وجهت السيدة نازك رفيق الحريري كلمة لمناسبة ذكرى ميلاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري والمصادق في الأول من تشرين الثاني _نوفمبر
كلمة قالت فيها:
أيّها الأحبة،
كما في كلّ عام، نـجتمع لإحياء ذكرى ولادة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، هذه الذكرى الغالية على قلوبنا والتي تتزامن مع يوم الـمؤسس الذي تحتفل به جــــــــامعة رفيق الحريري للمرّة الرابعة. ولنـــــــسترجع عمرًا أمضاه في العطاء، ومسيرة خيرٍ ومحبّة. نتذكّر الإرث العظيم وعهد الإنجازات والنجاحات التي خلّفها شــــهيدنــــا الكبير الرئيس رفيق الحريري والتي حقّقها في عهده خلال مرحلة الإنماء والإعمار، بعد سنوات الحرب والدمار.
أيّها الرئيس الشهيد،
أخاطبك والقلب على لبنان الذي عشقته حتى الشهادة، والشوق إليك يسكن الروح ويعانق الأيام التي ما زالت تبكي الفراق الحزين.
رفيق العمر والدرب، ما عساي أقول في يوم ميلادك وأنت الحاضر الغائب. وأيّ دربٍ يسلكه العمر من دونك، والعمر ينسال مني دمعاً وحنيناً إلى من ملك القلب، وعانق النفس بالمـحبة والوفاء.
رفيق الروح، أيّ عيدٍ هو هذا العيد وأنت البعيد في علياءٍ لا يدركها إلا الرجاء والدعاء.
أعزّائي الأحباء،
الرابع عشر من شباط، يوم الإستشهاد الكبير، لم يكن موجّهًا ضدّ لبنان وحده، بل كان يستهدف العالـم الحــرّ والإنسانية نفسها. نحن أدركنا ذلك منذ لحظة الإستشهاد الأليمة، وتــــــــعهّدنا جــميعاً بــــالحفاظ على لبنان في مواجهة الإرهاب وسائر التحديات الصعبة.
أين نحن اليوم من هذا الوعد؟ وإلى أين نذهب بلبناننا؟ نحن اليوم في مرحلةٍ داخليةٍ وإقليميةٍ دقيقةٍ جدًا، وإننا أمام إستحقاقٍ وطنيٍّ حيوي، ما زلنا غير قادرين على تحقيقه، بالإتفاق على تأليف حكومةٍ وطنيةٍ جامعة، تؤمن للبنانيين واللبنانيات حقّهم في العيش الكريم، بسلامٍ وأمنٍ وأمان.
أيّها الأحبة،
نحن اليوم في مواجهة الـمشاكل الحياتية التي ترهق كاهل الشعب اللبناني والتي لا يمكن معالجتها بالتجاذبات والإصطفافات السّياسيّة، بل بالوحدة الوطنية والعيش الـمشترك، من أجل توفير مقومات الحياة الأساسية للجميع بدون استثناءٍ أو تمييز.
والسؤال الأبرز الـمطروح اليوم على الـمستوى الحياتيّ هو أين نحن من أزمة النفايات الـمتفاقمة والتي أدّت إلى إنتشــــــــار الأمراض والأوبئة على امتداد أرض الـــــــوطن. إنّـــــــه من حقّ شــــــــــعبنا ومـــــن حقّ أولادنا أن يعيشوا في بيئةٍ سليمةٍ نظيفة. والأهمّ أنّــــــه من حـــــقّنا جميعًا أن ننعم بدولةٍ تعمل مؤسساتها بالتعاون لصالح بلدنا الحبيب لبنان.
أعزّائي الأحباء،
أرسى الرئيس الشهيد رفيق الحريري قواعد الدولة الناجحة اجتماعيًا واقتصاديًا، ووضع تصوّرًا إنسانيًا مبتكرًا لقدرات المـستقبل وإمكاناته وآماله. ولقد جال العالم ليمدّ جسور التعاون والشراكة بين لبنان والعالـم العربيّ والـمجتمع الدولي حتى يصبح بلدًا فاعلاً وازنًا.
وللحفاظ على موقع لبنان كما سعى إليه الرئيس الشهيد رفيق الحريري وعمل واســــتشهد مــــــــن أجله، فـــــــمن واجب الدولة وجميع مؤسساتها، بل من واجب كلّ مسؤولٍ يعتزّ ببلدنا هذا أن يأخذ بيد شعبنا ليرفع عنه الفقر والقهر، حتى يتمكّن من العطاء والإبداع والمـشاركة البناءة في قيام وطنٍ أفضل وأكثر أمنًا وإزدهارًا.
أيّها الأحبة،
لأنّ الشوق يحملنا دائمًا للرئيس الشهيد رفيق الحريري ولسماع صوته، اسمحوا لي أن أترك الآن الكلام لصاحب الذكرى، لأقول لكم بلسان حاله “ظروف العصر والعالم فلسفتها السير باتجاه النمو، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق ذلك. فالدولة الناجحة اقتصادياً هي التي تستطيع أن تحظى بثقة شعبها، وهي التي تستطيع إقامة تعاونٍ مع العرب الآخرين، وصولاً لمشاركةٍ قويةٍ في اقتصاديات العالم، وقراراته الكبرى.
وأنا هنا أختار المدخل الاقتصاديّ ليس تهرباً من السياسة، ولا لأن لدي الخبرة في هذا المجال؛ بل لأنّ كلّ سياسةٍ لا تؤدي إلى تحسين حياة الناس، وفتح الآمال والآفاق لمستقبلٍ أفضل، لا يمكن اعتبارها سياسةً ناجحة.”
إنّه نداء الرئيس الشهيد رفيق الحريري لنقف جميعًا أمام مسؤوليتنا تجاه وطننا سيراً على النـــــــهج والمـسيرة التي خاضها شهيد الوطن الكبير مع شعبنا الحبيب وصولاً إلى بناء الدولة الناجحة التي تضمن حقوق شعبها.
ويبقى الدعاء للّه عزّ وجل أن يتغمّد الرئيس الشهيد رفيق الحريري وســـــائر شـــــــهداء الوطن الأبرار بواســـع الرحمة والمـغفرة، وأن تنجل الحقيقة حتى نطوي حقبةً سوداء من الإفلات من العقاب ونكمل الحلم والمـسيرة في كنف دولةٍ آمنةٍ زاهرةٍ، بإذن الله سبحانه وتعالى، كما أرادها وعمل من أجلها شهيدنا الغالي الرئيس رفيق الحريري.
لكم منّي يا شعبنا الحبيب أطيب التحيّات والتمنيات بمستقبلٍ زاهرٍ عنوانه النجاح والإستقرار وإصلاح ما نحن عليه لنا ولأولادنا ولأجيالنا القادمة، ولينعم الله علينا جميعًا بالخير والبركة إن شاء الله.
المصدر_ خاص