Cipralex ، Deanxit ، Zoloft وSeroxat، أصبحت أسماء مألوفة على الأذن ، فهي أسماء أدوية مهدئة للأعصاب ، وبات إستهلاكها شائعاً بشكل كبير، إذ يتم تداولها بين الناس ، ويصفها البعض للآخر من دون إستشارة طبيّة تحت شعار: “إسأل مجرّب وما تسأل حكيم.”
كثُر في الآونة الأخيرة ، إستخدام المهدّئات والمسكّنات، حتى باتت تشكل الحل السريع لكثيرين في بلد كلبنان ، كان ينقصه زمن الهلع من فيروس الكورونا ، ويقال فيه أنّ الشعب على شفير الجنون ، وأما إذا عدنا للأسباب فهي كثيرة بل أكثر من أن تعدّ وتحصى، لدرجة أنه إذا فتشنا عن السبب بطل العجب، فلبنان منذ نشوئه يتعرض لأزمات على كافة الصعد : الإجتماعية والإقتصادية والسياسية .
ويعدّ لبنان بين أكثر بلدان العالم إستهلاكًا لمهدئات الأعصاب، حيث تظهر إحدى الدراسات غير الرسمية والتي يعود تاريخها لعامين قبل اليوم أنّ 47 % من اللبنانيين يعانون من حالات اكتئاب عصبي، ولعل الأكثر خطورة أنه “أصبح هناك حالة إدمان من قبل الشعب اللبناني على المهدئات وبحسب الأرقام الأخيرة، فان 70 % من مستخدمي هذه الادوية هم في حالة إدمان إذ يصبح من الصعب على مستخدمها أن يتوقف عن تناولها بعد أن يعتاد جسمه عليها، لذا نرى إقبالاً كثيفاً على شراء الأدوية المهدئة”.
ما الذي جرى حتى غدا مرض “الأعصاب” مرض العصر الأكثر شيوعاً اليوم بين اللبنانيين من مختلف الأعمار؟
Nextlb زار رئيس قسم طب النفس في مستشفى “أوتيل ديو” في بيروت وفي كليّة الطب – جامعة القديس يوسف ، رئيس الجمعية الفرنكوفونية للمرضى النفسيين ، البروفيسور سامي ريشا، في قسم الطب النفسي في مستشفى أوتيل ديو، المكان الذي يأخذك الى عالم آخر حيث زينت الجدران برسوم مختلفة وألوان هادئة ، بهدف جعل المكان مريحاً للبصر والنفس في آن معاً.
يقول البروفيسور ريشا أن الأمراض النفسية قابلة للعلاج ويتم الشفاء منها ويشير الى النسبة المرتفعة للأمراض النفسيّة ، وسط تأكيد على غياب الإحصاءات الرسمية حيال هذا الموضوع ، وبالمقابل فإن هذه الأمراض تعرض الإنسان الى خطر الموت والى تدهور في نوعية الحياة وهي تشكل عبئاً على المستوى النفسيّ والشخصيّ والعائلي ، وكذلك على المستوى الإقتصادي والإجتماعي.
ويضيف : “إن نسبة الأمراضَ النفسية مرتفعةُ وخطيرة ، ويجب الإنتباه الى أول عوارضها ، كي يصار الى علاجها في وقت مبكر، وبطريقة جيدة موضحاً أن لبنان يفتقر للدراسات والإحصائيات الرسمية الدقيقة حول نسبة المرضى الذين يتناولون أدوية مهدئة أو مضادة للإكتئاب ” .
وإذ يأسف ريشا للحال التي وصل اليها الناس إذ انهم صاروا ينصحون بعضهم بتناول الأدوية المهدئة ، يرى أنه من الضروري أن يقوم الصيدلي بصرف الدواء بالإستناد الى وصفة طبية فقط ، أسوة بما يجري في كل دول العالم”.
ويتابع :” بات قسم كبير من اللبنانيين بحاجة للأدوية هذه بسبب القلق ، والقلق بحد ذاته يخلق الحاجة لذلك خصوصاً أن هناك غياباً تاماً للرؤية وليس هناك وضوح لما سيكون عليه وضع البلد في المستقبل “.
ويعتبر د. ريشا أن لبنان من أكثر البلدان التي يتعاطى مواطنوها المهدئات والأدوية المضادة للإكتئاب .
هلع كورونا
ويعلق البروفيسور ريشا حول ما يعيشه لبنان اليوم كما العالم بسبب هلع كورونا فيقول : “اليوم وبسبب كورونا ، زادت حالة القلق الموجودة أصلاً
والقلق غالباً ما يسبب المخاطر ويضاعف من أمراض السكري والضغط والقلب وهو المسبب الرئيسي لهذه الامراض “.
ويضيف : “القلق من أخطر الأمراض ويشكل أعراضاً خاصة إذا كان مزمناً ، ومعالجته لا تكون بالأدوية إنما بالرياضة والتأمل والمشي واليوغا وبشكل منتظم “.
وبالإضافة الى العلاج الطبي للأسف يذهب المواطن الى العلاج بالعقاقير ويرى البروفيسور ريشا أن أفضل علاج لهذه الحالات هو العلاج الطبيعي أي الذي يعتمد على الرياضة ، وينصح بممارسة رياضة المشي لما يقارب 10 آلاف خطوة يومياً لتخفيف الضغط النفسي و تنظيم ضغط الدم وغيرها من الأمور الصحية .
والى جانب رياضة المشي يشدد د. ريشا على ضرورة ممارسة تمارين الإسترخاء واليوغا سواء في النوادي المخصصة أو من خلال اليوتيوب لما لها من أثر إيجابي في طرد الكآبة ومعالجة الضغط النفسي “الستريس” الى جانب رياضة التأمل meditation “”.
ويتوجه عبر nextlb للذين يتناولون العقاقيرالمضادة للإكتئاب والأدوية المهدئة للأعصاب من تلقاء أنفسهم ، لينصحهم بضرورة إستشارة الطبيب فوراً لما لهذه الأدوية من عوارض جانبية أبرزها الإصابة بالرجفة والضعف الجنسي والسمنة ، وعدم التركيز والتأثير على الحركة الإدراكية ، إضافة الى الإدمان موضحاً : ” يمنع بيع هذه العقاقير من دون وصفة طبية وإشراف طبي فالصحة النفسية ليست علاجاً طبياً بالضرورة ، بينما يشكل العلاج الطبيعي ورياضة المشي والإسترخاء ، البديل الفعال للعقاقير ولأدوية الإكتئاب”.
وعن هلع التلامذة في هذه المرحلة ويقول د . ريشا بأن مخاطر القلق قد تؤثر على حياتهم الصحية لذلك : “أدعو الى تكثيف ساعات الرياضة “.
والدكتور ريشا من مواليد عام 1969 وهو رئيس قسم طب النفس في مستشفى “أوتيل ديو” في بيروت ، ورئيس قسم طب النفس في كليّة الطب بجامعة القديس يوسف في بيروت وأستاذ محاضر فيها، إضافة إلى كونه رئيس الجمعية الفرنكوفونية للمصابين بأمراض نفسية ، ونال درجة الدكتوراه في أخلاقيات علم الأحياء (Bioéthique) في عام 2009 من كليّة الطب في جامعة Aix-Marseille في فرنسا.
إكرام صعب
[email protected]
شو بخبرك عن بيت من لبنان !
يقول الفنان وديع الصافي في رائعة من أجمل أغانيه ” بيتي ما برضى يسيب بيتي أنا سلاحو .. ما بتركو للديب ولا بعير مفتاحو” من المؤسف القول أن بيوت العديد من اللبنانيين اليوم “تركت للديب” وضاعت مفاتيحها … وما أدراك ماذا فعل بها ” الديب” ؟ يعرف البيت اللبناني الأصيل ليس من حجارته المقصوبة فحسب
Read More