بعد جهد جهيد، نهضت بيروت، المدينة التاريخية الثمينة بآثارها، من سبات عميق أغرقتها فيه الحرب الأهلية، بفضل مشروع إعادة الاعمار الذي أعادها مدينة للسياحة والسهر والفرح و.. الحياة. لكنها لم تكن تعرف أن أزمات اقتصادية كثيرة ستعصف بها، وتقضي على معالم قيامتها بعد الحرب.
كان ذلك عام 2002.. وطن الأرز في حال من بعض البحبوحة الاقتصادية. ولبنان يضيق بمواطنيه وزواره من مصطافين عرب وأجانب ما كانوا ليفوتوا على أنفسهم فرصة زيارة الـ”غراند كافيه”، أول المقاهي في وسط بيروت الجديد، وهو ما حفر له مكانا في الذاكرة الجماعية اللبنانية لمرحلة ما بعد الحرب الأهلية..
لكن 17 عاما ثقيلة مرّت على وطن ما عاد قلبه النابض فرحا وحياة يدق بالقوة التي كان عليها سابقا، لا لشيء إلا لأنه لا ينفك يتلقى الضربات الارتدادية للخيارات السياسية التي لا تتأخر في استيلاد الانفجارات والأزمات السياسية والاقتصادية. واليوم بعد 17 عاما على انطلاقه، أقفل الـ”غراند كافيه” أبوابه من فرط ما أعيت الأزمة الاقتصادية وسط بيروت التجاري السياحي، وهو الذي منعته السياسة من المضي في استقبال رواد المطاعم والمقاهي… فحرم الـ”غراند كافيه” من زبائنه المعهودين، مدفوعاً إلى المصير المشؤوم مرغما.. حسبه أنه سيبقى دائما، في ذاكرة جيل الحرب وما بعدها، مرادفا للحياة وإعادة الاعمار.