يعتبر جيرمي بنثام واحدا من أهم الفلاسفة الإنكليز حيث يصنف الأخير كمؤسس للعديد من النظريات الأخلاقية كما يتجه كثيرون لتلقيبه بالأب الروحي للنظرية النفعية المعاصرة. إضافة لكل ذلك، إمتهن جيرمي بنثام المحاماة ليدون التاريخ اسمه ضمن قائمة أشهر المحامين في تاريخ البشرية.
فضلا عن ذلك قدّم هذا الرجل مقترحات جريئة لإدخال عدد من الإصلاحات على المجتمع الإنكليزي في سعي منه لدعم الطابع الإنساني حيث اقترح الأخير إلغاء العبودية وعقوبة الإعدام والتعذيب وفصل الدين عن السياسة وسن قوانين جديدة تضمن حرية التعبير عن الرأي وتساوي بين الرجل والمرأة ، كما ناضل بنثام خلال مسيرته دفاعا عن فكرة حقوق الحيوان.
تحنيط الجثة لتكون مصدر إلهام
سنة 1769، ترك جيرمي بنثام وهو في عمر 21 وصية طلب فيها بأن يتم تشريح جثته عقب وفاته من قبل الطبيب جورج فوردايس.
فضلا عن ذلك وبناء على وصية ثانية تعود لسنة 1830 طلب بنثام بأن تمنح جثته عقب وفاته للطبيب توماس ساوثوود سميث من أجل تحنيطها لجعلها أيقونة ومصدر إلهام.
ومن خلال وصيته الثانية دعا هذا الفيلسوف إلى وضع جثته المحنطة على كرسي متحرك ونقلها لحضور اجتماعات الجمعيات الأخلاقية. فعلى حسب نظرياته النفعية آمن جيرمي بنثام بفكرة تحفيز جثته المحنطة للحاضرين.
يوم السادس من شهر يونيو/حزيران عام 1832 فارق جيرمي بنثام الحياة عن عمر يناهز 84 عاما وعقب وفاته بثلاثة أيام خضعت جثته لعملية تشريح علنية أجراها الطبيب الإنكليزي توماس ساوثوود سميث.
عقب ذلك قاد الطبيب سميث عملية تحنيط الجثة حيث عمد إلى انتزاع جميع أعضاء الجسد تاركا العظام والرأس فقط، ولتعويض ما تم استئصاله أقدم الطبيب على ملئ الجثة بالقش والضمادات قبل أن يكسوها بالثياب.
ومن أجل تحنيط الرأس إعتمد توماس ساوثوود سميث طريقة تحنيط قديمة تعود أصولها لقبائل الماوري بنيوزيلندا. من خلال هذه الطريقة عمد سميث إلى استخدام حمض الكبريت وإفراغ الرأس من السوائل.
لكن بدل حفظه بشكل أبدي تسببت عملية سميث في تخريب رأس جثة جيرمي بنثام وجعلها قبيحة المنظر ولهذا السبب أقدم الطبيب لاحقا على تعويض رأس الجثة برأس ثان مصنوع من الشمع يحمل ملامح بنثام.
وبالتزامن مع ذلك ومن أجل الحفاظ على شخصية المصلح الإجتماعي تم وضع الرأس الحقيقي لبنثام داخل وعاء زجاجي ليعرض عند قدمي جثته.
شاركت جثة جيرمي بنثام في العديد من المؤتمرات قبل أن تنقل في عام 1850 لتعرض بكلية لندن الجامعية كتقدير له على جهوده في المطالبة بتعميم التعليم ومجانيته.
أثناء فترة وجودها في كلية لندن الجامعية ، وضعت جثة جيرمي بنثام على كرسي داخل صندوق خشبي لتعرض على الجميع.
استغلاله في المقالب والهالووين
وبحسب العديد من المصادر ، شاركت جثة جيرمي بنثام في العديد من المؤتمرات المنعقدة في كلية لندن الجامعية خلال الفترة التي سبقت حلول القرن العشرين قبل أن تتم إعادتها للصندوق.
وفي الأثناء، عمد العديد من الطلبة بالكلية إلى أخذ الرأس الحقيقية لجثة جيرمي بنثام لإستغلالها في المقالب أثناء حفلات هالووين أو ككرة قدم أثناء فترات الراحة.
وفي حدود عام 1975 تعرض الرأس الحقيقي للسرقة حيث طالب الجناة بمبلغ مالي هائل مقابل إعادته، لكن بعد مضي أشهر فقط على هذه الحادثة تمكنت الشرطة من العثور على رأس بنثام في مدينة أبردن بأسكتلندا لتتم عقب ذلك إعادته إلى مكانه.
وفي عام 2013 أخرجت جثة بنثام من الصندوق لتحضر مرة أخرى وبعد غياب طويل أحد اجتماعات مجلس كلية لندن الجامعية وفي الأثناء حظيت الجثة بمرتبة ضيف شرف دون أن تحصل على حق التصويت.
فضلا عن ذلك حصل بعض الأطباء سنة 2017 على الحمض النووي لجيرمي بنثام إنطلاقا من رأسه الحقيقي لإجراء عدد من الأبحاث بهدف دراسة إمكانية إصابة الأخير بالتوحد.
(عن موقع العربية)