حرب في لقائه وفد رابطة خريجي الإعلام : الصراع القائم حالياً يدور حول معركة رئاسة الجمهورية المقبلة

خاص- nextlb.com
بهدوء الواثق والعارف ببواطن الأمور ، يعرض النائب السابق والخبير الدستوري والوزير السابق الشيخ بطرس حرب للوضع السياسي الحالي ، منبها من خطورته على الوضع الإقتصادي ومحذرا من أن الوضع ليس صحيا ، وهو في المحصلة لا يؤيد بعض الآراء التي تصدر من بعض رجال الإقتصاد والمال لتطمئن السياسيين بأن الوضع بخير ، بل على العكس يدق السياسي والقانوني المخضرم ناقوس الخطر ، مترحما على أيام خلت ، كان العمل في السياسة حينها له أصوله وأخلاقه وضوابطه التي يبدو أنها في طور الإضمحلال أمام ما يجري حاليا على الساحة السياسية .
مواقف النائب السابق حرب جاءت خلال لقاء وفد رابطة خريجي الإعلام برئاسة الدكتور عامر مشموشي ، واستفاض حرب خلال اللقاء في توصيف المرحلة الخطيرة التي يمر فيها لبنان ، وسط نزاع إقليمي شديد الخطورة ، متخوفا من خطورة الوضع حتى على الكيان اللبناني .
المعركة على رئاسة الجمهورية
أما عن السجال الناشط عن موضوع الصلاحيات الدستورية وحيال مسألة تشكيل الحكومة، فيرى حرب أنّ “لبنان في مأزق اليوم”، مشددا على أنّ “الصراع الدائر حالياً غير مرتبط بالصلاحيات الدستورية أو الحصص والمقاعد، بل يتمحور حول معركة رئاسة الجمهورية المقبلة، التي بدأت الإستعدادات لها منذ اليوم، وعلى الرغم من أنّ العهد لا يزال في مستهلّه”.
ويكشف حرب أنّ “تشكيل هذه الحكومة يتم انطلاقا من مبدأ أنّها هي التي ستتعامل مع استحقاق رئاسة الجمهورية المقبل، في حال انتهت ولاية الرئيس عون أو في حال استقالته لأسباب صحية، كما يروج له بعض المقربين منه.
ومن هذا المنطلق، باشرت جميع الأطراف السياسية، وحتى أقرب المقرّبين من الرئيس، التخطيط للسيطرة على القرار في معركة رئاسة الجمهورية المقبلة”.
ويتوقّع حرب أن “لا تحصل الإنتخابات الرئاسية المقبلة بعد انتهاء ولاية الرئيس عون، أو في حال، لا سمح الله، أخذ الله وديعته قبل انتهاء ولايته، لأنّ ما قام به عون لتبوء سدّة الرئاسة، سيلجأ إليه غيره من اللاعبين السياسيين أيضا في سبيل الوصول الى قصر بعبدا”، مذكّرا بأنّ “الرئيس عون استطاع تعطيل الإنتخابات الرئاسية، لأنه كان يملك مع حلفائه أكثر من ثلث أعضاء المجلس النيابي، بحيث لم يتم تأمين نصاب الثلثين المطلوب للدورة الأولى ، وعليه ترك البلد في فراغ رئاسي مدة سنتين ونصف السنة.
وفي المحصّلة ، نجحت خطته وتمكّن من فرض مشيئته والوصول الى القصرالجمهوري، لاعتبارات متعددة”.
سياسة التعطيل أعطت نتيجة
وفي هذا الاطار، يعتبر حرب أن “الفريق الأكثري اليوم يدرس كيفية استعمال هذا السلاح لتحقيق مبتغاه، ألا وهو تأمين ثلثي حصته حكوميا، فيتمكّن من أن يحكم البلد من خلال الحكومة، ولو بعد انتهاء ولاية الرئيس عون وفي ظلّ فراغ رئاسي” موضحا أنّه “من خلال تأمين ثلثي الوزراء ، يسهل عليه التحكّم بالمجلس على هواه، كما أنّ استقالة ثلثي الوزراء الذين يؤيّدونه يؤدي حتما الى تطيير الحكومة، إذا قضت مصلحته بذلك”. أما بالنسبة الى الأفرقاء الآخرين، والذين لكلّ منهم حساباته، يلفت حرب الى أنّ “عجزهم عن الحصول على ثلثي الحصة الحكومية، سيدفعهم الى المطالبة بالثلث المعطل، ما يفسّر الإصرار على تأمين أحد عشر وزيرا وعدم الإكتفاء بعشرة وزراء. وفي المحصّلة، من الواضح أن الجميع يسعى الى إيجاد السلاح الذي يسمح له بالتحكّم بالطرف الآخر عشيّة الاستحقاق الرئاسي المقبل”.
ويستطرد حرب قائلا : “إلا أنّ هذه الحسابات تصبح دون مردود إذا استمر الرئيس عون في الحكم حتى انتهاء ولايته، فستحصل الإنتخابات النيابية قبل الرئاسية وبالتالي ستسقط حكومة العهد حكما أو تعتبر مستقيلة عند بدء ولاية المجلس النيابي الجديد، ما يطرح علامة استفهام كبيرة عمّا اذا كان السجال الحاصل حول الحكومة اليوم، هو من منطلق أن الرئيس لن يبقى طيلة السنوات الأربع المقبلة في الحكم”.
وتعليقا على البيان الصادر عن الرؤساء السنة الثلاثة، أعلن حرب أنّ “الدستور يعطي رئيس الجمهورية صلاحية مطلقة لقبول أو رفض أية صيغة تُقدّم له، فأن يوقّع على مرسوم تشكيل الحكومة يعني أن يبدي رأيه فيها، كما أن على الرئيس المكلف أن يوافق مع رئيس الجمهورية على الصيغة التي يطرحها وبالتالي أن يأخذ برأيه والتعاون معه في سبيل خدمة مصلحة البلد”.
الطائف وصلاحيات رئيس الجمهورية
وفي حين يؤكد حرب أن “لا موجب دستوريا يلزم رئيس الجمهورية بالتوقيع على تشكيلة الحكومة التي يرفعها إليه الرئيس المكلف”، يشدّد في المقابل ، على أن “لا مهلة زمنية تلزم الرئيس المكلف بالإعتذار، فهذا البلد يقوم فقط على التوافق بين المسؤولين”. ويكشف أنّ “هذه المسألة شكّلت أحد المواضيع المهمة التي نوقشت في الطائف وأثارت جدلا كبيرا: ففي وقت تحدّث البعض عن ضرورة تقييد الرئيس الملكف بمهلة زمنية لا تتعدى شهرا أو خمسا وأربعين يوما، على أن يعتبر التكليف ساقطا في حال تعذّر تشكيل الحكومة، ويتم تعيين البديل”، إعتبر آخرون أنه يستحيل تحديد فترة زمنية للتكليف، لأن ذلك سيسمح لرئيس الجمهورية، في حال لم يكن راضيا على من كلّف بالتشكيل، بتعطيل كل الصيغ المقترحة بإنتظار انتهاء المدة، فارضاً على الأكثرية النيابية التي أفرزته، إختيار غيره بحجة أنه عجز عن استكمال مهمته”.
ويوضح حرب أنّ “النواب المسيحيين الذين شاركوا في نقاشات الطائف هم من رفضوا أن تبقى المسألة عالقة وغير مضبوطة بمهل يحددها الدستور، فيما التزم النواب الشيعة بقرار إخوانهم السنة، وبعد اجتماعهم في جناح الرئيس صائب سلام، خرجوا لإبلاغنا رفضهم تحديد مهلة زمنية للرئيس المكلف، وكان الرئيس سلام قد شدد على أن الرئيس المكلف هو من يحدد المهل المعقولة التي سيتطلبها التشكيل ومدى انعكاس تأخير التشكيل على المصلحة الوطنية، على أن تكون الضوابط هي أخلاقيته ووطنيته بالاضافة الى حسّه بالمسؤولية الوطنية”.
وتابع: “في وقت لم يتغير موقف المسيحيين من ضرورة تحديد مهلة معينة، إرتأى الرئيس الحسيني وعدد من النواب ولا سيّما الشيعة ضرورة وضع آلية لتشكيل الحكومة، تقضي بأن يضع رئيس الحكومة صيغة للحكومة، ويطلع رئيس الجمهورية عليها، وفي حال رفضها هذا الأخير، ولم يتوافقا ، يقومان بطرحها في مجلس النواب، فاذا حازت الأكثرية النيابية، تعتبر نافذة خلافا لرأي رئيس الجمهورية، أما اذا لم تحز موافقة الأكثرية، فذلك يعني أنها تلغي التكليف ويتم تكليف رئيس حكومة آخر، ولكن هذا الإقتراح لم يلق موافقة أي من المسيحيين والسنة، لأننا ارتأينا أن البلد لا يحكم بمثل هذه الآلية، لأنّ النظام القائم في لبنان ليس نظاما مجلسيا”، لافتا الى أن “النظام المجلسي يخلق حالة عدم استقرار دستوري ويضعف السلطة، إذ لا يمكن اعطاء مجلس النواب صلاحية اتخاذ قرار تشكيل السلطة التنفيذية، خلافا لإرادة كل من رئيس الجمهورية ورئيس السلطة التنفيذية”.
ويختم حرب بالقول “إنّ الجدل الدستوري اليوم حول الموضوع والنظريات الصادرة عن بعض القانونيين ليست في محلها، فعملية التهديد بخطوات يمكن لرئيس الجمهورية إتخاذها لفرض حل للأزمة، نظرية غير صحيحة، بل ستؤدي الى مواجهة طائفية بين اللبنانيين حول الصلاحيات وبالتالي تعرّض البلاد والوحدة للخطر.
[email protected]

لمشاركة الرابط: