حين تدعونا اللغة الى مواكبتها والوقوف على ألفاظها ومعانيها، لا بد لنا أن ندرك أهمية المسؤولية الملقاة على عاتقنا، فنحن أهلها وهي مرآتنا التي تعكس شخصيتنا أمام هذا العالم المحيط بنا، وكم نحن بحاجة لترتيب أمور بيتنا اللغوي من الداخل، كما من الخارج وأن نرسم طريقنا الواضح للنهوض بها وبمستواها الذي يليق بها وبنا .
ولا يكون ذلك إلا بمحاكاة الواقع بعين الإدراك والموضوعية ومواكبة التطور ، ممسكين بقواعد الإنطلاق والتحفيز للوصول الى الهدف، تحدونا نعمة الإنفتاح على لغتنا، كوننا نتغذى من جذورها الضاربة عميقاً في التاريخ ، ونتفيأ أغصانها الوارفة الظلال، فينبثق لدينا حب الإهتمام بها، وتتجلى أمامنا مفاتيحها ،فنكشف عن أسرارها التي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالقرآن الكريم، وفتحت الآفاق على العارفين والمهتمين لسبر أغوارها ومفاتنها.
أراني في هذا المجال حريصاً على السير بها إلى حيث يكمن الإبداع، ويختمر العلم، وتسطع شمسها من جديد على جبين هذه الأمة المباركة،
كما أراني أقرأ في معجمها بوح الإنعتاق من الشوائب التي أساءت إليها ، حتى تعود صافية على ألسنة الناطقين بها ، ولا يكون ذلك إلا من خلال مجموعة من الخطوات التي تشكل تجدداً وحضوراً فاعلاً لنا على مسرح العولمة، ومن ذلك :
1-التصالح بين الذات الفردية والذات الجمعية.
2- تشجيع الناشئة على استخدامها والتكلم والكتابة بها .
3-إقامة الندوات والمؤتمرات التي تتصل بتطويرها وتحديث مصطلحاتها.
4-إيجاد خارطة طريق واضحة المعالم تخصص لتدريس العربية بكفاءة عالية من خلال اختصاصيين في مرحلة التأسيس.
5- التركيز على استخدام الفصحى في المدرسة والمنزل.
6-السعي لإغناء ثقافة الفرد بمخزون لغوي كاف يمكنه من التصويب والإبداع.
7-دعوة المجامع العلمية الى إحياء عمليات الإشتقاق والتوالد اللغوي بما يتناسب مع العصروالحداثة .
8- تأهيل الكادر التعليمي وإماطة اللثام عن المصطلحات التي لا تزال تقبع في كهوف النسيان، وإعادة الألق لها عبر استخدامها .
9- إرشاد الأجيال الصاعدة والشباب نحو قراءة الكتب وبخاصة الأدبية منها .
10-استنهاض الأندية والمحافل اللغوية ، ودفعها الى المزيد من العمل النوعي لبناء ثقافة الأجيال ، وشحنها بطاقات جديدة تواكب العصر .
11-تمكين المؤسسات التربوية وتأمين الحوافز والأنشطة، التي تساعد على الإرتقاء بالمستوى والتطوير.
12-نشر الأعمال الأدبية واللغوية بين الطلاب والمهتمين، لتمكينهم من إيجاد أنفسهم على مسرح الحياة الأدبية واللغوية.
13 –إعلاء شأن اللغة العربية في المحافل الدولية كي تشكل لنا صبغة خاصة تميزنا عن الأمم الأخرى.
14- الإرتقاء الى مستوى الخطاب الإلهي الموجه لنا : “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر” فإن رصيدنا في هذا المضمار غني بما فيه الكفاية .
وفي الخلاصة علينا أن نستعد للعمل الدؤوب والسير بخطى حثيثة نحو تحقيق الحلم المنشود ، كي نؤمن للغتنا العربية المزيد من الحضور والتجدد والسؤدد ، والله في عوننا طالما كانت النية صافية نحو لغتنا وأهلنا وكتابنا الكريم ، وأن نعتمدها طريقاً للمعرفة كباقي اللغات الحية حتى تليق بنا وبعروبتنا وبحبنا للحياة الحرة والكريمة .
د.طلال الورداني







