل الفراغ” على الفراغ الذي تعيشه البلاد حالياً، لم يدفع الى فراغ كما يريد فهمه المتهجمون عليه، أو الذين أرادوا فهمه خطأ بقصد، أوضح ان تخويف الناس بالفراغ لم يعد حجة مقنعة في ظل الخواء الذي تعيشه البلاد منذ الطائف الى اليوم، والذي تضاعف في العهد الحالي.
ليس المطران عوده الوحيد صاحب الرأي الحر، والضمير الحي، وقد ظهر الامر في بيان رؤساء الكنائس المسيحية، وفي تصريحات البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وهذا الموقف يحتاج الى مزيد من التظهير لان الكنيسة اللبنانية شكلت منذ زمن بعيد خط الدفاع الاول عن لبنان منذ البطريرك الياس الحويك وصولاً الى البطريرك مار نصرالله بطرس صفير.

لمشاركة الرابط: