أعمال درامية توقف تصويرها مهددة بالخروج من موسم رمضان

مسلسلات سورية تعيش حظر التجوال بين المدن
توقف تصوير عدد من المسلسلات التلفزيونية السورية، وحسمت الشركات المنتجة لهذه الأعمال أمرها قبل يوم من سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر الجاري.
الجهات المنتجة اتخذت قراراً بإيقاف جولة كاميراتها في كل من دمشق وحمص وريف اللاذقية، مما يهدد بخروج هذه الأعمال من موسم رمضان لعام 2025، ويترك فراغاً واسعاً لغياب أبرز المخرجين والممثلين السوريين عن خريطة الدراما العربية، ويهدر موازنات مالية ضخمة رصدت لهذه المسلسلات من دون فرصة قريبة لاستئناف تحقيقها.
يأتي على رأس الأعمال الدرامية التي توقف تصويرها مسلسل “تحت سابع أرض” لكاتبه عمر أبو سعدة ومخرجه سامر برقاوي، فالعمل الذي تنتجه “شركة صباح إخوان” انتقل معظم فريق تصويره وممثليه إلى بيروت بمن فيهم بطله تيم حسن، وقالت مصادر من داخل الشركة المنتجة “إنهم يراقبون الوضع ويدرسون خياراتهم”.
وكانت عمليات التصوير انطلقت في أحياء دمشق منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ تدور أحداث المسلسل (30 حلقة) في إطار حي شعبي، وتتشارك كاريس بشار بطولته مع كل من منى واصف وأنس طيارة ومحمد حداقي.
المصير ذاته لقيه مسلسل “البطل” لكاتبه رامي كوسا ومخرجه الليث حجو، وهو من إنتاج شركة “بنتالنس”، وجمع في أول أيام تصويره كلاً من بسام كوسا وفرح بسيسو التي عادت للتصوير في سوريا بعد غياب طويل. العمل مقتبس عن مسرحية “زيارة الملكة” للكاتب ممدوح عدوان، الذي كان شرع عام 2003 في كتابتها كسيناريو تلفزيوني قبل أن يرحل عام 2004 من دون أن يتمكن من إكماله.
وعلمت “اندبندنت عربية” من أحد المشرفين على إنتاج المسلسل (فضل عدم ذكر اسمه) أنه “تم تصوير نحو ثلث العمل في قرية الغسانية في ريف اللاذقية، لكن تطور الأحداث الأمنية وتسارعها في الأيام الماضية دفعا كلاً من مدير التصوير والإضاءة من أصل بولوني، ومهندس الصوت من أصل إيراني إلى طلب الاستعجال في مغادرة البلاد، كما أن معظم الممثلين فضلوا المغادرة عبر الحدود السورية – اللبنانية”.
وللمرة الثانية يوقف فريق مسلسل “حبق” عمليات تصويره، أشهر التحضير الطويلة لإنجاز ديكورات هذا المسلسل تهدد جهد العديد من مصممي الديكور، لا سيما أن العمل الذي كتبه بلال شحادات مع مخرجه باسم السلكا يتناول فترة زمنية تمتد بين عامي 2010 و2024، ويرصد بدقة حالة التحول الاجتماعي لطبقات مسحوقة في أحياء العشوائيات المنتشرة حول دمشق.
يجمع “حبق” كلاً من كاريس بشار ومهيار خضور في قصة حب بين فتاة تدعى سليمى وشاب اسمه طيف، وتتنازع العاشقين رياح التغيير مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، ويلعب بطولة “حبق” كل من سلوم حداد وفادي صبيح ويزن خليل ونظلي الرواس.
مسلسلات مؤجلة
وتباعاً توقفت تحضيرات المخرجة رشا شربتجي لتصوير مسلسلها الجديد “مطبخ المدينة”، العمل الذي كتبه كل من علي وجيه وسيف حامد كان سيجمع في بطولته كل من سامر إسماعيل وسلافة معمار بعد النجاح الذي حققاه في مسلسل “ولاد بديعة” في الموسم الدرامي الماضي. على مقلب آخر توقفت عمليات تصوير القسم الثاني من مسلسل “نسمات أيلول”، الذي عهدت شربتجي لشقيقها المخرج يزن شربتجي بإكمال تصوير 15 حلقة منه في مناطق متفرقة من ريف حمص الغربي، إذ يبدو أن العملين السابقين يجولان في عوالم الريف والمدينة لرصد صراعات متفرقة في إطار درامي لافت.
ولم ينج مسلسل “العهد” لكاتبه عدنان ديوب ومخرجه محمد زهير رجب من إيقاف عمليات تصويره، ويضم العمل في فريقه كل من نادين تحسين بك وسعد مينه وتيسير إدريس وفراس إبراهيم.
يروي “العهد” ضمن قالب أعمال البيئة الشامية قصة صراع بين عائلتين، ويستلهم هذا المسلسل (إنتاج قبنض) نجاح الأعمال التركية المعربة، ويراهن القائمون عليه على تقديم رؤية فنية مغايرة للحارة الدمشقية، ويقدم صورة عن تقاليد أهلها في الحفاظ على السلم الأهلي على مر العصور.
وقاطع الظرف الراهن في البلاد مقاربة فنية مغايرة للمخرج فادي سليم كان يخوضها منذ أسابيع في تصوير مسلسله “السبع”، فعبر ملحمة درامية تقترب أجواؤها من صراعات القبائل البدائية يطرح المسلسل نموذجاً لأعمال العصابات والتشويق البوليسي، ويلعب بطولة المسلسل كل من عبدالمنعم عمايري وأمل عرفة وباسم ياخور وأمل بوشوشة. العمل الذي كانت عمليات تصويره جارية منذ شهر ونصف شهر في مناطق متفرقة من ريف دمشق، تعرضت شركة إنتاجه “غولدن لاين” لصدمة مغادرة معظم ممثليه إلى خارج البلاد، فيما ينتظر مخرجه استكمال التصوير في ضوء حظر تجوال طاول مدناً مثل دمشق وحمص واللاذقية وطرطوس، مما يعطل عمل فرق التصوير، ويجعل من الصعوبة بمكان إنجاز المشاهد الدرامية في شرطها الفني المناسب.
وتتضارب الأنباء حول توقف عمليات تصوير مسلسل “سكرة الموت” لمؤلفته بثينة عوض ومخرجه مروان بركات، إذ نقلت عمليات التصوير إلى دمشق بسبب الحرب في لبنان، ليعود التصوير ويتوقف مجدداً في العاصمة السورية. يلعب بطولة “سكرة الموت” كل من محمد الأحمد وهيا مرعشلي ورشا بلال ويزن ريشاني، ومن لبنان كل من سارة أبي كنعان ومحمد عقيل. وتدور أحداث العمل حول قصص حب متشابكة وغير مألوفة، وتتصاعد في إطار صادم تصل بشخصيات العمل إلى مآزق درامية متنوعة، وينتظر مخرج العمل العودة لمواقع التصوير في الوقت المناسب، ووفقاً لعقود وقعت مع شركة “ميديا هاوس”.
المسلسلات القصيرة في رمضان… جاذبية أكثر إرهاق أقل
بالمقابل توقف المخرج محمد عبدالعزيز عن استكمال تحقيق حلقات مسلسله الجديد “ليالي روكسي”، الذي انطلقت عمليات تصويره في دمشق منذ سبتمبر (أيلول) الماضي. العمل تأليف ورشة جماعية، ويروي حكاية إنجاز فيلم “المتهم البريء”، أول إنتاج سينمائي سوري منتصف عشرينيات القرن الماضي، ويلعب بطولة “روكسي” كل من منى واصف ودريد لحام وسلاف فواخي وأيمن زيدان، ويعتبر المسلسل (إنتاج شركة أفاميا) من الأعمال المنافسة بقوة لموسم هذا العام، وذلك كونه يعود في أحداثه لفترة مغيبة من التاريخ السوري المعاصر، ويبدو توقف التصوير خسارة موازنات كبرى خصصتها جهة الإنتاج لتصميم ديكورات واقعية تحاكي العصر الذي وقعت فيه الأحداث، ولاسيما حالة الاضطرابات التي شهدتها دمشق بعيد دخول الملك فيصل إليها عام 1920.
وشهدت الدراما التلفزيونية السورية انتعاشاً جزئياً في موسم رمضان 2024، ويتطلع اليوم فنانون ومخرجون داخل سوريا وخارجها إلى إعادة الوفاق في ما بينهم، وإلغاء الرقابة القبلية على النصوص التي كان النظام البائد يتحكم بها عبر لجان تدقق في كل شاردة وواردة، مما يجعل من عودة عشرات الممثلين والمخرجين والفنيين والكتاب المنفيين خارج البلاد بمثابة دفعة قوية للنهوض بالحركة الفنية، إضافة إلى استعادة رؤوس أموال لمنتجين غادروا سورية منذ عام 2011، وهذا ما يمكن أن يرفع سقف التوقعات في هذا القطاع، ويعيد الثقة لسوق الإنتاج الدرامي بعيداً من نبرة التخوين التي عملت عليها أجهزة مخابرات النظام لسنوات طويلة.

اندبندنت عربية – سامر محمد إسماعيل

لمشاركة الرابط: