يبدو أن إيقاع الحرب المفتوحة، مع كل ما تحمله من إعتداءات إسرائيلية وحشية على المدنيين والقرى الآمنة، مستمر بضعة أيام أخرى على الأقل، مع إحتمال خطر أن تتحول المواجهة الحالية إلى معركة إستنزاف طويلة، إذا لم تفلح المساعي الديبلوماسية الناشطة في نيويورك في التوصل إلى صياغة “تسوية ما” عبر قرار لمجلس الأمن بوقف العمليات العسكرية فوراً.
الغارات الإسرائيلية المكثفة، قد تُحدث أضراراً في الأرواح والممتلكات، ولكنها لا تستطيع حسم المعركة لمصلحة العدو، بل قد تكون مبرراً إضافياً لحزب لله لتوسيع رقعة صواريخه، ووصولها إلى المناطق المدنية، بعدما بقيت محصورة في الأهداف العسكرية، طوال الفترة السابقة. وتمكّن الحزب من إطلاق ٤٠٠ صاروخ من مختلف الأحجام نهار أمس، رغم مئات الغارات المدمِّرة علي مناطق واسعة في الجنوب والبقاع، دليل واضح على عدم قدرة السلاح الجوي فقط على حسم المعركة. وما يجري في غزة بعد سنة على حرب الإبادة الجماعية، والتدمير الهائل لمدن القطاع بالغارات الجوية، مثلاً آخر على عدم قدرة الطيران المعادي حسم المعارك على أرض الميدان.
وفيما يستمر الخرق الداخلي في تكبيد الحزب المزيد من الخسائر النوعية، بعد عملية إغتيال القيادي إبراهيم قبيسي في الضاحية الجنوبية، برز أمس “إختراق” خارجي من نوع اخر، سياسي وإستراتيجي بإمتياز، عبر التصريح المفاجئ للرئيس الإيراني بزشكيان ، ومفاده أن حزب لله لا يستطيع وحده أن يحارب إسرائيل.
الغموض المحيط بكلام الرئيس الإيراني الجديد، ترك المجال لتفسيرات متباينة للموقف الإيراني الرسمي من المعركة الضارية التي يخوضها التنظيم الأقرب لطهران، والأقوى بين فصائل محورها الإقليمي.
التفسير الأكثر موضوعية إعتبر أن إيران “نفضت” يدها من الحزب، ولا تنوي التدخل العسكري لنصرته، تفادياً للتورط في حرب إقليمية شاملة، قد تصبح القوات الأميركية المتواجدة في المنطقة، للدفاع عن إسرائيل طرفاً مباشراً في الحرب. الأمر الذي يُعرض المنشآت النووية الإيرانية للخطر.
وإذا أخذنا بعين الإعتبار ما تم تسريبه عبر الإعلام الأميركي، من أن طهران أبلغت الحزب بأن الوقت غير مناسب الآن لخوض حرب مع إسرائيل، تصبح صورة الموقف الإيراني أكثر وضوحاً، وخلاصته أن طهران غير معنية بالحرب المحتدمة في لبنان، وهو الموقف المشابه من حرب حماس في غزة، حيث أعلن المرشد الروحي الإمام الخامنئي بأن حماس لم تبلغنا بعملية طوفان الأقصى مسبقاً.
فهل “نفضت” طهران يدها من حزب لله فعلاً؟
صلاح سلام : اللواء