أن يختلف أهل السياسة في ما بينهم على أتفه الأسباب أحياناً، فهذا أمر طبيعي في بلد يشهد أكثر الممارسات الديموقراطية تشويهاً في العالم.
أن تتخاصم القيادات الحزبية في سباقها على النفوذ ومنافع السلطة، فهو جزء من السياسة الفولكلورية اللبنانية.
وأن تُعطّل النكايات السياسية المؤسسات الدستورية، كما هو حاصل حالياً في الشغور الرئاسي، ومنع حكومة تصريف الأعمال القيام بمهامها القانونية، أصبح واقعاً متوقعاً، في بلد ينعدم فيه حس المسؤولية الوطنية عند أهل الحل والربط في السلطة.
أما أن تصل الكيدية السياسية إلى حد إستخدام الحقد والكراهية، ليس بين السياسيين أنفسهم وحسب، بل ضد الذين لم يبخلوا في التضحية دفاعاً عن شرف الوطن وسيادته، وحفاظاً على أمن الناس وإستقرار البلد، فهذه مسألة مرفوضة ومدانة.
لا ندري كيف يتحمل وزير الدفاع موريس سليم وِزر تأخير صرف المساعدات الإجتماعية للعسكريين، وهو يعلم أكثر من غيره، الأحوال المعيشية المتردية التي يعيشها العسكريون، وكل عناصر الأسلاك الأمنية الأخرى، بعدما تدنت مستويات رواتبهم إلى أقل من خمسين دولاراً شهرياً، وفقدت قدرتها الشرائية لتأمين لقمة العيش الضرورية لعائلاتهم، والتي لم تعد تكفي لتوفير المستلزمات المدرسية لعيالهم.
بأي ضمير حيّ، يسمح وزير الدفاع لنفسه أن يخوض معارك جبران باسيل الدونكيشوتية ضد الحكومة ورئيسها، على حساب قدرات الجيش وكرامة العسكريين، جنوداً وضباطاً، وعلى حرمانهم من حقوقهم البديهية، في الحصول على مساعدات مالية تمكنهم، بل وتُشجعهم على الإستمرار في مهامهم الأمنية الضرورية، والمحفوفة بشتى المخاطر، وعدم التخلي عن الخدمة، والهروب من السلك العسكري أو الأمني، كما فعل المئات من رفاقهم.
ونسأل معالي الوزير الذي لا يحترم الأمانة التي تفرضها مسؤوليته الوزارية، ما هو ذنب المئات من الضباط الذين تستحق ترقياتهم هذا الشهر، حتى ترفض توقيع مرسوم الترقية الروتيني، والتمرد على القرارات التي إتخذها مجلس الوزراء الإستثنائي، حرصاً على تسيير المرافق العامة، ولو في الحد الأدنى.
في الدول التي تحترم مواطنيها، لا تتأخر عن إقالة مثل هذا الوزير، والتشهير بممارساته الكيدية، وما يسببه من أضرار فادحة في مصالح الوطن والمواطن.
من المحزن القول أننا نعيش في كنف دولة عاجزة وفاشلة، بسبب وجود هذا الوزير وأمثاله في السلطة!
ورغم كل ذلك .. نرفع الصوت عالياً: أقيلوا هذا الوزير!
وزير للدفاع أم للنكايات والكيدية؟
صلاح سلام