كان إنشاءُ “مستشفى رفيق الحريري الجامعي” حلماً لا تتجاهلوه قصداً

وسط الهلع من إنتشار فيروس كورونا المستجد حول العالم ووصوله الى لبنان وصعوبة تخطي الوضع الصحي في مثل هذه الظروف على بلدٍ مثل لبنان لما يحيط به من ظروف إستثنائية في شتى المجالات ، يفاجئك بعض الإعلاميين وبعض من وسائل الإعلام بإستبعاد إسم رفيق الحريري ، عن المستشفى الحكومي الجامعي الذي كان إنشاؤه حُلُماً من أحلام رفيق الحريري لطالما برزتْ في وجهه صعوباتٌ وعوائق، ذلَّلَتْها إرادةُ الحياة التي ستبقى لها الغَلَبةُ .
لم يقتصر الأمر على الإعلاميين في تجاهل إسم الرئيس الشهيد رفيق الحريري عن المستشفى واعتماد مسمى “مستشفى بيروت الحكومي ” فحسب بل بدأ يتسلل هذا المفهوم الى ألسنة بعض الناطقين الرسميين تارة وتارة أخرى الى بعض الأطباء ، وكيلا يتحول “خصلة” تنتقل الى أجيال لم تواكب التاريخ الذي أسس فيه المستشفى وسبب تسميته ، وفي ظل غياب أرشيف العديد من الصحف التي أغلقت قسراً عن مواقع الأنترنيت وفي موقع “غوغل ” للبحث كان لا بد بالتذكير بهذا السرد التاريخي المطعم بمعلومات عن المرحلة السابقة.
أطلق إسم الرئيس الشهيد رفيق الحريري على “مستشفى بيروت الجامعي.” ليس فقط للدور الكبير والكبير جداً الذي أدّاه الرئيس رفيق الحريري في النهوض الوطني، ونهوض العاصمة بيروت ولبنان فحسب ، بل وبسبب اهتمامه الخاصّ بمستشفى بيروت ؛ منذ وضع له حجر الأساس في خريف عام 1994 وما قبل ذلك، ومن ثم بعد مُغادرتهِ رئاسةَ حكومته الخامسة وحتى يوم استشهاده.
هو اليوم “مستشفى رفيق الحريري الجامعي” المعروف سابقًا بإسم “مستشفى جامعة بيروت الحكومية (BGUH) ” بعد أن أطلقت عليه التسمية رسمياً في 21 حزيران من عام 2006 غداة استشهاده ووفاءً لدوره في بناء هذا الصرح على الرغم من أنه لاحقاً لم يحقق حلمه كما اراد له بالكامل ، وهو أكبر مستشفى حكومي لبناني، يقع في جنوب بيروت، وتبلغ سعة المبنى الرئيسي فيه 544 سريراً، ويتألف من سبعة طوابق وثلاث مبانٍ ملحقة وفندق يتكون من 50 سريراً وأربع فيلات تستضيف مهاجع الموظفين والعيادات الخارجية والخدمات الإدارية، ويتبع المستشفى الجامعة اللبنانية الا أن معظم هذه الملحقات لم تقم بخدماتها لأسباب كثيرة ليست مدار البحث هنا.
ففي الثاني من شهر شباط / فبراير من عام 1979 قررت الحكومة اللبنانية بناء مستشفى حكومي بسعة 500 سرير على أرض مملوكة للدولة في منطقة بئر حسن في العاصمة بيروت، وقد استند القرار آنذاك إلى دراسات فنية أجراها وزير الصحة ووزير الأشغال العامة والنقل، ولكن بسبب استمرار الحرب الأهلية اللبنانية التي أضعفت قطاع الرعاية الصحية العامة بشكل كبير تأجل مشروع البناء حتى عام 1995، عندما وضع رئيس الوزراء حينها رفيق الحريري حجر الأساس وتم الإنتهاء من البناء في عام 2000، وإفتتح المستشفى في الثاني من شهر آب أغسطس من عام 2004 بتكلفة 121 مليون دولار أميركي.
فكل من عاصر رفيق الحريري يدرك تماماً انه ومنذ مطلع الثمانينات ركّز اهتمامه وبشكل أساسي على أمرين اثنين في مسيرة إعادة نهضة لبنان لمكافحة الحرب والدمار، وهما التعليمُ والصحة. وهو عندما كان على مشارف تأسيسه ل”مؤسسة رفيق الحريري” قال “إنّ الحربَ توشكُ أن تَقفلَ مدارسَ لبنان وجامعاتهِ، وأن تدفعَ بموجةِ هجرةٍ كبيرةٍ إلى الخارج من شباب لبنان؛ طلباً للعلم وتدفع آخرين أيضاً إلى الهجرة قلقاً نتيجة الحاجات الصحية المتفاقمة للمواطنين بسبب عدم المواكبة للتطورات العلمية والتكنولوجية الحاصلة. وكانت إجابته العملية على هذين التحديين الكبيرين المبادرة إلى إقامة منشآت كفرفالوس الصحية والجامعية الضخمة والمتقدمة، وإنشاء “مؤسَّسة رفيق الحريري “التي صانت وتصون أيضاً العديد من المؤسسات التربوية العريقة كما صانت شباب لبنان وطاقاته وطورتها وفتحت لهم آفاقاً واسعة في الداخل والخارج .
فما كان إقدام الرئيس الشهيد رفيق الحريري على المبادرة بإنشاء هذا المستشفى وإنشاء الحَرَم لكليات الجامعة اللبنانية إلا تعبيراً عن إيمانه بمستقبل لبنان وبمستقبل شبابه.
لذلك فإن هذا المستشفى الجامعيَّ بالذات بالإضافة الى المدينة الجامعية لكليات الجامعة اللبنانية، التي وُضِعَ حجرُ أساسها مثل المستشفى في الفترة نفسها تقريباً؛ كان لهما وَضْعٌ خاصٌ لدى الرئيس الشهيد رفيق الحريري .. كان يشعُرُ أنّ الجامعة اللبنانيةَ، إذا أُديرتْ جيداً، واستقامت أوضاعُ مؤسساتها الفرعية ؛ فإنها حَريةٌ أن تُصبح أساسيةً في إيجاد التوازُن الإجتماعي، وفي تحقيق مبدأ تكافؤ الفُرص، ومبدأ العدل الإجتماعي. ولذلك فقد احتلّت هذه المؤسسةُ حيّزاً كبيراً من رؤيته للمسألة الإجتماعية، ولمستقبل التعليم في لبنان.
لقد رمَّمت الدولةُ اللبنانية في حكومات الرئيس الحريري معظم مستشفيات القطاع العامّ ، وأعادت تجهيزها جزئياً أو كلياً، كما أنشأت مستشفياتٍ جديدةً ومنها هذا مستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي اليوم .
ولقد كان الرئيس الحريري عظيمَ العناية بمستشفى العاصمة اللبنانية بيروت بشكلٍ خاصّ. وقد سُرَّ سروراً كبيراً عندما انتهى تجهيزه. وهو الذي قال في حفل وضع حَجَر الأساس: “لقد كان إنشاءُ هذا المستشفى حُلُماً، وبرزتْ في وجهه صعوباتٌ وعوائق، ذلَّلَتْها إرادةُ الحياة التي ستبقى لها الغَلَبةُ في ما نفعلُ ونبني”.
نعم إنها إرادةُ الحياة التي بثها رفيق الحريري فينا، ولن نتخلى عنه ولا عنها، أياً تكن العقبات.
لقد كان الرئيس الحريريّ رجلَ الالتزام بالشأن الإجتماعي والتعليمي والخيري، ورجلَ الالتزام بالشأن الوطني والقومي، وهو كان قد فرح رحمه الله، في ما أعتقد، بإطلاق إسمه على هذا الصرح من خلال المبادرةُ من بوادر الوفاء والتقدير. فهذا بعضُ مالَهُ على بيروت، وما لبيروتَ عليه. ثم إنه رحمهُ اللهُ كان يسُرُهُ الإرتباط بالفقراء وبمتوسطي الحال وقضاياهُم، ويُراهنُ على أنه من الممكن رعاية الشأن الإجتماعي، وفي الوقت نفسه الإعتماد في النمو والتنمية على اقتصاد السوق، وعلى مبادرات القطاع الخاصّ، وعلى تمكين اللبنانيين من التلاؤم مع حاجات ومتطلبات المستقبل.
لقد عانى الرئيس الحريري كثيراً وصَبَرَ كثيراً من أجل تحقيق حلمه وحلم اللبنانيين في إنشاء مستشفى بيروت الجامعي بالذات وأنتم إذ تُطلقون اسم رفيق الحريري عليه اليوم، يكون من حقه عليكم .
فلعل ما حلم به رفيق الحريري ورؤيته الحكيمة تتمكن من تخطي كافة العقبات التي تواجه اللبنانيين اليوم في محاربة الوباء العالمي المستجد كورونا على أمل أن يعم الشفاء جميع المرضى الراقدين على أسرته عليكم عدم تجاهل الحقائق الرسمية المسجلة بالإسم في الدوائر الرسمية ، ولبعض الإعلاميين ووسائل الإعلام والمسؤولين والأطباء نقول:
إسمه “مستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي “


#خرب_شات
إكرام صعب
[email protected]

لمشاركة الرابط: