مغرم بأشعار نزار قباني ويستمع لأغاني أم كلثوم
” طردوني من مدرسة الفرير لمشاركتي بإضراب طلاب الكتائب”
حاورته إكرام صعب
تحار وأنت في طريقك للقاء به هل تحدثه عن السياسة أم عن الطب لتجده بعد الحديث طبيب يعالج الناس بأسلوبه السياسي اللبق، يحللّ، يشخصّ ويصف الدواء ولكن من خلف المنابر ، معه تنتقل من حيث هموم البلد وشجونه ، وكل ما يزعجه فيها وخصوصاً في هذه المرحلة ، الى زمن البراءة الممزوج بالمشاكسة والتي كانت إحدى إشارات حنكة أحمد شوقي فتفت .
تقرع باب منزل الوزير والنائب والدكتور أحمد فتفت فتفاجأ بأنه هو من يفتح لك الباب بالترحاب فتشعر وكأنك في منزل أحد أعز الأصدقاء أو أنك في بيت إعتدت دخوله يومياً .
السؤال الأول ” كيف القهوة”؟ تترك أوراقك جانباً وتجالس وزيراً عُرف بدماثة خُلُقه وشخصيته الصلبة العنيدة .
يبتسم الطبيب والإختصاصي في الأمراض الداخلية وأمراض الجهاز الهضمي ، حين يعرف بأن الأسئلة ستتمحور حول طفولته والحديث عن ذكرياته وشهاداته وقصصه الجريئة ، وأغانيه المفضلة وهواياته وكل شيء جميل في حياته الاّ السياسة ، ولو أن هذه الأخيرة هي من صلب مسيرة أحمد فتفت الطفل والطالب والطبيب .
ولمجرد أن تنطق بالسؤال الأول ، ترتسم الإبتسامة على وجنتي النائب والوزير ويعود الى الماضي البعيد- القريب بفرحة ارتسمت على محيّاه مردداً بيت الشعر الشهير للشاعر عمر ابو ريشة “شرف الوثبة ان ترضي العلى … غلب الواثب أم لم يغلبِ”، ابتسامة ترجمت حماساً في حديثه وفي نبرة صوته وفي لهجته الشمالية المحببّة ، ما يُضطرك للقول “رويداً رويداً دكتور كي أستطيع متابعتك”.
صفحة صفحة يقلّب السياسي أحمد فتفت كتاب حياته من دون أن يستثني ولو فقرة واحدة منها واذا ما شعر بفقرة تفوته ، استوقفك وأعاد بك الى حيث يريد.
الحديث معه كان شيّقاً استهله بعبارة : أنا ابن عائلة متواضعة ، والدي كان في سلك قوى الأمن الداخلي وتقاعد باكرا لأسباب صحية .
ويضيف ” ثم عمل في الزراعة وبعدها صار مختار بلدتنا سير الضنية ، وهو لم يحمل الشهادات لكنه كان حافظاً للقراّن الكريم ولآلاف أبيات الشعر ، وديوان عنترة ، وكان من المعجبين بالمتنبي ، وبالشاعر أحمد شوقي الذي أسماني تيمناً به ، أحمد شوقي محمد خضر فتفت .
ويتابع متذكرا ” شغل والدي محمد خضر فتفت منصب نائب في البرلمان ما بين عامي 1960-1964 ومن ثم ما بين عامي 1968 -1972 وكان له دور جتماعي بارز حيث أسسّ لجنة الصلح في الضنية أثناء أحداث 1958.
أما والدتي فهي ابنة جيزار سعد الدين رعد وهو أول رجل إنمائي في المنطقة ، وهو من بنى أول محطة كهرباء في الضنية ، وكانت تعمل على المياه في عام 1934.”
ويقول بفخر ” أنا من مواليد 28أذار-مارس عام 1953 شارحاً بين مزدوجين “28 بالنسبة لي تعني 14 +14=28 غامزا بذلك من قناة محبته لحركة 14 اذار ويتابع” لي أخّان يكبراني سنّا من أب سوري يحملان الجنسية السورية وبعد وفاة والدهما ، عادت أمي الى لبنان وتزوجت بأبي لتنجب بعدها مولودا أسمياه خضر عاش يوما واحدا وتوفي ، لأكون أنا المولود الذكر الرابع لأمي لتحمل بعدها لقب “أم أحمد” ويضيف” لدي خمس أخوات : ندى ومهى ونهى ومنى وهدى وأخ يصغرني بتسع سنوات يدعى أمين “.
الوزير الطبيب والنائب أبو سامي ، متزوج من السيدة رولا نزيه المظلوم ولهما ولدان سامي 27 سنة وزياد 25 سنة والشابان لم يدخلا عالم السياسة أقله في الدراسة فإكتفيا بالإختصاصات المصرفية وعلم الاقتصاد ” عن رفيقة دربه يقول” التقينا في مستشفى المظلوم وهو مستشفى يملكه والدها في مدينة طرابلس كنت امارس مهنة الطب هناك والتقيت بها في المستشفى اثناء زياراتها لوالدها السيد نزيه المظلوم .
في الفرير ” لازم تحكي فرنساوي ”
عن طفولته يحكي فيقول ” بدأت في سير الضنية مرحلة الابتدائي انتقلت بعدها الى مدرسة الفرير في منطقة الزاهرية في طرابلس بناء على رغبة أمي ، ويضيف ضاحكا “كان بدها ياني إحكي فرنساوي” ويستطرد ” أدخلوني لمدة 4 سنوات في القسم الداخلي هناك والسبب كان من وجهة نظر الأهل محاولة الحد من ظاهرة المشاكسة التي كنت أعرف بها آنذاك “كان بدهم يربوني” في هذا الأسلوب يضحك الوزير والنائب ، ويكمل ” لم أستسغ فكرة النظام الداخلي لكني لم استطع رفضها وكل ما كنت أقوم به أن أنفذ رغبة والدي ، وهي أن أحصل على العلامات العالية خلال الأسبوع لأتمكن من زيارتهم في نهايته ، كانت الساعات طويلة وعانيت الكثير من شعور الإبتعاد عن الأهل ، إلا أنها مرحلة جعلتني أفهم مبدأً طبعته في بالي طيلة حياتي “كن قوياَ ونظيفاَ وافعل ما شئت “.
بداية العمل السياسي
بدأت بالعمل في السياسة يقول فتفت في عام 1969-1970 تحديداً ، بإنضمامي إلى المقاومة الفلسطينية في عام 1970 ثم إلى جبهة التحرير العربية ، وكان لدي رغبة قوية بالإنضمام الى حركة فتح ، إلا أنني لم أقبل لأن والدي كان نائباً في مجلس النواب ، وهذا يسبب المشاكل للحركة كما قالوا لي ، وتكرر ذلك مع حزب الجبهة الشعبية ، فما كان علي إلا أن أختار جبهة التحرير العربية ، التي كانت تابعة للعراق انذاك في عام 1970 ، وذهبت يومها إلى مخيم نهر البارد ، وبعدها إلى الحدود السورية – الأردنية ..بقيت فترة على الجبهات لكن” من دون قتال “يوضح فتفت ” كل ذلك كان في العطل الصيفية ، أما أيام المدرسة فكنت أعود إلى صفي .
ويتابع ” وما أن مضت ثلاثة أشهر حتى عدت إلى منزلي ، واتخذت موقفاَ ضد جبهة التحرير لأن الجيش العراقي حينها ، رفض مساندة القضية الفلسطينية في الأردن في أيلول الأسود.
وبعد عام 1970 يتابع ” تقربت من الحزب القومي السوري وبقيت منتسبا له عاما واحدا ، لأتركه بعد أنت طمحت الى دخول الكلية الحربية في الجيش اللبناني وتقدمت بطلب إلا أنه رُفِض أيضا وللسبب نفسه ، كان أبي عضوا في البرلمان .”
ويوضح فتفت رداً على سؤال ” نعم والدي كان رافضاً لكل تصرفاتي هذه الا أنه كان يترك لي هامشاً من الحرية وعدم الخوض في الصدام الى النهاية ، كنت عنيداً ولكني كنت أحقق له أمنيته الدائمة وهي تفوقي في المدرسة .
ويتابع ” إلى أن جاء اليوم ، واستدعى مدير مدرستي الفرير والدي ليخبره بقرار طردي لأسباب محض تربوية ، تمثلت بحكاية اضراب حزب الكتائب في عام 1971 كنت وقتها في صف البكالوريا القسم الأول ، وكان ذنبي أني تركت الصف وشاركت بإضراب حزب الكتائب . يقول فتفت ” تركت الفرير وعدت الى سير الضنية ودرست للبكالوريا من هناك ونلت وبالرغم من ذلك ومن الاحداث انذاك ، درجة امتياز في الشهادة ، وبعد أن فرح أبي بنتيجتي أعادني الى مدرستي الفريرحاملا علامات تفوقي مرفوع الرأس ، فنلت شهادة القسم الثاني في عام 1972 فسارع والدي متوسطاً الشيخ بيار الجميل ليدخلني إلى كلية الحقوق في الجامعة اليسوعية إلا أنني كنت أريد السفر ، وبالفعل حصلت على قبول في جامعة لوفان الكاثوليكية في بلجيكا ، ودرست الطب هناك وبالرغم من ذلك لم أتوقف عن شغفي بالسياسة ، شاركت في اعمال اتحاد الطلاب الوطنيين اللبنانيين ، ثم رئيساً لنادي الطلاب الأجانب في عام 1976 .
ومنذ عام 1982 عينت نفسي ناطقاً بإسم الحركة الوطنية اللبنانية في بلجيكا وعدت الى لبنان طبيباً في اختصاصي عام 1986وبقيت أمارس مهنتي في عيادتي حتى عام 2005 .
الى الندوة البرلمانية
وفي عام 1992 ترشحت للمرة الاولى للإنتخابات النيابية ، فلم أوفق حينها إلا أن المفاجأة كانت في عدد الأصوات العالية التي حصلت عليها ، ويستطرد فيوضح” لو كانت الإنتخابات على دائرة القضاء كنت فزت وقتها ” ثم ترشحت عام 1996 ونجحت ، ومنذ ذلك التاريخ لغاية اليوم أمثل منطقتي الضنية والمنية في مجلس النواب .
ويردف” منذ عهد الاستقلال ولغاية عام 2000 لم يذكر التاريخ أن شخصاً جددت النيابة له في الضنية بإستثنائي ” .
وعن تلك المرحلة يقول”كنت مقرباً من الرئيس سليم الحص وبقيت في ندوة العمل الوطني لغاية عام 1998 في النيابة الاولى لم أكن أعرف الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، فقد بدأت علاقتي به في عام 1998 تحديدا يوم ترك الحكم أما السبب فكان محاولة توقيف الوزير فؤاد السنيورة انذاك ، وكنت أنا من محبي الرئيس السنيورة ولا زلت .
ويضيف ” أسسنا في عام 1999أول مكاتب لتيار المستقبل في الضنية ثم مكتبا في المنية ثم في طرابلس وعكار ، وكانت النواة في الشمال من الوزير سمير الجسر ومصطفى هاشم ومصطفى علوش وأنا الى جانب فريق آخر .
مشاكس منذ طفولته
وبالعودة الى شخصية الطفولة يرد فتفت مشاكسته السياسية في الطفولة ربما الى ” عمّي الدكتور مدحت فتفت فيقول ” إضطر عمي للهرب من الضنية في العشرين من عمره وأدخل
دار الايتام الاسلامية في صغره ، وبعد ذلك أخذه وفد مصري إلى جامعة الأزهر ، وصار لاحقاً سفيراً للبنان في مصر ..صحيح أنا متأثر بوالدي النائب ، إلا أنني أعتقد بأن مشاكستي ورثتها من عمّي.
ويردف فتفت ” كنت أنوي ترك السياسة لصالح الطب في عام 2004 وجاء استشهاد الرئيس رفيق الحريري ليقلب المعادلة . ويوضح ” المريض الاخير الذي عاينته كان في 12 شباط عام 2005 في عيادتي في مستشفى المظلوم ومنذ وقتها …كانت “.
بين نزار قباني وأم كلثوم ..!
عن هواياته يقول بإبتسامة عريضة ” في الشعر لم أفلح وأنا مغرم بأشعار نزار قباني وألعب طاولة الزهر والشطرنج ، وأستمع الى أم كلثوم دائما في السيارة وخصوصاَ رائعتها هذه ليلتي ، بدأت قصتي مع كوكب الشرق في عمر الخامسة عشرة يوم كنت مغرما بإبنة الجيران في طرابلس ، وعن المطالعة يقول ” هي ونيسي مشيراً إلى آخر كتاب بين يديه باللغة الفرنسية ويحمل عنوان “On est foutu on pense trop ! “.
الدكتور فتفت لا يتابع التويتر وليس من عشاقه ، ولا يكتب كلماته التي يلقيها ، بل يرتجلها مباشرة بعد حادثة حصلت معه وهو صغير ، وبعد أن تمت مراقبة وشطب عبارات من ورقته المكتوبة ، ويختم حديثه لافتا إلى وجود صفحة فيسبوكية خاصة به ” .