المرتبة الـ23، هو المركز الذي احتلّه لبنان في كأس العالم لكرة السلة. موقع يظهر مكانة كرة السلة اللبنانية دولياً، ويعكس بواقعية أحوالها الفنية، بعيداً من العواطف والتمنيات، وحتى المبالغات و”التفاؤل الفارغ” الذي أبداه بعضهم وتحوّل سريعاً إلى “صدمة” استناداً إلى النتائج في الدور الأول، وأمام منتخبات أعلى شاناً على مختلف الأصعدة.
ولن نغرق في تحليل ما تحقق وأسبابه، بدءاً من الهزيمتين الصريحتين أمام لاتفيا وكندا، ثم تلك الدراماتيكية أمام فرنسا “الجريحة”، والتي سددت لها كندا إصابة في الصميم.
وإذا كان تجاوز ساحل العاج وإيران عُدّ في المتناول في مرحلة تحديد المراكز و”حفظ ماء الوجه”، وما نتج عنها من إحصاءات وأرقام ووقائع صبّت في مصلحة “رجال الأرز”، وصولاً إلى الإكتفاء بحجز بطاقة في الملحق الأولمبي وهو بمثابة جائزة ترضية بدل “خيبة” التأهّل المباشر الذي كان من نصيب اليابان.
عموماً، تؤكّد النتائج المسجّلة حتى تاريخه في هذا المونديال، ونتائج لبنان من ضمنها، أنّ لا تغييراً كبيراً في مراكز قوى اللعبة. فقبضة الولايات المتحدة المعززة بالتألّق الكندي و”تاريخية” الحضور الأوروبي وعراقتها لا تزال ضاغطة، سيما وانّ المنتخبات الثمانية التي بلغت الدور ربع النهائي، تلامذة نجباء لهاتين المدرستين، من دون أن نغفل غياب كبار نجوم دوري المحترفين “NBA” عن صفوف منتخب الولايات المتحدة، الذين في غالبيتهم يفضّلون الذهب الأولمبي على بريقه العالمي. فالمنتخب الأميركي قادر غالباً على قول كلمته، وباتت العاصفة الكندية “الحارة والباردة معاً” حاضرة بقوة، ونجوم بعض بلدان بحر البلطيق وجمهوريات يوغوسلافيا السابقة جزء أساس من المشهد العام، فضلاً عن مفعول التجنيس الذي عزز صفوف فرق لم تكن تستسيغ الاستعانة بغير “مواطنيها الأصليين”، وهذا بات شائعاً في مختلف الألعاب.
كما يجدر التنويه بأنّ كرة السلة مصدر استثمار مجزٍ يغذّي اقتصادات بلدان البلطيق وجمهوريات يوغوسلافيا السابقة، وهو مثال يحتذى، إذ يتوزّع “السفراء الرياضيون” لهذه البلدان في أبرز الدوريات في أميركا وأوروبا، ومن أبرز موارده “تلاقح فني” ثمين.
على الصعيد الآسيوي، ومع “تحييد” أستراليا ونيوزيلندا أولمبياً، لم تختلف المواقع جذرياً، ما يؤكّد أنّ أمام منتخبات القارة طريقاً طويلة، كي تصبح حاضرة دائمة في الأدوار المتقدّمة من المونديال.
أما منتخب لبنان، حجر الرحى في هذه العجالة ومحور إهتمامنا الأساس، فقد كسب في هذه المشاركة نصف رهان، تمثّل ببطاقة الملحق الأولمبي. لذا، فالمطلوب حُسن الإفادة من هذه التجربة للمرحلة المقبلة. ولا يجب أن يقتصر ذلك على ورشة الإعداد فقط. ففي مقابل الايجابيات المتمثّلة بأمور شتّى نتصدّى من خلالها لأوضاعنا الاقتصادية المهترئة، ثمّة سلبيات عدة علينا معرفة تخطّيها وعدم تكرارها، ليتحقق الانسجام الجماعي باكراً، معطوفاً على حُسن إنتقاء اللاعب المجنّس، لئلا يغرّد خارج السرب، بل يكون في جهوزية تامة ويدرك سير القافلة منذ البداية، لأنه يعوّل عليه الكثير.
كما أنّ المواجهات المونديالية في “مجموعة الموت” أكّدت نواقص جوهرية في “سلتنا” المتفوّقة مناطقياً وقارياً و”القاصرة” لأسباب منطقية عالمياً. ولأنّ بطاقة الملحق وفرصها لا تقلّ شأناً في نظري عن التأهّل المونديالي الذي خبرناه أربع مرات، ولا نزال نمنّي النفس بتواجد أولمبي، علينا بداية أن نتعلّم من تجربة ملحق أولمبياد 2008، لئلا نسقط مجدداً، علماً أنّ منافسات هذا الدور قد تكون أصعب من مراحل تصفيات المونديال.
ومن خلال كأس العالم 2023 والملحق الأولمبي المنتظر، يجب وضع النقاط على الحروف سعياً إلى خوض أدوار متقدّمة في الاستحقاقات الكبيرة مستقبلاً. وأول الخطوات وضع استراتيجية جديدة للعبة، سبق أن أعلن اتحاد اللعبة عن إطلاقها قريباً، وتحديد آليات تنفيذها وكيفية مواجهة التحديات إزائها إنطلاق من صورة البطولة الوطنية (الدوري) ومندرجاتها، خصوصاً أنّ أندية كثيرة مطالبة قبل الانفاق الفلكي لتشكيل فرقها الأولى، البناء السليم – وليس التجاري – من القاعدة. فتتكوّن فيها “قاعدة صناعية” وفق معايير علمية راسخة تقتفي آثار المواهب الواعدة وأصحاب القامات الكبيرة والصلبة (التي نفتقر اليها وتعدّ من نقاط ضعفنا البنيوية)، فتعدّها إعداداً صحيحاً كي تمتلىء سلتنا بثمار يانعة شهية بعد أعوام. ولا أظن أن الاتحاد غافل عن ذلك، أو لم يلحظه في استراتيجته المنتظرة، وإلاّ فإنّها الطامة الكبرى.
* المصدر : سوبر وان – العدد 415
وديع عبد النور
شو بخبرك عن بيت من لبنان !
يقول الفنان وديع الصافي في رائعة من أجمل أغانيه ” بيتي ما برضى يسيب بيتي أنا سلاحو .. ما بتركو للديب ولا بعير مفتاحو” من المؤسف القول أن بيوت العديد من اللبنانيين اليوم “تركت للديب” وضاعت مفاتيحها … وما أدراك ماذا فعل بها ” الديب” ؟ يعرف البيت اللبناني الأصيل ليس من حجارته المقصوبة فحسب
Read More