اندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال عقب “مسيرة الأعلام” الإسرائيلية التي قادتها جماعات اسرائيلية متطرفة في شارع صلاح الدين بالقدس المحتلة، حيث جرى الاعتداء على شبان فلسطينيين يرفعون الأعلام الفلسطينية.
وقال مراسل الجزيرة في القدس إن “مسيرة الأعلام” الإسرائيلية وصلت مدخل باب العامود واتجهت صوب البلدة القديمة في القدس المحتلة وسط استنفار كبير لقوات الاحتلال، وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تعليقا على المسيرة إنه لا يمكن لأي قوة غاشمة أن تغير عروبة وفلسطينية القدس.
وأكد المراسل أن الشرطة الإسرائيلية عززت وجودها في البلدة القديمة، وأن طائرات حربية حلقت على ارتفاع منخفض في سماء قطاع غزة تزامنا مع المسيرة.
وهاجم مستوطنون منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم في حي الشيخ جراح بالقدس مما تسبب في إصابة عدد منهم بعد اشتباكهم مع سكان الحي.
وأفاد المراسل بأن قوات الاحتلال قمعت أيضا بقوة مسيرات فلسطينية على أكثر من محور عند حاجز بيت إيل بين رام الله والبيرة، كما اندلعت مواجهات في نابلس والخليل.
كما شهد مخيم جباليا في غزة مسيرة جماهيرية رفضا لمسيرة الأعلام والانتهاكات الإسرائيلية بالقدس وباحات الأقصى.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن طواقمه تعاملت منذ الصباح مع عشرات الإصابات بالرصاص المطاطي والضرب خلال اعتداء شرطة الاحتلال والمستوطنين على الفلسطينيين في البلدة القديمة وفي محيطها بالقدس المحتلة.
وأضاف أن طواقمه تعاملت مع أكثر من 140 إصابة في الضفة الغربية، بينها 18 بالرصاص الحي.
وأفاد نادي الأسير الفلسطيني بتسجيل 56 عملية اعتقال مؤكدة في القدس ومناطق أخرى بالضفة الغربية.
وقد طالب وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس المشاركين في مسيرة الأعلام بالتصرف باحترام، حسب تعبيره.
وقال غانتس إنه لن يسمح بأي استفزازات أو مساس بالسيادة الإسرائيلية وأمن المواطنين.
وأضاف أن إسرائيل تحافظ بصرامة على حقوق المسلمين في القدس، وتحرص أيضا على السماح للإسرائيليين بالسير صوب حائط البراق والاحتفال بيوم القدس.
قوة غاشمة
وتعليقا على المسيرة، قال الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حازم قاسم إن مدينة القدس كانت وستبقى فلسطينية عربية، مؤكدا أنه لا يمكن لقوة غاشمة أو مستوطن غريب عابر أن يغير هذه الحقيقة الخالدة.
وأضاف قاسم أن الشعب الفلسطيني هو صاحب الحق والتاريخ والمكان، وسيواصل دفاعه عن حقه حتى طرد المستوطن الصهيوني، وسيحمي هوية هذه المدينة المقدسة في معركة مفتوحة ومتواصلة مع الاحتلال الصهيوني.
محافظ القدس
من جهته، أكد محافظ القدس عدنان غيث أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول جر المنطقة إلى حرب دينية من خلال الاعتداء على المقدسات، مشيرا إلى أن السلطات الإسرائيلية لم تكن لتتمادى لولا “هرولة بعض الدول المطبعة وازدواجية المعايير الدولية”.
وقال إن الشعب الفلسطيني أثبت اليوم أن السيادة في القدس هي سيادة فلسطينية رغم كل ممارسات الاحتلال، داعيا الشعب الفلسطيني إلى الوحدة وتحصين الجبهة الداخلية للدفاع عن قضيته العادلة.
رئيس الوزراء الفلسطيني
كما قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه إن مسيرة المستوطنين واعتداءاتهم أمر مدان وستترتب عليه تبعات خطيرة، مطالبا المجتمع الدولي وجميع المنظمات الحقوقية بالتدخل لوقف الانتهاكات الإسرائيلية.
واعتبرت الخارجية الفلسطينية أن ما تعرضت له القدس اليوم بمواطنيها ومقدساتها هو “إرهاب دولة واستعمار وفصل عنصري منظم”، مؤكدة أن تفاخر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بمسيرة الأعلام “استخفاف ممنهج بالمجتمع الدولي وقرارات الأمم المتحدة”.
وقد هنأ بينيت كل من شارك في المسيرة مؤكدا أن القدس ستبقى “عاصمتنا الأبدية”، وفق تعبيره.
على الأرض
وكان ألفا مستوطن قد اقتحموا صباح الأحد تمهيدا للمسيرة باحات المسجد الأقصى المبارك بحماية من قوات الاحتلال، في حين أخلت الأخيرة منطقة باب العامود واعتقلت عشرات الفلسطينيين.
بدوره، قال مدير المسجد الأقصى المبارك الشيخ عمر الكسواني إن ما يجري اليوم في الأقصى من اقتحامات واعتداءات من قبل قوات الاحتلال وعدد من المستوطنين المتطرفين “لن يغير من إسلامية المسجد الأقصى”.
وحذر الكسواني -في مداخلة عبر الجزيرة- من أن رسالة الاحتلال اليوم هي أنه يريد نقل المعركة إلى داخل المسجد الأقصى.
وقد دعت هيئات فلسطينية المقدسيين إلى الاحتشاد في باب العامود والبلدة القديمة لمواجهة المسيرة.
باب العامود
كما شارك عضو الكنيست الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير في المسيرة التي بدأها المستوطنون باتجاه باب العامود في القدس المحتلة، علما أن بن غفير كان أيضا في مقدمة مقتحمي باحات الأقصى في فترة ما قبل الظهر، وأطلق تصريحات وصف فيها عمليات الاقتحام وتحضيرات المستوطنين لما تسمى “مسيرة الأعلام” بأنها “يوم سعيد للقدس”.
ونقلت وكالة الأناضول عن صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن قرابة 25 ألف شخص شاركوا في مسيرة الأعلام التي كان مركزها منطقة باب العامود وسط القدس المحتلة.
وبحسب الصحيفة وشهود عيان، فإن المشاركين في المسيرة رددوا هتافات مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما هتف بعض المتظاهرين “الموت للعرب”.
وقال مراسل الجزيرة إن نفتالي بينيت تلقى في وقت سابق اليوم الأحد تقارير أمنية بشأن الاستعدادات للمسيرة.
واعتبر بينيت أن ما سماه رفع العلم الإسرائيلي في “العاصمة الإسرائيلية أمر طبيعي” حسب تعبيره، مطالبا المشاركين في المسيرة الاحتفال “بمسؤولية واحترام”، كما شدد على أن القدس لن يتم تقسيمها.
واعتبرت الرئاسة الفلسطينية أن التصريحات الإسرائيلية لن تعطي الاحتلال الشرعية للسيطرة على مدينة القدس، وأن القدس الشرقية بمقدساتها الإسلامية والمسيحية ستبقى العاصمة الأبدية لفلسطين.
كما أكدت في بيان لها أن القدس بمقدساتها ليست للبيع، وأن السلام لن يكون بأي ثمن.
تصعيد خطير
بدورها، أدانت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين سماح الاحتلال للمستوطنين بتنظيم مسيرات استفزازية وأداء طقوس تلمودية في المسجد الأقصى المبارك.
وقالت اللجنة في بيان لها إن حكومة الاحتلال تقود المنطقة إلى تصعيد خطير، مخالفة بذلك كل القوانين والمواثيق الدولية.
وأشارت إلى أن حكومة الاحتلال المتطرفة تسعى إلى فرض تطهير عرقي بحق أبناء الشعب الفلسطيني وتهويد المدينة المقدسة.
يشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت قرر أول أمس الجمعة الإبقاء على مسيرة الأعلام الإسرائيلية في القدس الشرقية بمسارها المحدد.
وأكد بيان صادر عن ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية أن مسيرة الأعلام لن تمر من باحات المسجد الأقصى، في حين أعلنت الفصائل الفلسطينية في غزة دخول غرفة عملياتها المشتركة في حالة انعقاد دائم لمراقبة التطورات.
المصدر : الجزيرة