مرفأ بيروت والهدر والفساد وردم الحوض الرابع…بقلم المرشح السابق محمد قدوح

كنا في لقاءات سابقة قد شرحنا عما يدبر في الخفاء لمرفأ بيروت ولا يزال الحديث عن ردم الحوض الرابع وتوسيع المرفأ نحو برج حمود لخلق مساحة لإستيعاب المستوعبات ، مما يتسبب بهدر المال العام إن في ردم الحوض أو في التوسعة .
ومن هنا نعود بالذاكرة الى كل ما شرحنا عن مرفأ العاصمة بأن مساحته تزيد عن 570000 متر وهذه المساحة الكبيرة لم تستخدم إلا مواقف سيارات وكاراجات للتصليح ومستوعبات فارغة ، وأرصفته المليئة بالخردة والأخشاب ناهيك عن المستودعات العمومية المقفلة دون أية بضائع إلا البعض منها الذي يحتوي على مخلفات من البضائع القابلة للتلف أو للبيع بالمزاد العلني ، والتي أخذت مساحة واسعة من أرض المرفأ لقاء أجر زهيد لم نعرف الى أين ذهب هذا المال علما بأن الجنة المؤقتة منتهية الصلاحية منذ 11 عاما ونطالب مجلس الوزراء بتعيين إدارة جديدة لتغيير الواقع الذي يتخبط فيه المرفأ من عدم التنظيم كما أنه من الضروري أن يعاد تأهيل السكانر لتسريع عملية تصوير المستوعب بحيث لا تزيد المدة عن 5 دقائق .
والخطة التي نقترحها على المسؤولين من أصحاب الضمائر ، والذين يخافون على هدر المال العام من المشاريع المشبوهة هنا وهناك ، أن توضع خطة مبرمجة لمرفأ بيروت حيث يتم هدم المستودعات غير المستخدمة ، وتنظيف الباحات والأرصفة لتصبح أرض المرفأ مسطحة ، وتركيب سكك حديدية لنقل المستوعبات من الرصيف الى الباحات المخصصة لها بدلا من استعمال الشاحنات لنقلها ، لنجعل من هذا المرفأ نموذجا عن المرافىء المجاورة وننظمه كما يجب ، وإلغاء فكرة ردم الحوض الرابع أو توسعته على أن يذهب المال الذي كان سيصرف على الردم والتوسيع الى تركيب السكك وتنظيم المرفأ وتشييد بناء بدلا من المانيفيست القديم يضم جميع إدارات الجمارك بدلا من الإستئجار ، وإلغاء المستودع رقم 19 والذي يضم دوائر المعاينة والمحاسبة والقبول والترانزيت والمانيفيست والمستودعات علما بأن هذا المستودع غير صحي حين وضعت مكاتب الإدارات بداخله .
وبالمناسبة نتوجه الى حضرة مدير المرفأ بأن يكون موجودا على الأرض كل ما اقتضت الحاجة وخاصة عند إرسال المستوعبات التي يجري الكشف عليها من قبل جهاز المخابرات والتفاهم على سرعة الإخراج على الأبواب ، واذ نطالب اللجنة بتخفيض التعرفة على المستوعب ، حبذا لو نبني مبنى في المرفأ يجمع كل الإدارات الجمركية من المبلغ الذي خصص لتأهيل المستودع رقم 19 فذاك أوفر للمال وأنسب صحيا ، لأنه غير كامل المواصفات الصحية ، ليبقى اسمه إدارة الجمارك وليس مستودعا ، ولكن تقاسم الحصص من جراء هكذا مشاريع تطغى على النفوس المريضة والجشع في جمع الأموال على حساب الدولة والشعب .
لقد طالبنا منذ عام 2008 بأن يعين في المراكز العليا في الجمارك من هم من داخل الملاك لأن الموظف الذي يمارس العمل الجمركي داخل الإدارة مدة تزيد عن 25 عاما عنده الإطلاع الكافي والمعطيات التي تخوله السير قدما في تنشيط الإدارة ، أما التعيين من خارج الملاك فما هو إلا بمثابة محاصصة ومحسوبيات طائفية ومذهبية ، مما يجعل الأمر لا يسير على ما يرام وينعكس سلبا على كل المستويات وبخاصة أنه لم يتم إجراء تشكيلات أو مناقلات أو تعيين مدير إقليمي منذ أن عين أعضاء المجلس الأعلى للجمارك منذ ما يزيد عن 8 سنوات ، لأن التدخلات السياسية تحول دون ذلك ، وكل موظف محسوب على من يرعاه ، وعليه يبقى هذا الأمر مرهونا بالتفاهم الكامل على من يدير شؤون البلد والإدارات وترك شؤون الإدارة الى أصحابها ليصار الى تنفيذ المناقلات داخل المراكز كل ستة أشهر لتفعيل الإنتاج وعدم ترك الموظف يتمادى في موقعه حسب ما تتطلبه المصلحة . لذلك نرى الإدارة لا حول لها ولا قوة وكل يغني على ليلاه والتخبط سيد الموقف والنقص حاصل في بعض الأماكن مما جعل الإدارة في انحدار تام . إن الخلاف القائم بين المجلس الأعلى للجمارك والمديرية العامة للجمارك قد انعكس سلباً على مجريات الأمور داخل الإدارة على جميع المستويات مما دفع التجار لشحن البضائع الى مرفأ طرابلس أو أي مرفق آخر .
1-دائرة البحث عن التهريب تفتقر الى الكادر البشري الذي يلاحق ويدقف المعاملات بعد خروجها من الحرم الجمركي وملاحقتها الى مستودع التاجر وفيها 5 موظفين بينما هي تحتاج الى 25 موظف.
2-دوائر المعاينة فيها 17 موظف علما بأنها تحتاج الى 25 موظف ، كما دائرة المانيفست والترانزيت ودوائر المحاسبة وقبول البيانات .
3-إن المعايير المتخذة في المجلس الأعلى للجمارك على صعيد المركز الآلي تذهب بنسبة 80% للمعاملات الجمركية على المسار الأخضر من أجل سرعة العمل ، أما الخدمات في الداخل فقد قلصت الى 20% على المسار الأخضر ، والباقي على المسار الأحمر ، مما أربك موظفي الكشف ودائرة القبول لأن المعاملة تأخذ ما لا يقل عن 15 دقيقة من الوقت لدراستها ، وبعدها يتم الكشف على البضاعة .
4-إن إدارة الجمارك في لبنان لم تتطور لإلحاقها بالتكنولوجيا العالمية وتحتاج الى التأهيل لمواكبة التطورات الإقتصادية على الصعيد العالمي ، وعليه فقد انخفضت الرسوم الجمركية الى مستوى متدن لأن الإتفاقية الأوروبية المشتركة تعفي البضائع الواردة من الرسوم الجمركية ، علما بأن الإستيراد من هذه الدول يقارب ملياري دولار بينما يصدر لبنان فقط ما يقارب 100 مليون دولار لأن لبنان كما هو معلوم ليس بلدا صناعيا .
كما أن الإتفاقية العربية تيسير معفاة من الرسوم الجمركية أيضا ، وكذلك الإنخفاض في أسعار النفط ، وكل هذه الأسباب قد أنهكت الخزينة ، ناهيك عن ما يقوم به بعض التجار من مخارج للتوفير في دفع الرسوم الجمركية عبر الشركات الوهمية والجمعيات ، وكل هذه الأسباب تخفض الرسوم والإيرادات لذلك يجب التشدد في الرقابة وملاحقة الفاسدين الذين جمعوا الأموال بدون وجه حق وخربوا البلد وأنهكوا الخزينة .
الفساد في الإدارات
نعود الى الفساد المستشري في الإدارات الرسمية وفي كل مفاصل الدولة وتقاسم الحصص ، وأخيرا الفشل في تشكيل حكومة منذ أكثر من خمسة أشهر والبلد ضائع بين السياسيين والشعب المغلوب على أمره ، وكل المسؤولين يكونون ضد الفساد والهدر في المقابلات التلفزيونية ونسأل إذا من المسؤول عن الفساد والهدر وتعطيل الإدرات ومن أغرق الخزينة بالديون التي وصلت الى حوالي 100 مليار دولار مع فشل كبير في تأمين الكهرباء والمياه ومعامل فرز النفايات وحال مزرية للطرق والبنية التحتية ويتزامن هذا الفشل مع إفلاس مؤسسات وإقفال شركات وارتفاع نسبة الشيكات المرتجعة من البنوك ونسال هنا متى يصبح عندنا وطن ودولة وقانون ونظام ديمقراطي برلماني حقيقي ليحافظ على الوطن والشعب .
ومن هنا نتوجه الى الشعب اللبناني وإلى مخلصي المعاملات في الدوائر الرسمية وغير الرسمية وفي كل المجالات بأن يمتنعوا عن دفع “الإكراميات” الى الموظف من أجل تسريع إنجازها لأننا نكون في هذه الحالة نساهم في إستشراء الفساد ونعطي الموظف فرصة للتمادي في جني المال على حساب الشعب .
وإني إذ أناشد فخامة رئيس الجمهورية : إذا كنا جادين في محاربة الفساد برفع السرية المصرفية عن حسابات الموظفين والكشف عن مصادر المال الذي جمعوه والذي تفضحه الرفاهية والبذخ الذي يعيش فيه الكثير من الموظفين ، ورفع الغطاء عن كل فاسد ومرتش مهما علا شأنه وفي هذه الحال إذا كان الجميع مع إصلاح البلد فنقترح إعطاء الراتب للمستحق ، ومحاسبته في حال الرشوة والفساد ورفع الغطاء عنه .
الى السياسيين
أيها السياسيون منذ عدة شهور لم تقدروا على تشكيل حكومة فكيف سنصل الى بناء البلد والدولة والمشاريع وتطوير الإقتصاد اذا كنا عاجزين عن حكم أنفسنا وقرارنا يأتي من الخارج ونحن على أبواب انهيار تام . نحن في أزمة سياسية وأخلاقية ونقول كما قال الشاعر :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت …..فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ونداء الى فخامة رئيس الجمهورية لإعادة الحكم بقانون الإعدام حتى يرتدع المجرمون بعد الزيادة المخيفة في نسبة جرائم القتل والسرقة والسطو على البنوك وقبل ان تحكمنا شريعة الغاب ويأكل القوي فينا الضعيف .
محمد قدوح *
مرشح سابق للبرلمان اللبناني
مخلص بضائع مرخص في مرفأ بيروتِ

(الآراء الواردة في النص تعبر عن رأي كاتبها )

لمشاركة الرابط: