حديثنا اليوم عن صوص (عاطفي) بالمعنى السلبي، أي أنه بسبب عاطفته المفرطة تجاه أولاده يرتكب كل محظور ويقتحم كل محرم ويتخطى كل عيب…
فشعاره (أولادي أهم شيء بحياتي ..وان شاء الله حتى اسرق وأنهب المهم يكونوا مبسوطين..!!) وهذا هو بصراحة سبب صوصنته..
فهو يرى الرجولة في تأمين كل متطلباتهم وحاجاتهم دون البحث عن الكيفية أو عن الطريقة، فالمهم (ما حدا يحس إنه ناقصه شي..)!!
صوص يزرع المفاهيم الفاسدة في نفوس أبنائه ويجعلهم دائما غير قانعين، همهم الاول والأخير الحصول على كل شيء في أي وقت وبأي ثمن…
(طيب يا سيد سليم.. شو رأيك بالقناعة…)؟!؟
أليست نعمة إذا ما مارسها الإنسان ضمن مفهومها الواعي والصحيح..؟!؟
أليس الرضا مع العمل والسعي نحو الأفضل أحسن(بميت مرة) من وصول الشيء إليك دون تعب أو جهد…؟!
ثم يا سيد سليم .. بعد رحيلك (بعد عمر طويل) من الذي سيؤمن كل حاجات الأبناء إذا كانوا قد تربوا على مبدأ (بدي… حاضر)..؟!؟
الأولاد نعمة..؟؟ طبعا..!!
مسؤولية..؟؟ أكيد..!!
رعاية..؟؟ بدون شك..!!
ولكن أبدا وألف أبدا ليسوا سببا لفساد الآباء والأمهات.. فالرجولة ليست يا سيد سليم (وما بعرف كيف سموك سليم..!!) بأن ينال الأبناء كل ما يريدون، ولكن الرجولة في أن يتعلم الأبناء العمل والسعي والاجتهاد في سبيل الوصول إلى الهدف والحصول على ما يريدون..
الرجولة أيها الصوص هي في أن يتيقن الأبناء بأنه ليس كل شيء نتمناه في حياتنا ندركه ولكن السفن أحيانا كثيرة تجري بما لا نشتهي… و(هاي سنة الحياة)..؟!؟
فالرجل هو الذي يسعى فإن حصل على ما يريد سعد وفرح، وإن لم يحصل كان اجتهاده وسعيه الجائزة التي نالها.. ويا لها من جائزة كبيرة جدا جدا … (بس بدَّك مين يفهم)..!!
نعم… أيها الصوص.. ليس من المفروض لأن تكون رجلا أن تتحول إلى عبد لتلبية شهوات أبنائك وبناتك، وليس من المطلوب أن تعتدي على مجتمعك وعلى محيطك لتسعد أبناءك..
(يا خيّ شو عم تقول… الضنا غالي)..؟!؟
طبعاً (الضنا غالي) ولكن هذا لا يعني أن أضيِّع حاضره ومستقبله بتربية فاسدة وتنشئة باطلة (تنسف) القيم و(تفجّر) المبادئ و(تفخخ) الأسس..!!
(الضنا غالي) حين نعلمه كيف يكون رجلا بكل ما للكلمة من معنى..؟!؟
(الضنا غالي) حين يكبر أمام أعيننا ليصبح رجلا كاملا نفتخر به، ويتحمل شيخوختنا ويراعي كهولتنا وهو معتمد على نفسه..؟!؟
(الضنا غالي) يا سيد (سليم) إذا كان (سليما).. أما إذا فسد (الضنا) فنحن من سيدفع ثمن غلاوته تلك..؟!؟
الضنا يا سيد سليم لا يكون (سليما) إلا إذا غرسنا في نفسه شرف الاعتماد على النفس والعمل والسعي ومواجهة الحياة…؟!؟
وأخيرا .. الضنا يا سيد (سليم) لا يكون (سليما) إلا إذا علمناه مبادئ السلامة وأسس الأمانة وأصول الكرامة والكفاح والاجتهاد وجعلناه مستعداً لمواجهة حقيقة الحياة الواقعية.
أما إن كان اعتمادنا في تربيته على سياسة (يقبرني) و(طلباتك أوامر) و(ما بنرفضلك طلب) و(أنت بتأمر ونحن بنفِّذ).. فحينئذ لن نخرِّج إلا صيصان تملأ الدنيا (بعبعة) و(عجقة) و(تفقّس صيصان متلك)…؟!
الشيخ بهاء الدين سلام
باحث ومحاضر في مجال تنمية الفكر، حاصل على إجازة في اللغة العربية وماجستير في الدراسات الإسلامية ويتابع حاليا شهادة الدكتوراه في الإعلام الإسلامي.
عمل مديرا للمركز الإسلامي للإنماء والإعلام – بيروت، وكاتبا في عدد من الصحف العربية وهو حاليا رئيس القسم الإسلامي في جريدة اللواء اللبنانية.
له برامج إعلامية متعددة تصب كلها في مجال تنمية الفكر البشري من خلال التعاليم الإسلامية، منها برنامج خير الكلام على تلفزيون المستقبل وبك أصبحنا على إذاعة القرآن الكريم إضافة إلى برامج إذاعية متنوعة في مختلف الإذاعات اللبنانية.
كما له العديد من المؤلفات والمقالات والأبحاث والمحاضرات والندوات التي ألقاها في عدة مناسبات في لبنان وخارجه.