تعليقاً على خطة الحكومة لإصلاح قطاع الكهرباء والموقف من الحرب الروسية الأوكرانية قالت جريدة الأنباء الإلكترونية :
لم يكن ينقص لبنان سوى الإنقسام على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية. لا يترك اللبنانيون مناسبة إلا ويثبتون فيها أنهم ينقسمون حتى على جنس الملائكة، وكأنهم يبحثون عن المواد الخلافية ويستدعونها من حيث لا يعلمون، وجديد استدراج الخلافات السجال على خلفية موقف وزارة الخارجية اللبنانية الذي دانت فيه العملية الروسية في أوكرانيا ودعت إلى وقف المعارك العسكرية فوراً.
مصدر رسمي لبناني اعتبر في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية أنه “مما لا شك فيه الموقف من رفض الأعمال العسكرية واستخدام القوة هو موقف مبدئي أخلاقي، لكن كان بالإمكان تضمين بيان لبنان دعوة إلى الحوار وإلى حل المشاكل بالتفاوض المباشر بدلاً من اللجوء إلى الحلول العسكرية، أي أنه كان على لبنان أن يعرف قدره، فلا يزجّ بنفسه في أمرٍ لا ناقة ولا جمل له فيه، وألّا ينساق إلى موقف لم تتخذه ألمانيا وحتى الولايات المتحدة الأميركية”.
واعتبر المصدر الرسمي إيّاه أن “خلفية الموقف الذي صدر لم تكن إنسانية للأسف، بل تنطوي على سعي لبيع المواقف للولايات المتحدة الأميركية في السوق الأوكراني، كما تم بيع هذا الموقف في سحب الرسالة التي أودعت لدى الأمم المتحدة حول المطالبة باعتماد الخطّ 29 كحق للبنان في عملية ترسيم الحدود، وبيع موقف آخر من خلال التراجع من المطالبة بالخط 29 إلى الخط 23، وهذا كله في سبيل تحقيق مصالح سياسية تتعارض مع المصلحة اللبنانية”.
الإنقسام استمر أيضاً بين الوزراء على خطة الكهرباء والتي بدا رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الطاقة وليد فياض متمسكين بها، وسط اعتراض من غالبية الوزراء، الذين اشترطوا ضرورة تطبيق إصلاحات واضحة في القطاع قبل إقرار الخطة، وأهم الإصلاحات تعيين هيئة ناظمة لا تبقي الصلاحيات محصورة بيد الوزير. ولكن تفادياً لأي مشكلة حكومية جديدة تم الوصول إلى صيغة على الطريقة اللبنانية باعتبار أن الخطّة حصلت على موافقة مبدئية، لكن لم تقر بانتظار الإتفاق على ما تبقى من تفاصيل بشأنها.
عضو مجلس القيادة في الحزب التقدمي الاشتراكي محمد بصبوص أشار إلى أن “الخطة لا تحمل بطياتها أي جديد كان ينتظره صندوق النقد الدولي والهيئات الدولية المانحة واللبنانيون، وهذا يبعث بجو سلبي، إذ الجميع بات يعتبر الإصلاح في قطاع الكهرباء مؤشّر أساسي للإصلاح بشكل عام”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفت بصبوص إلى أن “الخطة مستنسخة عن الخطط السابقة التي طرحها أسلاف فياض، والتي حملت عناوين مشابهة، كخفض الهدر، علماً أن أرقام خطته ليست دقيقة، فهي تقدّر الهدر بنسبة 40.8 بالمئة في العام 2021، فيما الهدر يبلغ 57 بالمئة”، واستطرد مشيرا إلى أن “الوزيرة السابقة ندى البستاني وعدت بتخفيض الهدر في العام 2019 من 34 بالمئة إلى 11 في غضون سنة، لكن الهدر ارتفع بشهادة الوزير وليد فياض نفسه”.
وأضاف بصبوص: “إن تقرير البنك الدولي الأخير يشدّد على أهمية إصلاح قطاع الكهرباء وتخفيض الهدر بشكل أساسي، علماً ان معالجات الهدر لا تحتاج إلى قرارات مجلس الوزراء، بل هذا الأمر واجب طبيعي لمؤسسة “كهرباء لبنان” وشركات مقدمي الخدمات التي تعاقدوا معها، لكن يبدو أن ثمّة قراراً بإبقاء الهدر”.
وذكر بصبوص أن “الخطة تلحظ تعيين الهيئة الناظمة، لكن البند مقترن بتعديل قانونها بمجلس النواب، والهدف تفريغه من مضمونه وتعديل صلاحياتها. كما أن قانون الهيئة الناظمة موجود وحيّز التنفيذ ومن المفترض أن يتم تطبيقه بغض النظر عن تعديله، وبالتالي عدم تطبيق القانون نقطة أخرى غير مشجّعة في إصلاح القطاع”. وتابع: “عدم تطبيق القانون وانشاء الهيئة الناظمة يفتح الباب على مشاريع مشبوهة قد تقف خلفها صفقات وسمسرات، ومع طرح حلول مؤقّتة وفي ظل غياب القوانين والرقابة، فإن ذلك يفتح الباب على صفقات مشابهة لصفقة البواخر التي كان من المفترض أن تمتد لثلاث سنوات، فاستمرت لتسع”.
وعن رفع التعرفة التي تكلّم عنها وزير الطاقة، ذكر بصبوص أن “أي زيادة في التعرفة دون معالجة الهدر يعني زيادة في نسب الهدر”، مشددا على وجوب اتخاذ إجراءات سريعة وجدّية لإصلاح القطاع، وذلك يبدأ من خلال خفض الهدر وتطبيق القانون.
فهل ستكون العتمة هي قدر اللبنانيين أم أن حلولاً جذرية ستكون حاضرة في المستقبل القريب لا سيما بعد الانتخابات النيابية وانتهاء العهد؟ سؤال يكاد يحضر في كل بيت لبناني يعاني من انقطاع الكهرباء وتكويه فاتورة المولّد الجنونية.
المصدر : جريدة الأنباء