جعجع العهد يكون قوياً إذا إستقامت الدولة على يديه والأولوية لوقف الهدر وإعادة النازحين

الطريق الى معراب في هذه الأيام الربيعية كان لا بد لها أن تعكس جواُ من التفاؤل والبشر ، ولكنها للمفارقة ، تأتي مثقلة بالهموم الإقتصادية والمعيشية التي تكاد تكون مصيرية على هذا البلد المعذب أبداً ، إذ سرعان ما يكشف الحديث مع ” الحكيم ” بواقعيته وجديته التامة أنه يجب دق ناقوس الخطر بالنسبة الى الوضع الإقتصادي في لبنان الذي لا يحتمل الإبطاء والمناكفات ووضع العصي في دواليب رئيس الحكومة سعد الحريري ، إذ يجب اعتماد جلسات سريعة واتخاذ خطوات فعالة لإخراج لبنان من المشكلة الإقتصادية وتنفيذ إصلاحات أساسية تمهد لشروط ” سيدر” لمحاولة الإنقاذ ، ويؤكد رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع أن حزبه يدرس ملفاته جيدا ، ويأتي في طليعة الإهتمام الشرط الأساسي للعلاج ، وقف الهدر في ملف الكهرباء ، هذا الهدر الذي يصل الى 50 % في شبكات النقل والجباية والتجهيزات وإيقاف الإعتماد الكلي على البواخر المنتجة للطاقة ، كما يعتبر أنه من الضروري تعيين اللجان الناظمة في الكهرباء والإتصالات . لينتقل الى ملف النزوح السوري وما يرتبه على الدولة اللبنانية من أعباء ، مشيراً بصراحة الى أن النظام السوري لن يعيد النازحين السوريين الى أرضهم لأن تهجيرهم في البداية كان على أساس تغيير ديموغرافي طائفي ومذهبي .
ويجدد جعجع التأكيد كما في كل لقاء بأن النظام السوري لن يستمر” لأن رئيسه بشار الأسد يسير عكس منطق التاريخ “.
التعيينات والموازنة
ويتطرق جعجع في معرض حديثه الى وفد رابطة خريجي الإعلام برئاسة الدكتور عامر مشموشي ، الى ملف التعيينات المطروح على نار حامية مشدداً على أهمية وضع آلية معينة لها تعتمد مجلس الخدمة المدنية والآلية القانونية وإلا تكون تعينات محاصصة ومحسوبيات ، وقد حاولت القوات تطبيقها في وزارة الإعلام ولكن تم تجميد التعيينات ، وحتى حسب قانون النسبية لا يستطيع أحد الإستئثار بالتعيينات ، وفي كل الطوائف والأحزاب . كما أن أية معالجة للوضع الإقتصادي يجب أن تبدأ من الموازنة،و يجب تخفيض العجز أولا ، ومن دون موازنة لا إصلاح يرتجى
ويؤكد “الحكيم” في معرض حديثه أن لا شرعية لأي سلاح خارج إطار الدولة، التي يجب أن توقف عمليات التهريب عبر المرفأ ولا يتحمل حزب الله المسؤولية بل الدولة هي المسؤولة عن إيقاف التهريب والتهرب الجمركي، ويضيف “نحن نتأسف على هذا الوضع ولا نستوعب الخلاف على التعيينات خاصة وأن هناك آلية لها ونحن مع تطبيق هذه الآلية، ونعمل في الحكومة مع أفرقاء آخرين للضغط بإتجاه التعيين في مجلس الوزراء وفق الآلية المقررة سلفاً، ونحن مع تعديل الآلية المتبعة اذا كان هناك من ملاحظات عليها ، الا أننا لن نقبل بالتعيينات في الحكومة إلا وفق الآلية.
ملف الكهرباء
وعن ملف الكهرباء الشائك يقول جعجع رداً على سؤال “القوات دخلت الحكومة كي تصنع الفرق، وهناك خلافات في الحكومة حول التعيينات والكهرباء أخرت إنطلاقتها، واستغرب استمرار الحديث بإستخدام البواخر، رغم ان الوضع لا يمكن أن يبقى على ما هو عليه اليوم في الكهرباء، خاصة وأن هناك فريق سياسي يتابع هذا القطاع منذ 9 سنوات بلا نتيجة تذكر”.
ويضيف ” في ملف الكهرباء يجب أن نوقف الهدر الذي يقدر بـ50 % وفق كل الدراسات التي حصلت من ماكينزي ومؤسسة كهرباء لبنان وغيرها، 15 بالمئة منها هدر تقني و35 بالمئة هدر بين جباية وسرقة . كما أن الحديث عن أن البواخر في البحر تعطي إنتاجا للكهرباء بكلفة أرخض غير دقيق، ولا يجوز إنتاج الكهرباء قبل تخفيف الهدر ، ونحن لن نقبل بأي بحث قبل تخفيف الهدر الى 6 او 7 %، رغم أن المعدل العالمي هو بين 2 و3 %، ومشروع تخفيض العجز يحتاج الى 6 أشهر بكلفة تقريبية تبلغ حوالي 150 مليون دولار، مع خارطة طريق من 6 أشهر الى سنة.
ويتطرق الدكتور جعجع في حديثه الى اقتراح شركة سيمنز الألمانية التي قدمته خلال زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الى لبنان لتقديم دراسة عن الهدر، إلا أن “هناك من عمل على رفض هذه المساعدة المجانية، مشيراً الى أن البواخر تستقدم بحالات الكوارث ولفترات محدودة، داعياُ الى بناء معامل جديدة وفق نظام الـ”BOT”، وحين ننتهي من وقف الهدر نبدأ بالعمل على تغطية العجز لحين انتهاء بناء المعامل عبر البواخر أو أية طريقة أخرى بمناقصات عبر إدارة المناقصات، ونحن لن نرضى بإجراء أية مناقصة خارج دائرة المناقصات. وهناك من يتحدث عن عرقلة بملف الكهرباء منذ 6 سنوات الى اليوم، ولا أعلم ماذا ينتظر الوزير كي يخرج الى العلن ويعلن عن المعرقل أو يستقيل .”
ويذكر الدكتور جعجع بواقعة التعاقد مع مقدمي الخدمات في مؤسسة كهرباء لبنان من أجل تركيب العدادات، الا أن السؤال اليوم أين هي العدادات الذكية؟ داعياً الى تعيين هيئة ناظمة للكهرباء ومجلس إدارة لمؤسسة كهرباء لبنان وتعيين هيئات ناظمة حيث تدعو الحاجة لا سيما في ملف الإتصالات. وفي مجلس الإنماء والإعمار وفق الآلية المتبعة.
ويتحدث جعجع عن ضغوط مورست على القوات من أجل الغاء ورشة العمل الخاصة بملف الكهرباء التي أطلقتها من أجل الخروج بتوصيات ” إلا أننا لم نرضخ للضغوط وأصدرنا دراستنا بهذا الخصوص.”


ملف النازحين تغيير ديموغرافي
وفي ملف النازحين الشائك ، يؤكد الدكتور جعجع ” أن نزوحهم هو أكبر المآسي بالنسبة لهم بسبب وضعهم الإنساني وبالنسبة الى لبنان وطريقة استغلال الموضوع، وأن موقف القوات واضح وصريح ويجب عودة النازحين اليوم قبل الغد بعزة وكرامة لأننا منذ 8 سنوات نحملء عبء مليون ونصف مليون نازح سوري بالإضافة الى المخاطر الأمنية المترتبة على ذلك ” ويضيف بأن بشار الأسد لا يريد إعادتهم الى سوريا مستشهدا بوضع نازحي الأردن الذين لم يتمكنوا من العودة الى سوريا أيضا بالرغم من العلاقة الجيدة بين الأردن وسوريا. موضحا أن التركيبة الحالية في سوريا يتمثل بها السنة في أقصى الأحوال بنسبة 60 %، كما أن السني الموجود في سوريا موال للنظام، مقابل عمليات التشيع المستمرة في سوريا وعمليات التغيير الديموغرافي .
ويضيف بأن النظام السوري لم يقبل بإدخال آلاف من النازحين، ولم تنفع المكاتب التي فتحها حزب الله والتيار الوطني الحر بإعادة النازحين، مذكرا بحال بلدة القصير السورية ، حيث أن أهاليها يناشدون حزب الله من أجل إخلائها والعودة اليها وهذا ما لم يحصل حتى الساعة، مع العلم أن أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله يستطيع فرض موضوع إعادة النازحين على الأسد، لأن النظام ضعيف ومن يحكم هو الروسي والإيراني ، وهناك من يتهرب من الموضوع لإعادة العلاقات مع سوريا وإرسال الوزراء اليها. وأفضل الحلول اليوم هو الحديث والتنسيق مع الروسي في هذا الخصوص، الا أنه يجب قبل إعادة النازحين الغاء عدد من القوانين التي أقرت حديثا في سوريا حول الخدمة الالزامية ومصادرة الاملاك .
ويوضح جعجع بأنه مع زيارة الرئيس عون الى دمشق مع آخر 100 نازح عائد الى سوريا، ورداً على مقولة وزير الخارجية جبران باسيل إما إعادة النازحين أو لا حكومة “اذا كان باسيل يستطيع إعادة النازحين سأقبله بين عينيه، ونحن عارضنا زيارة الوزير الغريب الى سوريا لأن الزيارة تمت من دون تنسيق مسبق ولم يناقش الموضوع مع أحد “، داعيا في السياق لتبديد الهواجس وكبادرة حسن نية تجاه لبنان بإعادة 200 الف نازح سوري “.
ويؤكد جعجع أنه لا يؤيد ربط عودة النازحين بالحل السياسي أو إعادة الإعمار، خاصة وأن المجتمع الدولي غير مستعد للتبرع لإعادة إعمار سوريا قبل الحل السياسي “.وينفي رئيس القوات السيطرة الإيرانية على لبنان، مشيراً الى عدة وقائع تناقض نظرية قوة إيران في لبنان، منها إستبعاد النائب البير منصور من مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء، ومذكرا بفشل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال زيارته الأخيرة الى لبنان بتوقيع أية اتفاقية بالتعاون العسكري أو الإقتصادي والصحي ، رغم أنه وزير قوي وفعال ، موضحا أن التعاطي مع زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الى لبنان سيكون عادياً كما كان التعاطي مع زيارة ظريف.
وفي ما خص الحدود البحرية والبلوكات النفطية ، فيؤكد جعجع أنه ضد التنازل عن أي شبر أرض من لبنان، الا أنه بالمقابل ليس مع اختراع المشاكل على طريقة مزارع شبعا، وهي مشكلة مفتعلة يمكن أن تنتهي إذا قدمت سوريا أوراقاً الى الأمم المتحدة لإثبات أن المزارع لبنانية وليست سورية .
الإقتصاد والفساد
ويركز الدكتور جعجع في حديثه على الوضع الإقتصادي والإجتماعي، مع الإشارة الى أن لبنان بقي متماسكا على الصعيد الأمني رغم كل أحداث المنطقة، وأية معالجة للوضع الإقتصادي يجب أن تبدأ من الموازنة، ومن دون موازنة لا إصلاح ففي موازنة 2018 سجل عجز بقيمة 6 مليارات دولار بينما يجب تخفيض هذا العجز الى 5 مليارات، كما تخفيضه الى 8 بالمئة بعد أن سجل عام 2018 11%.
وعلى صعيد ملفات الفساد، يؤكد جعجع أنه بإنتظار إجتماعات الحكومة لمعرفة الجدية في مكافحة الفساد، خاصة وأن مشروع ” سيدر” لن يطبق من دون إصلاحات جدية، ويوضح أنه بإنتظار نتائج إجتماعات لجنة المال والموازنة فيما خص التوظيف، مؤكدا أنه لا مراعاة لأحد في ملف الفساد، معتبراً انه كان على رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة أن يسبق الجميع الى القضاء لإثبات براءته عبر فتح الملفات لا سيما الـ11 مليار دولار.
وعن سلاح حزب الله يؤكد الدكتور جعجع أن لا شرعية لأي سلاح خارج إطار الدولة، والتهريب عبر المرفأ لا يتحمل حزب الله مسؤوليته بل الدولة هي المسؤولة عن توقيف التهريب والتهرب الجمركي، مشيرا الى ان التقاطع بين القوات وحزب الله على ملفات الفساد تكون وفق نظام “على السكين يا بطيخ”، أي كل ملف بملفه، وقد التقينا سابقا بملف البواخر، ولكن السؤال اليوم هل يستطيع حزب الله تحمل خسارة حلفائه الإستراتيجيين في معركة الفساد، لا سيما وان الحزب لديه معارك استراتيجية أهم من هذه المعركة؟ الا أننا بإنتظار النتائج ولن نحكم على النوايا.
ورداً عن سؤال على فتح معركة رئاسة الجمهورية باكراً يختم جعجع بأن الحديث عن معركة رئاسة الجمهورية حالياً ساذج وسابق لأوانه وأمامنا 4 سنوات مقبلة ومعركة القوات اليوم هي تخفيض العجز وإصلاح الكهرباء وتشكيل هيئة ناظمة للكهرباء والإتصالات، وتحويل كل المناقصات الى إدارة المناقصات وهي الطريقة المثلى لمحاربة الفساد والمفسدين .
[email protected]

لمشاركة الرابط: