مع اقتراب الاستحقاقات البلدية، نشهد اندفاعًا غير مسبوق للترشّح، وكأن المجالس المحلية هي خشبة خلاص أو منبر للشهرة أو حتى تسوية علاقات اجتماعية. يطرح المرشحون برامج طموحة، يعدون بالنهضة والتنمية والتغيير، ولكن قلّة قليلة منهم تجيب عن السؤال الأهم: كيف سيتم تمويل هذه البرامج؟
الخبرة اللبنانية تُظهر بوضوح أن معظم المجالس البلدية السابقة عجزت عن تنفيذ الحد الأدنى من خططها، ليس بسبب غياب النوايا أو الكفاءة الفردية فحسب، بل بسبب غياب التمويل وضعف دعم الدولة المركزي للبلديات. اليوم، تتكرر التجربة، لكن هذه المرة وسط أزمة مالية خانقة ومؤسسات شبه منهارة.
في هذا السياق، يصبح مشروع كل مرشّح عرضة للتساؤل:
• هل يملك خطة حقيقية لتأمين التمويل؟
• هل يعتمد على حزبه السياسي؟ على شبكة علاقاته؟ على الجهات المانحة؟ أم فقط على الخطابات الشعبوية؟
• وهل فعلاً يدرك حجم التعقيدات الإدارية والمالية التي يواجهها أي مجلس بلدي في لبنان؟
المشكلة ليست فقط في غياب التمويل، بل في غياب الاعتراف بذلك. فحين يبني المرشّح برنامجه على وعود غير قابلة للتطبيق، يُنتج خيبة عامة إضافية ويُفاقم فقدان الثقة بين الناس والسلطة المحلية.
أما التنمية المحلية التي يتغنّى بها كثيرون، فهي لا تنهض بالشعارات، بل بخطط مدروسة وموارد مضمونة وإدارة شفافة. والمجالس البلدية ليست مجرد هيئات تنفيذية، بل بيئات حوكمة تحتاج إلى قدر عالٍ من الاستقلالية، التخطيط، والربط بين المجتمع المدني والقطاع العام.
فليترشح من يشاء، ولكن فليجب أولًا عن سؤال بسيط ومركزي:
على ماذا ترتكز حملتك؟ ومن سيموّل تنفيذها؟
مقالات للكاتبة إكرام صعب [email protected]







