تتوالف حركتا الطفلتين هيا ومرام برغوت مع بعضهما بعضاً. تناغمٌ واضحٌ وأسلوبٌ مشوّق تتبعانه في كل حلقة جديدة تقدّمانها عبر موقع يوتيوب. تناسق الكلام والوجه الطفولي لهما أمام الكاميرا، لفت أنظار المتتبعين لموهبتهما في فترة زمنية قصيرة، راسمتين بفكرتهما الإبداعية مستقبلاً مشرقاً يلمع في عينيهما.
“Two Sisters Tube” هو اسم القناة الترفيهية التي أنشأتها الأختان هيا (15 عاماً) ومرام (13 عاماً) على موقع يوتيوب، رغم صغر سنهما، إلا أنهما استطاعتا تقديم 19 حلقة خلال مدة لا تتجاوز الشهرين، إذ جذبتا بأسلوبهما عدداً كبيراً من المتابعين لهما من غزة وخارجها.
لم يكن في مخيِّلة الأخت الكبرى، هيا، عندما راودتها فكرة عمل برنامج ترفيهي على يوتيوب، أن تكون الفكرة ذاتها راسخةً في ذهن الأخت الصغرى مرام. حينها، أصرّتا على التدرّب في الإلقاء مراراً وتكراراً أمام المرآة المعلقة على حائط غرفتهما، لتكونا جاهزتين للمثول أمام الأب الذي كان مفتاح دخولهما لعالم السوشيال ميديا.
بدايات الفكرة توضِّحُها هيا ، عندما كانت تتابع برامج على يوتيوب، إذ تشجَّعت وقتها لخوض التجربة، كونها كانت تشعر بقدرتها على الإلقاء. وتضيف هيا بأنَّ الترابط والتناسق بينها وبين أختها كان واضحاً لدى الناظرين على أنّهما توأم، إذْ تقدمان معاً برنامجاً ترفيهياً متنوّعاً، يتضمّن ألعاباً ومفاجآت وبعض التحديات. وتشارك الأختان الناس لحظات من يومياتهم وحياتهم في مدينة غزة المحاصرة إسرائيلياً منذ أكثر من عشر سنوات.
وتَعتبِر الأختان فكرة “Two Sisters Tube”، تحدّياً لهما في ظل صغر سنّهما، وانشغالهما في الوقت ذاته بالدراسة والتفوّق في مرحلتهما الإعدادية. إذا يحتاجُ تقديم برنامج كهذا إلى الكثير من الجهد والتدريب والتحضير، الأمرُ الذي ساعدهما على كسر حاجز الخوف والخجل على صعيد شخصيتهما. وتتابع هيا عن أن التجربة في إنتاج أول حلقة من البرنامج الترفيهي، كانت صعبة نوعاً ما، لكنّها كانت بداية الطريق نحو ما وصلت إليه الشقيقتان.
وتقول هيا: “سعينا من خلال برنامجنا على تقديمه بطريقة عفوية أكثر من كونه برنامجاً يتعلق بنصوص وقواعد تحكم الإلقاء. الأمر الذي جعله أكثر قرباً للمتابعين، وحاز إعجابهم”.
وتوضّح هيا بأنّ الهدف من القناة هو إيصال صورة الحياة الطبيعية في غزّة، وبعض اليوميات التي يعيشونها للخارج، إضافةً إلى تضمين رسائل توعوية وتربوية من خلال الحلقات التي تنتجانها بأسلوب جذاب للمشاهدين، وبعيداً عن الملل الذي قد يُنفّرهم. بدورها، تدعم الأخت الصغرى مرام الأهداف المشتركة مع شقيقتها، عدا عن أنها تسعى لإظهار موهبتها في تقديم برنامج يوتيوبي بغض النظر عن صغر سنها. إضافة إلى أنها تريد تحفيز الأطفال من حولها على عدم الخوف من خوض التجارب في أي شيء يدور في ذهنهم.
وتبين مرام أنّ إنتاج الحلقة يمرّ عبر مراحل من إعداد الفكرة، وتكوين النقاط الرئيسية عن الموضوع الذي ترغبان في طرحه للمشاهدين. ومن ثم التصوير داخل أحد الغرف الصغيرة في منزلهما، والتي أضاف لها والد الفتاتين بعضاً من المواد العازلة للصوت والديكورات البسيطة والمعدات التي صنعها غالباً بيديه.
وتضيفُ الأخت الصغرى، عن أن مشروع القناة سبّب بعضاً من المشاكل في تنظيم وقت الدراسة والتفرّغ للمشروع. لكن مع مرور الوقت، استطاعتا تحديد أوقاتهما جيداً، مبينةً أن التضاد في فترة الدوام المدرسي بينها وبين أختها صباحاً ومساءً، كان تحديّاً لهما في تنظيم أوقاتهما الدراسية والعملية.
وتطمح الأختان إلى الوصول بالقناة لبر النجاح، والتميز بين البرامج المشهورة على موقع يوتيوب، ساعيتين إلى أن تكون بمثابة البوابة للنجاة من انعدام الأفق والطموح في قطاع غزة، في ظل الظروف المعيشية السيئة التي يمر بها، ناهيك عن سعيهما إلى التفوق والوصول لمراتب متقدمة في مستويات تعليمية عالية.
المصدر: “العربي الجديد”