أقيم في مستشفى المحبّة في دير الأحمر اليوم الخميس احتفال بإطلاق مشروع تطوير مركز “محبة ومشاركة” للرعاية الصحية الأولية داخل المستشفى بالتعاون بين جمعية فرسان مالطا اللبنانية وأبرشية بعلبك- دير الأحمر وبعلبك للموارنة، في حضور نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني، الرئيس الأكبر لمنظمة فرسان مالطا فرا جياكومو دالا توري ووفد من منظمة مالطا ذات السيادة، سفير منظمة مالطا في لبنان شارل هنري داراغون، سفير ألمانيا مارتن هوث، النائبين السابقين ربيعة كيروز ونادر سكر، راعي أبرشية دير الأحمر وبعلبك للموارنة المطران حنا رحمة، مفتي بعلبك الهرمل الشيخ خالد الصلح، المطران سمعان عطا الله، المطران منجد الهاشم، السفير السابق ناجي أبي عاصي، مرشح القوات اللبنانية في دائرة بعلبك الهرمل انطوان حبشي، رئيس جمعية فرسان مالطا اللبنانية مروان صحناوي، رئيس الجمعية الألمانية الأمير إيريك دي لوبكوفيتش، رئيس الجمعية الفرنسية رئيس “مالتيزر انترناشونال” الكونت تييري دي بومون – بيناك ومديرها العام إنغو رادتكي، رؤساء بلديات واتحاد بلديات، مخاتير وفاعليات المنطقة.
ويهدف المشروع إلى تطوير مركز “محبة ومشاركة” للرعاية الصحيّة الأوّلية وخدمة الطوارئ القائم داخل مبنى المستشفى. وسيخدم المركز المرضى من اللبنانيين والنازحين السوريين على السواء، من دون أي تمييز. وتولّت الحكومة الألمانيّة تمويل المشروع من خلال هيئة “التعاون الألماني”، فيما نفذته “مالتيزر إنترناشونال”، أما إدارته فتعود لجمعيّة فرسان مالطا بالتعاون مع أبرشيّة بعلبك- دير الأحمر للموارنة.
حاصباني
واعتبر حاصباني في كلمته ان “ما يجسد الشراكة الحقيقية بين الدولة والمجتمع الاهلي والذي يجسد محبة خدمة الانسان والاخلاص للانسان والوطن هي شيم اهل دير الاحمر. ونحن اليوم امام ارادة البقاء وإرادة العطاء وإرادة المحبة”.
وتابع: “إرادة البقاء تتجسد بتعلق أهل منطقة دير الاحمر بأرضهم، حيث أنهم على رغم كل الصعوبات لم يتخلوا عنها يوما، لا بل اصرارهم يدفعهم الى بذل كل الطاقات لإنمائها، وهم مقيمون ومنتشرون في اصقاع الارض لطالما حلموا بتشييد مستشفى أو مركز صحي يخفف من اوجاع اهلهم وصعوبات التنقل لتلقي العلاج”.
وقال: “إرادة العطاء المتمثلة في منظمة مالطا ذات السيادة، وفروسية التعاضد الانساني، ولهذه المنطقة تجربة مشرقة مع المنظمة منذ ثمانينات القرن الماضي في بلدة برقا، كما هي متمثلة بالدول المانحة وفي طليعتها الدولة الالمانية مشكورة”.
أضاف: “إرادة المحبة لدى ابراشية بعلبك دير الاحمر المارونية وإصرارها على ان يحمل هذا الصرح الاستشفائي الذي نحن في حضرته اليوم إسم مستشفى المحبة، والمحبة يا سادة هي انجع دواء للمشاكل متى اقترنت باحترام المؤسسات والقوانين وخصوصية الاخر”.
وأردف: “يسعدني أن أذكر في هذه المناسبة أننا استكملنا ملف ترخيص المستشفى، وتم رفعه الى مجلس الوزراء. ونأمل في إقراره في أقرب فرصة ممكنة، وسعينا إلى طرحه على جدول الاعمال، ومع الموافقة المفروضة عليه يكون الحلم بدأ يتجسد عمليا وعلميا على ارض الواقع”.
وتابع: “هذه النموذج التشاركي بين القطاع الاهلي والمنظمات غير الحكومية وبين الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الصحة يعزز رؤيتنا الى مفهوم التعاضد الانساني ليس فقط بين المواطنين بل ايضا بين البشر ومفهوم تكامل الجهود بين القطاع الرسمي والقطاع الاهلي”.
وقال: “هذا الصرح الصحي بواقعه الجغرافي يتلاقى مع مساعينا إلى تعزيز مفهوم الطبابة عن بعد عبر تسخير التكنولوجبا لخدمة القطاع الاستشفائي وهي احد النقاط الواردة في الاستراتيجية الصحية التي اطلقناها “صحة 2025″ ونحن في صدد ادخال هذا النظام الى المستشفيات الحكومية ومراكز الرعاية الاولية عبر آلية توفر خدمات صحية عدة، حيث يتم التواصل مع الطبيب المقيم في اماكن اخرى مع توفير عناء التنقل”.
اضاف: “ادعو منذ اليوم اهل المنطقة الى الاستفادة من ابنائهم الموجودين في الجسم الطبي ليس فقط في لبنان، بل حتى في بلاد الانتشار، لدعم هذا المستشفى بخبراتهم. فالطبيب الموجود في اميركا او استراليا او اوروبا يمكنه ان يقف الى جانب اهله في منطقة دير الاحمر عبر تكريس جزء من وقته لهم”.
واشار حاصباني الى ان “مراكز الرعاية الصحية الاولية على كل الاراضي اللبنانية يفوق عددها ال 200 مركز، وهي تقدم رزم خدمات صحية كثيرة إلى كل اللبنانيين والمقيمين على الاراضي اللبنانية من غير اللبنانيين. كما انها تقدم الخدمات إلى كل الفئات العمرية من الاطفال الى المسنين يستفيد منها اكثر 1200 الف مواطن لبناني حتى اليوم. كما يتسفيد منها ايضا النازحون الى الاراضي اللبنانية وهي تجربة ناجحة جدا تمثل التعاضد والتعاون بين المجتمع الاهلي والدولة وكل الخيرين والمؤسسات المانحة التي تساعد في هذا الاطار”.
واكد ان “هذه المراكز الرعائية قد صنفت في المراكز المثالية حول العالم الذي نظر اليها البنك الدولي نظرة ايجابية، ورأتها منظمة الصحة العالمية نموذجا يحتذى به، ونحن في صدد شرح هذا النموذج الى دول اخرى لكي يطبق فيها. واقول هذا لأشجع كل المعنيين والمساهمين في القطاع الصحي وبخاصة في المراكز الرعائية الصحية الاولية لشجعهم على ديمومة عملهم واستمرارية تأدية واجباتهم وخدماتهم ومساهماتهم في هذا القطاع، لأنه قطاع أساسي لخدمة المناطق البعيدة وخدمة من هو محتاج إلى الرعائية الصحية وفي لبنان وضمن خطتنا “صحة…2025″ سيكون المركز الرعائي الصحي مدخلا اساسيا للتغطية الشاملة لكل مواطن لبناني، من دون تفرقة في المنطقة والطائفة او في الانتماء”.
وختم: “لنسخر طاقتنا والثورة الرقيمة والاكتشافات التكنولوجية لخدمة الانسان وصحته، ولنتذكر ان التنمية المستدامة والعادلة بين المناطق بشفافية وادارة رشيدة ركيزة من ركائز الاستقرار كما الازدهار في لبنان، فلا نهملها”.
هوث
وتحدث سفير ألمانيا مارتن هوث فقال إن ألمانيا بادرت إلى دعم دير الأحمر وجمعيّة فرسان مالطا في مشروع تطوير المركز الصحّي انطلاقاُ من مفهوم “حق الجميع في الحصول على الرعاية الطبيّة، بغض النظر عن طائفتهم وإثنيّتهم وجنسهم”، مذكَراً بأنه “أحد حقوق الإنسان الأساسيّة”.
وإذ أبدى إدراك الجميع “تداعيات الأزمة السوريّة المستمرّة على لبنان برمّته”، اعتبر أن لبنان “أدى دوراً مثالياً كدولة مضيفة” للنازحين، مؤكداً أن “استقرار لبنان وسلامته في صلب اهتمامات الحكومة الألمانيّة”.
ورأى أن “انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الأول من العام الماضي ومن بعده تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، هما خطوتان تعكسان بوضوحٍ الالتزام السياسي العالي من قبل جميع الفاعليات السياسية في لبنان، كما انهما تشكلان رمزاً سياسياً مهماً للمنطقة، حيث يمكن اعتبار لبنان نموذجاً للحفاظ على مجتمعٍ منفتحٍ وتعدديٍّ في الشرق الأوسط”.
وأشار إلى ان “ألمانيا تدعم لبنان في مجالات عدة وذلك من خلال تقوية المجتمعات المضيفة التي استقبلت اللاجئين، وتحسين البنية التحتية مثل المدارس و شبكة توزيع المياه، وتقديم المساعدات الإنسانية إلى فئات المجتمع الأكثر ضعفاً”. وذكّر بأن المانيا “أحد من أكبر المساهمين في برنامج RACE – لتعزيز تعليم الأطفال اللبنانيين والسوريين”.
رحمة
أما المطران رحمة، فقال إن “أهالي مِنطَقَةِ ديرِ الأحمرِ والبقاعِ الشماليّ يتحلّقونَ جَميعًا حَولَ مشروعٍ – حُـلُمٍ واحِدٍ هو الـمُضيِّ قُدُمًا في تَطويرِ هذا المركزِ الصحيِّ ومستَشفى المحبّة”. وأضاف: “إنّهُ في مطلعِ أولويّاتِنَا، نَظراً لأهمّيّتِهِ وضرورتِهِ القُصوى في خِدمةِ المريضِ ومعالجتِهِ. فَمِنَ الآن وصاعِداً، لَنْ تَذرِفَ أمَّهاتُنَا المزيدَ من الدموعِ على أبنائِهنّ الذينَ يموتونَ على الطُرق قَبلَ أن يصِلوا إلى أَقرَبِ مستشفى”.
وذكّر بأنَّ “لهذا المركزِ الصحيِّ تاريخاً طَويلاً ممهوُراً بالجهْدِ الـمُضني من (…) أصدقاءٍ ومحسنينَ كُثُرٍ، بفضلِهم جميعاً خَدمْنَا ونخدمُ المئاتِ والألوفَ من أبناءِ شعبِنا، ومن إخوتِنا السوريّينَ النازحينَ الى بلادِنا خوفًا من عنفِ الحروبِ ومآسيها في بلادِهم”.
وشدد على أنّ “تَضافُرَ هذهِ الإراداتِ الصالحةِ في الماضي، والشراكةِ التي نشأتْ بينَ الأبرشيةِ والدولةِ اللبنانيَّةِ وراهباتِ العائلةِ الـمُقدَّسَةِ وفرسانِ مالطا والدولةِ الإلمانيَّةِ الآن”، ساهمت في “إطلاقِ هذا المشروعِ الرائدِ، ليكونَ في القريبِ العاجلِ مُستَشفى مميّزاً، يخدمُ الإنسانَ، كلَّ إنسانٍ، مُقّدِمًا له خدمةً نوعيَّةً”.
وشكر لألمانيا “سخاءها” الذي يساهم في “انتشال مِنطقةِ البقاعِ الشماليِّ من النِسيانِ الـمُزمنِ”، ولمُنَظَّمَةِ فرسانِ مالطا دورها في تطوير المركز، مؤكداً استمرار “التَّعاوُنِ الكاملِ معها من أجلِ خدمةِ الإنسانِ، كلِّ إنسانٍ، بمعزَلٍ عن أيِّ اعتبارٍ آخر”.
صحناوي
وأكد رئيس جمعيّة فرسان مالطا اللبنانية مروان صحناوي أن “منظّمة مالطا ذات السيادة، الموجودة من شمال لبنان الى جنوبه، من ساحله الى جباله مروراً بسهل البقاع، تعالج وتهتمّ، من دون أي تمييز كان، بكل الأشخاص، نساءً ورجالاً، الذين يتألّمون، بالفقراء والمرضى والمسنّين، والمتروكين، والنازحين وذوي الإعاقة”.
وذكّر بأن المنظّمة “غير سياسية، وجدول أعمالها الوحيد هو الإنسان وكرامته، في ضوء احترام الاختلافات”. وأضاف: “ما يحفّز منظمتنا هو الحبّ الذي نكنّه للآخر، لأخينا. وما يوجّه عملنا هو نوعية خدماتنا وشفافية أنشطتنا”.
وأشار إلى أن سفارة منظّمة مالطا ذات السيادة في لبنان “تقود دبلوماسيةً إنسانية عبر الاستناد الى المشاريع المتعدّدة التي تضطلع بها المنظّمة ودعمها”. ورأى أن هذه المنظّمة “تتحوّل في لبنان الى أداة للتعايش والسلام، ولبناء جسور الأخوّة”.
وتابع: “لقد وقّعت منظّمة مالطا ذات السيادة اتفاقية تعاون مع الحكومة اللبنانية. ونحن نعمل بتعاون وانسجام وثيقَين مع الدولة اللبنانية ووزاراتها والمجتمع المدني ومختلف الطوائف الدينية”
وأبدى ارتياح المنظمة إلى “التنسيق مع وزارة الصحة في إطار مشاريع مختلفة، لا سيّما المشروع المتعلّق بالقواعد والمعايير الخاصة ببرامج الرعاية الصحية الأولية في المراكز كافةً، لكي تكون النوعية والفاعلية أولويةً في كل مكان”. وشكر لوزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي “الدعم الذي يؤمّنه لأنشطة المنظمة الاجتماعية”. وتابع: “نحن نسعى من خلال أنشطتنا كافةً الى الوقوف الى جانب السكّان المحليين والتخفيف من معاناة النازحين واللاجئين. ويسرّنا أن نولي أهتمامنا لمنطقة البقاع الشمال، عربون التعايش والتآخي”. وأكد أن المنظمة تسعى إلى “جعل دير الأحمر نموذجاً ومرجعاً في مجال الرعاية الصحية المتطوّرة والخدمة للجميع، بهدف الترويج لضرورة تنمية هذه المنطقة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية”.
وأعرب عن الإمتنان “للحكومة الألمانية التي أولت ثقتها لمنظّمة مالطا في لبنان، من خلال مالتيزر انترناشونال، لبناء شراكة جديدة خدمةً لدير الأحمر ومنطقتها، بعد الشراكة التي تم ارساؤها في عكّار، في منطقة وادي خالد، من خلال تشغيل وحدة طبية نقّالة”. كذلك شكر للجمعيتين الألمانية والفرنسية ولـ”مالتيزر انترناشونال” جهودها وتعاونها.
وتوجّه صحناوي إلى سفير ألمانيا قائلاً: “إن الدعم الذي أمّنته حكومتكم، من خلال منظّمتنا، لمصدر أمل بالنسبة الى لبنان الذي طالت معاناته. ونحن نلتزم في هذا الإطار وبمعونة الله بترجمة امتناننا هذا من خلال نتائج على مستوى ثقتكم”.
دالا توري
ثم أقيمت مأدبة غداء على شرف وفد المنظمة الدولية، تحدث خلاله رئيسها الأكبر فرا جياكومو دالا توري، مشدداً على التزام منظّمة مالطا مساعدة لبنان. وشدد على أن “كلمتي المحبة والشراكة البسيطتين، في صُلب عمل المنظمة في كل أنحاء العالم، وتشكّلان المحرّك لمشاريعها في لبنان”. وذكّر بأن المنظمة “تجهد في لبنان منذ اكثر من 40 عاما لتخفيف آلام قسم كبير من اللبنانيين وتحسين وضعهم الصحي، وكذلك بالنسبة إلى النازحين السوريين الذين يستضيفهم لبنان”.
وأكد أن “لبنان يمكن ان يستمر في الاعتماد على مساعدة منظمة فرسان مالطا التي تواصل بقدر إمكاناتها، تعزيز دعمها للجمعية اللبنانية لفرسان مالطا”. وأضاف: “لبنان بلد عزيز كان ولا يزال وسيبقى في اهتماماتنا وصلواتنا”.
ووجّه الشكر إلى القائمين على المركز لمساهمتهم في “تخفيف معاناة سكان المنطقة ومَن تستضيفُهم من نازحين لجأوا إليها هرباً من أوضاع مأسوية ونزاعات طال أمدُها”.
المصدر_خاص