27 ألف شهادة ماجيستير ودكتوراه مزوّرة يا أبناء… الإنحطاط

لسان حالنا ما كتبه الصحافي المتخصص في التربية جهاد الزين في جريدة النهار :

“يحصل في لبنان مؤخراً تداولُ أنباء عن موضوعَيْن يشهدان على ما وصل إليه قعر بعض ملامح الانحطاط في لبنان. قعر القعر. لن أقول “الإنحطاط اللبناني” ولكن “الإنحطاط في لبنان” لأن لبنان، من حسن الطالع، بل من بقايا حسن الطالع، لا يزال يحمل الكثير من ملامح التقدم والرقي رغم التهديد البنيوي السياسي العام الذي يتعرّض إليه ويصيبه في مواقع كثيرة يؤطِّرها الانهيار الفادح في مؤسسات الدولة والنظام السياسي.
وحيث “يَتَزَبْلَن” الداخل، تتألّق الدياسبورا كتعويض حقيقي ولكن مؤجّل الفعالية لإنقاذ الداخل ذات يوم أو ذات جيل”.

الموضوعان اللذان يبدوان من ملفّين وسياقَيْن مختلفَين هما: الأول الحكم الغيابي الذي أصدرته محكمة فرنسية على راهب لبناني جرى التأكد من ارتكابه جرائم فادحة عنوانها سجل طويل من التحرّش الجنسي بالأطفال والاعتداء عليهم (في لبنان) والثاني هي قضية انكشاف فضيحة قيام “جامعات” لبنانية خاصة، ثلاث منها نالت تراخيص بفعل النفوذ السياسي بتزوير 27 ألف شهادة ماجستير ودكتوراه لأشخاص من حاملي الجنسية العراقية.
“جامعات ” ليس بينها طبعاً وحتما أيٌ من الجامعات التاريخية والكبرى ذات السمعة المحترمة.
وَصَلْنا إذن إلى حيث كنا سنصل بل أكثر من انفجار الوسخ التربوي بعد سنوات على انفلاش التراخيص الجامعية التي يمكن النظر إليها على أنها متلازمة تلازما عميقاً مع الإنحطاط العميق للدولة اللبنانية.
كل وزير تربية وقّع على تراخيص لمؤسسات تعليمية من هذا النوع يجب أن يُحقّق معه ويُساءل.
كلا الفضيحتين، الأخلاقية والتزويرية انكشفتا خارج لبنان: الأولى صدر الحكم فيها في فرنسا والثانية في العراق. وشكرا للمؤسسات العراقية الرسمية الإدارية والقضائية على متابعتها الموضوع داخل العراق.
27 ألف شهادة ماجستير ودكتوراه مزوّرة يا أبناء … الانحطاط. كيف نخبِّئ وجوهنا منكم ومن مستقبلنا.
هذه وحشنة بل “جريمة حرب” تُضاف فوراً إلى سجل انحطاط النظام السياسي اللبناني. لم أسمع أن رئيسي الجمهورية والحكومة دعيا إلى إعلان حالة طوارئ تربوية دفاعاً عن رصيد لبنان الإستراتيجي الذي يتضاءل احتياطُه الذهبي التعليمي الإستراتيجي مع فضيحة بل مع مجزرة تعليمية كهذه.
أسأل هنا من هي المؤسسات الدولية التي يجب أن تتدخل بعد الانكشاف؟
إذا كانت فضيحة الراهب اللبناني تعني الفاتيكان والمؤسسة الكنسية التي ينتمي إليها هذا الراهب فمن يتدخل في العالم أو يجب أن يتدخل للتحقيق في هذه المجزرة التي تعني تحويل البلد الذي يضم بعض أفضل جامعات الشرق الأوسط كالجامعة الأميركية والجامعة اليسوعية وغيرها القليل إلى مكب نفايات “تعليمية”؟
كنا في مستنقع هبوط المستوى التعليمي فصرنا في جحيم التزوير التعليمي… نصدّر أفيون الأمّية القاتل، أمّية ما بعد “الدكتوراه” التي يحملها رعاع “العلوم” المزيّفة الحديثة في دول ومن دول الإنهيار الشامل.
المصدر : النهار

لمشاركة الرابط: