يقول الصديق الدكتور عبد السلام علوش خريج “كلية التكنولوجيا” في جامعة الكويت:مما درسناه في العلوم الجامعية ، مادة (حركة الموانع) وبتطبيقاتها على معالم هذا الإنفجار يظهر التالي:
شاء الله أن تكون أكثر الجهات من حول الإنفجار بحرية مفتوحة ، وهذا يؤدي لإمتصاص شدة العصف بنسبة 75% وتحويلها بإتجاه البحر ، لأن الموانع ومنها الغازات ، تتجه في حركتها نحو الأماكن المفتوحة لعدم وجود معوقات.
ويشاء الله أن تقف إهراءات القمح بين عصف الإنفجار وبيروت ، ما حول العصف بإتجاه علوي ، بدل الإتجاه الأفقي نحو المنازل والأبنية ، وهو يفسر الدائرة المفرغة التي ظهرت بسرعة فوق الإنفجار الثاني…وهذا يسبب انخفاضاً في الضغط من حوله ، لسرعة هروب المائع من منطقة السحب بإتجاه الأعلى ، مما يؤدي لسحب الكثير من العصف المتجه نحو بيروت ، فلولا لطف الله لزادت شدة العصف 400% .
وهناك من سخر من مقولة “المفرقعات النارية” ، وآخر تساءل عن استقدام قنبلة نووية صغيرة الى العنبر رقم 12 ؟
بغض النظر عن التوقعات ، فالأهم هو ما أدى اليه الإنفجار أو ما كان سيؤدي اليه وفي كلا الحالتين الأعراض والنتائج تذهب نحو إنفجار غير تقليدي .
ولنا أن نتصور عن عصف وقوة تدميرية مضاعفة 400 مرة عما حدث على رأي الدكتور علوش والتي حال بينها وبين بيروت إهراءات القمح بقدر الله أو ربما فات المعنيين بالإنفجار تدمير الإهراءات أولاً .
لكن فلندع التقنيات جانباً لخمسة أيام بإنتظار نتائج التحقيق الرسمي حسب الموعد المضروب ، وبعيداً عن السجالين الإعلامي والسياسي سيكتفي أو يقتصر على العموميات .
إنها الجرائم الكبرى التي لا ولن يعرف مرتكبها ، وهل هناك جريمة جماعية أكبر من إبادة بيروت لما ترمز من إغتيال وطن .
سيجادل البعض هنا قبيل النطق بالحكم في جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 18 أب 2020 حول ضرورة إنشاء محكمة دولية جديدة في قضية انفجار المرفأ.
وعلى ضوء السلاح النووي الإيراني واستكمال المحاكمات الدولية في قضايا إغتيال الشهيد جورج حاوي ومحاولات إغتيال النائب مروان حماده والوزير السابق الياس المر ، سيستمر مسار الفوضى بإنتظار الإتفاق الإقليمي والدولي على قواعد اشتباك جديدة .
المؤكد أن السلطة في بيروت ، وتحت عنوان التضامن الوطني ستنظر للمأساة من زاوية خلاصها بغية فك أسرها وتخفيف الحصار العربي والدولي عنها أي الإسترسال بالمزيد من التذاكي بعيداً عن تنفيذ رزمة الإصلاحات البنيوية المطلوبة ، فهل ستستجيب عواصم القرار الشقيقة والصديقة سوى للضرورات الطبية والإنسانية الملحة دون خرق الشروط الإصلاحية الصارمة .
الخلاصة : عبثاً يحاول اللبنانيون في الأمن والإقتصاد والمال والنقد وغير ذلك بعيداً عن الإصلاح السياسي .
الفساد لن يحاسب نفسه وسيحول الأمر الى انفجار رمانة لا قنبلة نووية ، وعلى اللبنانيين كشعب وبغياب أية معارضة سياسية معتبرة الإهتداء الى كيفية صناعة معادلة سياسية لبنانية وطنية .
ربما الوجه الرمزي المشترك بين انفجاري 2005 الذي استهدف الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وانفجار المرفأ 2020 هو إغتيال فكرة بناء الدولة على طريق إعادة الإعتبار لفكرة المواطنة .
للمزيد من الإيضاح يمكن أن نقارن الوثائق المصورة عن بيروت قبل وأثناء وبعد زمن الشهيد رفيق الحريري.
لم يعد هناك الآن شيء إسمه مرفأ بيروت فهل علينا القلق تجاه الإرث المماثل على ضوء الأشلاء المتناثرة بفعل الأعمال المركبة بالمعنى “الصهيوني” بشكل مباشر وغير مباشر .
المؤكد الوحيد في هذة اللوحة السوريالية “غرينيكا” أن ست الدنيا بيروت كما السراي تفتقد زمن رفيق الحريري ، الزمن الذي لا يحتاج فيه المواطن الى الأقنعة والدوران حول الشكل لإكتشاف المضمون .
*كاتب صحفي ومحلل سياسي لبناني