كتبت صحيفة “النهار”: مع اًن مضي إسرائيل بلا هوادة في استراتيجية تكثيف عمليات اغتيال القادة الميدانيين والعسكريين البارزين في “حزب الله” عاد يطغى على المشهد الميداني نظراً الى التداعيات التي ترتبها في ظل اغتيال إسرائيل أمس مرافقاً سابقاً للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله على طريق دمشق – بيروت، وهو الاغتيال الثالث في غضون عشرة أيام، غير أن التحرك الداخلي الجديد على خط ملف الأزمة الرئاسية استاثر بالاهتمامات السياسية.
وبرز في هذا السياق تطور يُستبعد أن يقابله الفريق “الممانع” باستجابة مرنة لكنه عكس واقعياً إصرار القوى المعارضة على فتح منفذ جديد للازمة الرئاسية من خلال طرح يتعامل بإيجابية مع مبدأ التشاور الاستباقي أو المواكب للجلسات المفتوحة لانتخاب رئيس الجمهورية، ولكن من دون تسجيل أعراف جديدة تُعد انتهاكاً للدستور.
هذا البعد برز في مضمون الاقتراحين اللذين طرحتهما القوى المعارضة أمس واللذين ستبدأ جولتها على الكتل النيابية اليوم وغداً لشرحهما ومحاولة استقطاب الكتل وإقناعها باعتماد أي منهما، ولو أن الشكوك مثلت حيال ردة فعل القوى “الممانعة” لا سيما منها الثنائي الشيعي باعتبار أن الطرحين المعارضين لا يسلّمان لرئيس المجلس بالإمساك بناصية التحكم بالتشاور وقيادته خارج الأصول الدستورية والقانونية.
واجتمع سفراء مجموعة الدول الخماسية بعد ظهر أمس في قصر الصنوبر مع اللجنة المصغّرة لقوى المعارضة النيابية وتسلموا منها نسخة عن “خريطة الطريق” الرئاسية التي أطلقتها المعارضة أمس من مجلس النواب، على أن تلتقي اللجنة على مدى اليوم وغداً جميع الكتل النيابية للبدء بمشاورات حيال الاقتراحين.
وكشف مصدر معني بأن سفراء الخماسية تلقوا بارتياح ملحوظ مبادرة وفد المعارضة، علماً أنهم رحبوا في كل مرة بكل تحرك داخلي يهدف إلى تحقيق اختراق في الأزمة وانتخاب رئيس للجمهورية. واعتبر السفراء أن أي جهد أو تحرك داخلي للنواب أو القوى السياسية هو موضع اهتمام وتشجيع لدى السفراء.
وتضمنت الورقة التي وضعتها قوى المعارضة وتلاها في مجلس النواب عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب غسان حاصباني اقتراحين وفي الأول: يلتقي النواب في المجلس النيابي ويقومون بالتشاور في ما بينهم، من دون دعوة رسمية أو مأسسة أو إطار محدد حرصاً على احترام القواعد المتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية المنصوص عنها في الدستور اللبناني.
على أن لا تتعدى مدة التشاور 48 ساعة، يذهب من بعدها النواب، وبغض النظر عن نتائج المشاورات، إلى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية، وذلك حتّى انتخاب رئيس للجمهورية كما ينص الدستور، من دون اقفال محضر الجلسة، ويلتزم جميع الأفرقاء بحضور الدورات وتأمين النصاب.
وفي الاقتراح الثاني: يدعو رئيس مجلس النواب الى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، ويترأسها وفقًا لصلاحياته الدستورية، فإذا لم يتم الانتخاب خلال الدورة الأولى، تبقى الجلسة مفتوحة، ويقوم النواب والكتل بالتشاور خارج القاعة لمدة أقصاها 48 ساعة، على أن يعودوا إلى القاعة العامة للاقتراع، في دورات متتالية بمعدل 4 دورات يومياً، من دون انقطاع أو اقفال محضر الجلسة، وذلك إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية، ويلتزم جميع الأفرقاء بحضور الدورات وتأمين النصاب.
“القوات” والكتائب .. وكتلة بري
تزامن ذلك مع تشديد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على أن “البعض يقول إن هناك 86 نائباً على استعداد للمشاركة في طاولة حوار رسمية يرأسها الرئيس نبيه بري. وإذا كان هذا الكلام صحيحاً فلماذا لا يُقرنون القول بالفعل بجلوسهم قدر ما يشاؤون حول طاولة برئاسة الرئيس بري؟”.
وأعلن أن “ما يهمنا على مستوى “القوات اللبنانية” والمعارضة هي المرحلة الثانية المتعلِّقة بالدعوة إلى جلسة مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس للجمهورية، لأن المرحلة الأولى، بالنسبة إلينا، غير دستورية. أما في ما يتعلّق بـ”القوات اللبنانية” والمعارضة، فنحن في حوار دائم بين بعضنا البعض، وأنتج هذا الحوار الاتفاق على مرشّح أول ومرشح ثانٍ، كما أننا في حوار مفتوح مع أكثرية الكتل النيابية سعياً لانتخاب رئيس للجمهورية وفقا للنصوص الدستورية، وهذا الحوار يحصل بشكل دائم مع فارق أنه بعيد كل البعد عن الطبل والزمر والاستعراضات الخنفشارية. ولن نقبل بأي حال من الأحوال أن نكون في عداد من يشارك في خلق أعراف دستورية من خلال استيلاد طاولة حوار رسمية قبل انتخاب رئيس للجمهورية”.
كما أن المكتب السياسي الكتائبي أكد “تبنيه الكامل لخريطة الطريق التي أعلنت عنها قوى المعارضة لمقاربة الاستحقاق الدستوري وتمسّكه بانتخاب رئيس للجمهورية مناسب للمرحلة قادر على صون الدستور والسيادة وعلى تمثيل لبنان والحفاظ على مصالحه ويلتقي عنده اللبنانيون ولا يفرض عليهم رغماً عن ارادتهم”. وأكد “رفضه لأي سوابق وأعراف من أي نوع تمارس خارج القواعد المتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية كما حددها الدستور اللبناني”.
في المقابل، سارع عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم إلى الإعلان “أننا لم نرَ جديداً من الطروحات المعارضة بل هي أفكار يتمّ تردادها منذ فترة، ولم تبدد في حقيقة الأمر. جل ما تريده المعارضة أن تأخذ الامور الى حيث تريد، وإن كانت قبلت بمبدأ التشاور لكن وفق رؤيتها بعيداً من الأصول التي يجب أن تتّبع للوصول إلى نتيجة، وليس وفق افكار تُطرَح ولا يُعرَف إلى أين تأخذنا في النهاية”.
المصدر : النهار