أحيا السفير البابوي المونسنيور غابرييل كاتشا قداساً في مركز منظمة فرسان مالطا ذات السيادة في شبروح، بمناسبة عيد انتقال السيدة العذراء، شدد فيه على أن “السلام لهذه المنطقة من العالم يبدأ من قلب كل واحد منا”، وتم خلاله تقليد السيدة منى الهراوي الميدالية الكبرى للجمعية، بحضور الوزيرين السابقين ريمون عودة ووديع الخازن وعدد من الفاعليات، إضافة إلى رئيس الجمعيّة اللبنانيّة لفرسان مالطا مروان صحناوي وأعضاء الجمعيّة، والمستشار الأول لدى سفارة منظمة مالطا ذات السيادة في لبنان فرنسوا أبي صعب.
وألقى كاتشا عِظَةً وصف فيها بـ”المهم والرمزي” هذا المركز الذي تُقام فيه على مدار السنة مخيمات لذوي الإعاقات الشديدة العقلية والحركية، مدة كل منها أسبوع، تتولى خدمتهم خلالها مجموعات من المتطوعين والمتطوعات الشباب، من لبنانيين وأجانب، يتبرعون بوفتهم وبعطلتهم لهذا الغرض.
واستلهم كاتشا قراءة من الكتاب المقدس عن التجلّي، فقال إن “إيليا أدرك أن الربّ لم يظهر له في الزوبعة ولا في الزلزلة ولا في النار، ولكن في الصوت المنخفض”. وأضاف: “نجد صوت الله كنسمة لطيفة في أعماقنا، عندما نقوم بعمل كالذي يقوم به هؤلاء الشبّان المتطوعون لمدة أسبوع”. واعتبر أن “حياة هؤلاء المتطوعين تكتسب معنًى وقيمًة، لأنهم لا يمضون وقتا لأنفسهم بل لخدمة للآخرين”. وشدد على أن “اعطاء الحياة للآخرين كما أعطى يسوع نفسه وحياته للبشر، هوالسبيل لإيجاد السعادة والسلام”.
وتابع قائلاً: “ثمّة مشاكل كثيرة وعذاب كثير وظلم كثير، ونشعر بأننا لا نستطيع أن نفعل شيئاً إزاءها، ولكن علينا التحلي بالشجاعة، وإذا كنا كرماء في الاستجابة لنداء يسوع، نكتشف أن في إمكاننا أن نغير الأمور”. ورأى كاتشا أن ذوي الحاجات الخاصة الموجودين في المركز “كان يمكن أن يمضوا كل الصيف في سرير، داخل بيت أو في مستشفى، من دون أن تسنح لهم فرصة الاستمتاع بهذا المخيم، ولكن بفضل هؤلاء الشبّان المتطوعين تغيرت حياتهم قليلاً”. وأضاف: “إذا كان يمكننا أن نفعل القليل، فإن هذا القليل الذي نعطيه من أجل يسوع، يمكن أن يغير الكثير في حياة الآخرين وفي حياتنا”.
واعتبر أن “هذه التجربة، بما تنطوي عليه من نكران المتطوعين لذواتهم، وتضحيتهم بأمور كثيرة كان يمكن أن يقوموا بها، هي مصدر سعادة وسلام داخلي لهم، وتجعلهم يكتشفون الحبّ الحقيقي، حب الله للبشر، والحب الذي يجب ان هؤلاء للآخرين”. وأضاف: “فلنستلهم من قوة يسوع ونتعلم أن تعطي حياتنا للآخرين لنعيش سعادة القيامة وروعة إيماننا”. وختم: “ندعو الله يمنح نِعمَة السلام لهذه المنطقة من العالم، لكنّ هذا السلام يبدأ من قلب كل واحد منا”.
“الميدالية الكبرى” لمنى الهراوي
وفي نهاية القداس، قلد صحناوي السيدة منى الهراوي الميدالية الكبرى للجمعية التي تحمل صليب منظمة مالطا وشعار لوي باستور الشهير “لا أسألك لا عن عُرقِكَ ولا عن لَونِكَ ولا عن دينك، حَسبيَ أن تقولَ لي ما هوَ عذابُك”. كذلك كُتبت على الميدالية عبارة “إلى السيدة منى الهراوي، تعبيراً عن قيمنا المشتركة في خدمة الإنسان وكرامته”.
وألقى صحناوي كلمة قال فيها: “ثمة أشخاص يحبوننا ويدعموننا مكّنوا هذا المركز من أن يكون على هذا النحو، مصدراً للأمل يشعر فيه ضيوفُه من ذوي الحاجات الخاصة بالحب والتقدير، وبيتاً لتعليم المحبّة والعطاء، يعيش فيه المتطوعون تجربة خدمة الآخرين والتضحية لأجلهم”. ووصف الهراوي بأنها “سيدة عظيمة كانت دائماً إلى جانب المنظمة”.
وأبدت الهراوي في كلمتها سعادتها “بلقاء شبّان متطوعين من لبنان ومختلف دول العالم”، ولاحظت أن المركز وهؤلاء المتطوعين “يعطون ذوي الإعاقات الأمل واالحب والسعادة والقوة”. واضافت “لقد رأيت هذين الأمل والسعادة في عيني كل واحد” من ذوي الحاجات الخاصة الذين يستضيفهم المركز.
…وتكريم مماثل لرباب الصدر
وفي المناسبة عينها، زارت المركز في شبروح في اليوم التالي رئيسة الهيئة الادارية لمؤسسات الامام الصدر السيدة رباب الصدر يرافقها وفد ضمّ بين أعضائه كريمة الإمام موسى الصدر السيدة مليحة. واستقبلها صحناوي وأبي صعب ومدير المركز الأب ريمون أبو عاصي والمسؤول في الجمعية عن مشروع شبروح باتريك جبر وأعضاء الجمعية.
وجالت الصدر في أقسام المركز واطلعت من جبر على دوره وخدماته، واستمعت إلى شرح من المسؤولة عن المخيم الحالي إلى شرح عن أنشطته ودور بعثات المتطوعين الأجانب فيه.
وقلّد صحناوي الصدر ميدالية الجمعية الكبرى. وقال: “نلتقي مع السيدة رباب الصدر على القيم نفسها وهي قبل كل شيء الإنسان وكرامته”. وأضاف متوجها إلى المُكرّمة: “معكم يا سيدة رباب التقينا على لبنان الواحد وعلى جعل الدين في خدمة الإنسان”. وذكّر بأن منظّمة فرسان مالطا ذات السيادة في لبنان والجمعيّة اللبنانيّة لفرسان مالطا “تقيمان علاقة تعاون وثيقة جداً مع مؤسسات الصدر منذ من أكثر من 20 عاماً، ولفرسان مالطا مركز مشترك مع مؤسسات الصدر في بلدة صدّيقين الجنوبية، إضافة إلى وحدة طبيّة متنقّلة مشتركة في الجنوب أيضاً”. وأضاف: “ثمة مشهد معبّر ورمزي في مركز صدّيقين، وهو مشهد الممرّضات المحجّبات اللواتي يرتدين المريول الذي يحمل شارة منظّمة مالطا”.
أما الصدر، فشددت على أن “الإنسانية ليس لها لون”، معتبرة أن ما يقوم به المركز “هو قمة الإنسانية”. ولاحظت أن “ما يعيشه المتطوّعون في المركز مع الشباب والصبايا هو ترجمة لإنسانيّتهم وتطبيق لها (…) وبالحب وبالإنسانيّة يمكن للمرء أن يكسب العالم كلّه”. وأضافت: “نتعاون مع منظمة مالطا والجمعية اللبنانية لفرسان مالطا منذ مدة طويلة في العمل الإنساني، ونبرهن معاً أن لبنان واحد وعلى قلب واحد”.
خاص