كتبتُ هذه الرسالة الإستثنائيّة عشيّة عيد إنتقالك يا أمّنا الى السماء، فيما شهداؤنا يتبرّجون بعطر الحياة الأبديّة ويستعدّون مع وحيدك والقديسين للإحتفال معك وبِك هناك، حيث الحبّ كلّه، والرجاء كلّه، والإيمان كلّه، والسلام كلّه. وحيث الأبد فرح سماويّ لامتناه.
كُنت أسأل نفسي دائماً هل تستحقّ هذه البشريّة المهزومة أن يُراق لوحيدك دمٌ على قارعة جلجلتها ؟ وهل تُساوي وجوه القتلة دمعة واحدة من دموعك؟ ولعلّ السؤال الذي ينخر الجواب وما من جواب يبقى : لماذا زار مسيحك لبنان في صيدون ؟ ولماذا صنع أولى عجائبه في قانا ؟ فحوّل لطلبك الماء الى خمر وأظهر مجده للجميع. أيستحقّ لبنان أن يكون أرضاً مقدّسة؟ أليس لبنان وقف الله؟ الحقّ أقول لك، لبنان مسيحك الآخر يا مريم فلا تتركيه أرجوكِ.
كلّهم بيلاطس فلبنانك مقتولٌ قبل الحكم ومجلودٌ بعد الصلب. مريمُ، لبنانك نائم في قبر فهلّ دحرجت جحيم الموت عنه ؟ فها هو شعبك المؤمن يسألك وبإلحاحٍ شديد المجيء الثاني مع المسيح المخلّص ، لأن الإنتظار يؤول به الى التلف والدمار. نحن أبناء القيامة كما أبداً، لكن الإيمان لم يعد كفاف يومنا. فشمس الرجاء قُطعت من الوريد الى الوريد. إغتالها باب الحياة العاهرة من بابها الى محرابها، وجحيم الوجع والألم والأنين بلعنة شيطانيّة واحدة. فبالله عليك يا مريم، أخبري المسيح بإعتبارك الصلاة المُوصلة الى قلبه بأنّه ملك الأرض كما السماوات . فليأت الآن حالاً وليعد إلينا. فيحجب سدود الظلم والقتل والإرهاب الضّخمة التي تحجب نوره عن أرضه، ويشقّ السماوات ثائراً مخلّصاً محطماً الهيكل على تجاره.
مريمُ ، شفاعتك ثروتنا ومسيحك سيّدنا ومخلّصنا. وها هو كفن لبنان لكِ فطيّبيه بطيبك السماويّ فيشفى من جراحاته. لبنان لك يا مريم كلّه لك، فلا تتركيه. بل اطلبي من أخيه صاحب قصّة لعازار معجزة.. فيقوم.
* إعلامية لبنانية
*الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي كاتبها